مع صباح يوم الثامن من ذو الحجة 1444 وتوافد الحجاج إلى مشعر منى تتجدد في الذاكرة اليمنية قصيدة” يا راحلينَ إلى منىً بقيادي” للشاعر اليمني الذي توفي دون ان ينال مراده بالحج.. من هو؟

177

“خاص”

مع صباح يومنا هذا الثامن من ذو الحجة1444هجرية ،وتوافد الحجاج إلى مشعر منى تتجدد في الذاكرة اليمنية قصيدة” يا راحلينَ إلى منىً بقيادي” للعاشقٍ متقطِّع الأكبادِ ولمَّا صار على بعد 50 ميلاً من مكَّة المكرمة أحسَّ بدنوِّ أجله، فنظم هذه القصيدة، حتى إذا بلغ البيت الأخير منها لفظ أنفاسه وتوفى الفقية والشاعر اليمني دون ان ينال مراده بالحج …من هو؟

صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى

شيخ يمني طاعن في السن  وفي حجه الأخير أخذ محمولاً على جمل، فلما قطع الصحراء مع الحجاج وأصبح على بعد خمسين ميلاً من مكة المكرمة  هب النسيم رطباً عليلاً معطر بعبق  الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول،والمرض يشتد عليه واحس بدنو اجله فنظم قصيدة”تسبيح الحجاج” من “19” تسعة عشر بيتاً ولمّا انتهى من نظم البيت الثاسع عشر والاخير وقوله:
صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى
ما سارَ ركبٌ أو ترنَّمَ حادِ

لفظ انفاسه الاخيرة وتوفى وكان قد قال في مطلع القصيدة:
يا راحلينَ إلى منىً بقيادي
هيجتُمو يومَ الرحيل فؤادي

وجاء في البيت الرابع من القصيدة تمني لزملائه الحجاج حيث قال:
فإذا وصلتُم سالمينَ فبلّغوا
منّي السلام أهيلَ ذاك الوادي

في البيت السادس احس الحاج اليمني بدنو اجله والتمنى من الله عز وجل ان يحقق له مراده قائلاً:
لي من ربا أطلال مكّة مرغبٌ
فعسى الإلهُ يجودُ لي بمرادي

في البيت العاشر من القصيدة الحاج اليمني يتخيل زملائه الحجاج  يؤدون مناسك الحج بدونه قائلا.ً:
الناسُ قد حجّوا وقد بلغوا المنى
وأنا حججتُ فما بلغتُ مرادي

وبعد اداء مناسك الحج  في مكة المكرمة وبدون الحاج اليمني كذلك ينتقل زملائه الى المدينة المنورة لزيارة قبر الرسول الكريم ويقول:
باللَه يا زوّارَ قبرِ محمّدٍ
من كان منكُم رائحٌ أو غادِ

لِتُبلغوا المُختارَ ألفَ تحيّةٍ
من عاشقٍ متقطِّع الأكبادِ

قولوا له عبدُ الرحيم متيِّمٌ
ومفارقُ الأحبابِ والأولادِ

واختتم قصيدته بالصلاة على خير البرية حبيبناوشفعينا محمد صلً الله عليه وآله وسلم بالقول:

صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى
ما سارَ ركبٌ أو ترنَّمَ حادِ

وارتقت روح  عبد الرحيم البرعي  الى الرفيق الاعلى في عام 803 هجرية وبعد 641 عام هجري لايزال الشعب اليمني يصدح بقصيدة “يا راحلينَ إلى منىً بقيادي”
“والقصيدة خالدة في الذاكرة الشعبية اليمنية والتاريخ العربي الاسلامي.

سيرة حياة

عبد الرحيم بن أحمد بن علي البرعي اليماني .. ولد في قرية” النيابتين” جبل برع محافظة الحديدة وتاريخ الولادة مجهول وتوفى في عام 803 هجرية وهو فقية صوفي وشاعر واديب، وله ديوان شعر وقصائد في المدائح النبوية واخر قصيدة له هي” تسبيح الحجاج” وتتألف من 19 بيت هي:

1- يا راحلينَ إلى منىً بقيادي
هيجتُمو يومَ الرحيل فؤادي

2-سرتم وسار دليكم يا وحشتي
والعيس أطربني وصوت الحادي

3-حرمتمُ جفني المنام لبعدكم
يا ساكنين المنحنى والوادي

4-فإذا وصلتُم سالمينَ فبلّغوا
منّي السلام أهيلَ ذاك الوادي

5-وتذكّروا عند الطواف متيماً
صبّاً فني بالشوق والإبعادِ

6-لي من ربا أطلال مكّة مرغبٌ
فعسى الإلهُ يجودُ لي بمرادي

7-ويلوحُ لي ما بين زمزم والصفا
عند المقام سمعت صوت منادي

8-ويقول لي يا نائماً جدَّ السُرى
عرفاتُ تجلو كلّ قلبٍ صادي

9-تاللَه ما أحلى المبيت على مني
في يوم عيد أشرفِ الأعيادِ

10-الناسُ قد حجّوا وقد بلغوا المنى
وأنا حججتُ فما بلغتُ مرادي

11-حجوا وقد غفر الإلهُ ذنوبَهُم
باتوا بِمُزدَلَفَه بغيرِ تمادِ

12-ذبحوا ضحاياهُم وسال دماؤُها
وأنا المتَيَّمُ قد نحرتُ فؤادي

13-حلقوا رؤوسَهمو وقصّوا ظُفرَهُم
قَبِلَ المُهَيمنُ توبةَ الأسيادِ

14-لبسوا ثياب البيض منشور الرّضا
وأنا المتيم قد لبست سوادي

15-يا ربِّ أنت وصلتَهُم وقطَعتني
فبحقِّهِم يا ربّ حل قيادي

16-باللَه يا زوّارَ قبرِ محمّدٍ
من كان منكُم رائحٌ أو غادِ

17-لِتُبلغوا المُختارَ ألفَ تحيّةٍ
من عاشقٍ متقطِّع الأكبادِ

18-قولوا له عبدُ الرحيم متيِّمٌ
ومفارقُ الأحبابِ والأولادِ

19-صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى
ما سارَ ركبٌ أو ترنَّمَ حادِ

المشهد اليمني الأول
المحرر السياسي
8 ذو الحجة 1444 هجرية
26يونيو 2023م

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا