قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن الصراع في السودان بين البرهان وحميدتي ليس مجرد شجار داخلي، مؤكدة أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تنظران إلى أن ذلك فرصة لتعزيز مكانتهما المهيمنة في الشرق الأوسط، حيث تدعم السعودية البرهان، بينما الإمارات تدعم حميدتي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأكثر ترجيحا هو أن البرهان وحميدتي يؤسسان مناطق سيطرة متنافسة في السودان تحاكي الوضع في ليبيا، حيث أدى التنافس المستمر بين مختلف الفصائل السياسية والعسكرية إلى خلق دولة مجزأة ذات مراكز قوة متعددة في مثل هذا السيناريو، ستكون قوات الدعم السريع شوكة في خاصرة البرهان والداعمين الخارجيين له – مما يمنح الإمارات نفوذا إضافيا في مستقبل البلاد ويساعد على ترسيخ أبوظبي كقوة بارزة ناشئة في الخليج.
وأكدت الصحيفة الأمريكية أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رفع خصومته مع الإمارات العربية المتحدة إلى مستوى أعلى، خاصة بعد أن التوترات داخل الشرق الأوسط تطلبت من الرياض وأبو ظبي إعطاء الأولوية للشراكة على المنافسة، مشيرة إلى أنهما حليفتين ظاهرتين منذ عقود لكن علاقتهما كانت دائما تنطوي على تلميح للمنافسة على التفوق الإقليمي الذي يتصاعد الآن.
وذكرت أن أبو ظبي والرياض بدأتا في “تبادل الاتهامات في عام 2009، عندما اختلفتا حول مكان البنك المركزي المقترح من مجلس التعاون الخليجي، والذي كان من شأنه أن يعزز اقتصادا خليجيا أكثر توحدا وعملة موحدة. ووافق المجلس على أن تستضيف الإمارات البنك، إلا أن الرياض انسحبت من الخطة في اللحظة الأخيرة دون تفسير. لم يؤت البنك ولا العملة ثمارها منذ ذلك الحين. وبدلا من ذلك، طفت التوترات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على السطح – وأحيانا بعنف بالوكالة”.
وأشارت مجلة “فورين بوليسي” إلى أن أهداف السعودية والإمارات تباعدت في الحرب على اليمن بعد أن كانت شريكتها في 2015، حيث اختارات الرياض دعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بينما اختارات أبوظبي دعم المجلس الانتقالي الجنوبي. وقد منح ذلك الإمارات السيطرة على العديد من موانئ اليمن وجزرها، وبالتالي الوصول إلى مضيق باب المندب والقرن الأفريقي.
وأضافت المجلة الأمريكية أن مكانة أبوظبي لم تتعزز إلا عندما وقعت على “اتفاقيات إبراهيم” التي ترعاها واشنطن لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل” في عام 2020، مشيرة إلى أنه في السنوات الأخيرة، وسعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة منافستهما إلى أفريقيا – والسودان الغني بالموارد والموقع الاستراتيجي على وجه الخصوص.
وذكرت أن دول الخليج دورا مهما في السودان منذ الإطاحة بالبشير، يحث مولت أبو ظبي والرياض على الفور المجلس العسكري الانتقالي، بمساعدات بقيمة 3 مليارات دولار. في ذلك الوقت، كانت المصالح السعودية والإماراتية في السودان متوافقة بشكل عام، وساعد كلاهما في لعب دور في التحول الديمقراطي الذي لم يدم طويلا في البلاد.
وأكدت المجلة أن الرياض وأبو ظبي على خلاف الآن، حيث تسعى كل منهما إلى السيطرة على موارد السودان وطاقته وبواباته اللوجستية من خلال التوافق مع البرهان وحميدتي، على التوالي، مشيرة إلى أنه بينما كانت الإمارات العربية المتحدة تقاتل من أجل الذهب، عملت المملكة العربية السعودية بلا كلل لوصف نفسها بأنها صانع سلام وإنساني في السودان.
وقالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إن الصراع في السودان يمثل “فرصة لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتوسيع وجودهما الإقليمي وسيطرتهما. وبالنسبة للرياض، فإن الانتصار الكامل للجيش السوداني سيعزز مكانتها كقائد في العالمين العربي والإسلامي. وبالنسبة للإمارات، فإن أي مكاسب حققتها قوات الدعم السريع تخلق نفوذا لإضعاف قبضة الرياض على الشرق الأوسط – وهو ما سيكون فوزا لأبو ظبي”.