ما أشبه سفينة “تايتانك” الشهيرة التي غرقت في العام 1912 في شمال المحيط الأطلسي بسبب اصطدامها بجبل جليدي وهي السفينة الأضخم في عصرها وقد لقبت بالسفينة التي لاتغرق، لأنها صنعت بأحدث مواصفات السلامة، هذه السفينة شبيهة تماماً بسفينة “التحالف” التي روّج لها في بداية الحرب على اليمن بأنها السفينة التي لاتغرق وأنها ستبحر بهادي حتى توصله بأمان إلى رحاب القصر الجمهوري بصنعاء، وخلال مدّة قياسية، إلا أن هذه السفينة غرقت بعد اصطدامها بجبال نقم وعطان وجبال اليمن التي صمدت في وجه التحالف الذي زوّد بكل المعدات والتقنيات الحربية الحديثة.
في بداية الحرب على اليمن كان المحللون وقراء الكفوف يظهرون على القنوات ويتنبأون بقرب سقوط صنعاء وكل واحد منهم يعطي مهلة لا تتجاوز الأشهر، ولم يكن في حسبانهم أن اليمن سيكلفهم خسائر مهولة وسيذيقهم طعم الهزيمة، بل كانوا يقصدون أن الأمر فقط سيطرة على الأجواء وضرب بالطيران وقليل من المال لشراء الولاءات القبلية والعسكرية.
والآن بعد مرور أكثر من 3 ألف يوم من الحرب باتت قوات صنعاء تتحكم بخيوط اللعبة بعد أن غرقت سفينة التحالف، وتمتلك ترسانة ضخمة من أدوات الردع التي تتطور بصور مضطردة على نحوٍ يبعث على الدهشة من قبل المراقبين والصدمة للأعداء.
ومنذ بداية العام الجاري الذي يعتبر عام اللا سلم واللا حرب شهدت وحدات قوات صنعاء مناورات وتمارين قتالية وعروض ومسيرات عسكرية بشكل مكثف، وكأن هذه القوات كانت في استراحة لمدة سنوات ولم تكن في معارك وجبهات مفتوحة على امتداد خطوط التماس من الجوف وصعدة شمالاً مروراً بمأرب وشبوة والبيضاء شرقاً وأبين ولحج والضالع وتعز جنوباً والحديدة وحجة غرباً، وكل هذه الجبهات المفتوحة لم تكن عامل إرهاق أو استنزاف، بل إن الواقع يقول أنها كانت تدريبات حيّة استفادت منها صنعاء خلال فترة الحرب السابقة للاستعداد لأي معركة كبرى مقبلة إن استمروا في المماطلة والتهرب من استحقاقات السلام.
مع هذه المعادلة العكسية الواضحة سيكون أقرب الحلول للتحالف أن يمدوا يد السلام بدلاً من الطائرات وأن يثبتوا صدق نياتهم بإعمار مادمروه والتعامل الإيجابي البنّاء مع شعبٍ اختار طريق الحرية والاستقلال ورفض كل مشاريع الوصاية والاحتلال.
وخلال الفترة الأخيرة استخدم التحالف “سياسة التقطير” في تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية ويتجه نحو السلام بخطوات بطيئة، وفي المقابل فإن التحشيدات والتدخلات في المحافظات الجنوبية زادت بشكل كبير في محاولة للحصول على موطئ قدم في الجنوب قبل الخروج من المأزق اليمني، وهو مايعني بأن دول التحالف شعرت بأن خروجها من اليمن بات حتمي، ولذا فإنها بهذه الخطوات تريد الحصول على أكبر قدر من المكاسب وبأي طريقةٍ كانت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رضوان العمري