توقع علماء أن يكون عام 2023 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق، مشيرين إلى أن أزمة المناخ تُغيّر طقس الأرض بطرق غير مفهومة حتى الآن.
وأكد العلماء أن الارتفاع الأخير في درجات الحرارة حول العالم يدق ناقوس الخطر من احتمالية انتقال كوكب الأرض لوضع استثنائي مرعب، ومنطقة مجهولة،
وأشاروا إلى أنه خلال الأسبوع الحالي ارتفع متوسط درجة الحرارة اليومية على كوكب الأرض إلى مستويات غير مسبوقة في السجلات الحديثة التي تحتفظ بها وكالات المناخ في الولايات المتحدة وأوروبا.
وتشير هذه السجلات إلى أن الفترة الحالية هي الفترة الأكثر دفئًا التي شهدها الكوكب على مدار فترة زمنية أطول، ربما تعود إلى ما لا يقل عن 100,000 عام، وفقًا لخبراء في مركز وودويل لأبحاث المناخ.
وفي شهر يونيو الماضي وصلت درجات حرارة سطح الأرض إلى مستويات قياسية، وشهد العالم أحر شهر يونيو على الإطلاق “بهامش كبير”، وفقًا لتقرير صادر عن خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
حرارة سطح البحر
وتقول “كوبرنيكوس” إن المتوسط العالمي لدرجات حرارة سطح البحر وصل الشهر الماضي إلى مستويات غير مسبوقة لشهر يونيو. حيث سجل شمال المحيط الأطلسي درجات حرارة عالية بشكل استثنائي مع العديد من موجات الحرارة البحرية الشديدة.
وأوضحت أن هذه التغييرات مرتبطة بالتغيرات قصيرة المدى في دوران الغلاف الجوي والتغيرات طويلة المدى في المحيط.
ونوهت إلى ظهور ظاهرة النينيو، التي أعلنت عنها مؤخرًا المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وإمكانية دفع درجات الحرارة العالمية إلى “منطقة مجهولة” بحلول نهاية عام 2023 وحتى عام 2024.
مؤكدة أننا في الواقع دخلنا بالفعل إلى منطقة مجهولة بسبب الظروف الدافئة بشكل استثنائي في شمال المحيط الأطلسي.
وأشارت إلى أنه في شهر مايو الماضي، كانت درجات حرارة سطح البحر على مستوى العالم أعلى من أي شهر مايو على الإطلاق، واستمر هذا في شهر يونيو، مع وجود حالات شاذة أكبر مقارنة بالمتوسط.
وتُظهر الألوان البرتقالية والحمراء في الخريطة التالية المناطق التي كانت فيها درجات حرارة سطح البحر أعلى من المتوسط المناخي خلال الشهر الماضي.
ويؤكد الخبراء أن حرارة المحيط كانت خارج المخططات، حيث شهدت أجزاء من شمال الأطلسي موجة حرارة بحرية “غير مسبوقة”، مع درجات حرارة تصل إلى 5 درجات مئوية (9 درجات فهرنهايت) أسخن من المعتاد.
وفي القارة القطبية الجنوبية، حيث ترتفع درجات الحرارة أعلى بكثير من المتوسط لهذا الوقت من العام، انخفض الجليد البحري إلى مستويات قياسية منخفضة، والتي ربطها العلماء بالمياه الدافئة قبالة المحيطين الهندي والهادئ والأطلسي.
وعلق الخبراء على ذلك بقولهم إن العالم “يسير في منطقة مجهولة”، مضيفين: “لم نرَ شيئًا كهذا في حياتنا”.
الاحتباس الحراري
يشعر العلماء بالإحباط نتيجة تجاهل تحذيراتهم التي أطلقوها على مدى عقود بشأن أزمة التغير المناخي وخطورة الاحتباس الحراري، ويقولون إنه على الرغم من أن المؤشرات التي تظهرها السجلات مقلقة إلا أنهم لم يتفاجأوا بها، وكانوا يتوقعون رويتها منذ فترة طويلة.
وأكدوا أن ما يشهده العالم حاليًا هو تأثيرات الاحتباس الحراري مقترنة بظاهرة النينيو المناخية التي أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وصولها رسميًا يوم الأربعاء الماضي.
وأوضح العلماء أن العالم لا يزال يحرق الوقود الأحفوري بكثافة ويضخ التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية بشكل مطرد، وهو ما يؤدي إلى موجات حرارة أكثر شدة تساهم فيها مجموعة من التأثيرات الأخرى، مثل الطقس الأكثر قسوة وذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستويات سطح البحر.
تغيرات مناخية استثنائية
ورغم أن العلماء يؤكدون أن درجات الحرارة القياسية كانت متوقعة، إلا أن مستواها كان مفاجئًا لبعض العلماء، مشيرن إلى أن شهر يونيو الماضي كان أدفأ بنصف درجة مئوية من المعتاد في هذا الشهر، وهو أمر استثنائي بالنسبة لسجل درجات الحرارة العالمية.
ففي الظروف العادية لا يتم تجاوز متوسط درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم طوال الشهر إلا بمقدار عُشر أو حتى جزء من مائة درجة وليس نصف درجة مرة واحدة.
ويُرجع العلماء هذه التغيرات المفاجئة إلى طبيعة الظواهر الجوية المتطرفة، متوقعين حدوث المزيد والمزيد من موجات الحر والفيضانات والجفاف حول العالم.
وأكدوا أن شدة بعض تلك الأحداث يثير الدهشة بعض الشيء، وهناك قلق متزايد من أن تغير المناخ ليس خطيًا تمامًا كما كان يعتقد البعض، ويحاول العلماء حاليًا معرفة ما إذا كانت أنماط الطقس نفسها قد تتغير، مما يجعل موجات الحرارة أكثر حدة مما تتنبأ به النماذج المناخية.
العام الأكثر سخونة
لم يحسم العلماء بعد أمرهم بشأن أن العام الحالي 2023 سيكون العام الأكثر سخونة على الإطلاق، رغم أنهم يقولون إنه في طريقه إلى ذلك بالفعل.
ففي مايو الماضي قّدر علماء أن احتمالات أن يكون عام 2023 هو الأكثر سخونة على الإطلاق تصل إلى نسبة 54%. ونظرًا لأن شهر يونيو الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، فإن هذه النسبة سترتفع، ومن المرجح بالفعل أن يكون عام 2023 عامًا قياسيًا، ويتغلب على عام 2016 صاحب الرقم القياسي الحالي.
ويرى العلماء أن هذا الأمر “محبط للغاية”، فهو يعني أن الناس والنظم البيئية يموتون، وأن الناس يفقدون مصادر رزقهم، وأن الأراضي الزراعية ستكون غير صالحة للاستعمال.
وأوضحوا أن تأثر البشر بالطقس القاسي هذا العام كان صارخًا بالفعل، ففي نهاية يونيو اشتعلت حرارة تكساس والجنوب في موجة حر ثلاثية مع رطوبة شديدة جعلت درجات الحرارة أكثر سخونة، وجعلت من الصعب على الأجساد تبريد نفسها.
وامتدت الحرارة إلى المكسيك، حيث قتلت درجات الحرارة القصوى 112 شخصًا على الأقل بين مارس ونهاية يونيو الماضي.
وتكافح الصين مع درجات حرارة شديدة استمرت لعدة أسابيع، حيث شهدت بكين، التي تواجه واحدة من أكثر موجات الحرارة وحشية على الإطلاق، ارتفاعًا في درجات الحرارة لتتجاوز 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت) هذا الأسبوع.
وفي الهند، تعاني أجزاء من الشمال من درجات حرارة قاسية، بينما تضرر ما يقرب من نصف مليون شخص في شمال شرق البلاد من الفيضانات الشديدة التي تسببت في انهيارات أرضية مدمرة أودت بحياة الناس.
تجاهل التحذيرات
وعبر العلماء عن أسفهم بسبب تجاهل العالم لتحذيراتهم السابقة التي لم يتم الالتفات إليها، مشيرين إلى أن هذا التجاهل أوصل العالم إلى هذه اللحظة التي لم يريدوها أبدًا، مشددين على أنه لم يكن من الضروري أن يحدث هذا.
فعلى مدى عقود، ظل العلماء يحذرون مما قد يحدث لدرجات الحرارة العالمية إذا فشل العالم في التخلص من عادة استخدام الوقود الأحفوري وكبح التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب، لكن هذه التحذيرات تم تجاهلها حتى أصبح ما تم التحذير منه “أمر واقع ومرعب”، خاصة وأن هذا الوضع المناخي القاسي سيستمر في التفاقم ويتطور إلى الأسوأ، وسيصبح أكثر تطرف
“راديو صوت العرب”