ذكرت صحيفة “فورين بوليسي” الأميركية، اليوم الخميس، أنّ الاتحاد الأوروبي ينتقد مهربي البشر، لكن سياساته الصارمة تحافظ على استمرارية تجارتهم. وقالت الصحيفة إنه “في حادثة الغرق التي حصلت منذ عدة أيام قبالة السواحل اليونانية، يثير عدم وجود جهود إنقاذ فعالة للسفينة عدداً من الأسئلة المقلقة”.
وتساءلت “من بالضبط من بين 750 راكباً رفضوا المساعدة على هذا القارب؟ هل تم إجراء استفتاء؟ هل كان طاقم التهريب يدير حمولته بعنف؟”. وأضافت: “إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يأخذ خفر السواحل أوامره من الطاقم بدلاً من بدء عملية إنقاذ منسقة كما تتطلب اتفاقيات بحرية دولية متعددة؟”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “في الأيام الأخيرة، طغت الحالة المحزنة لخمسة مستكشفين محاصرين في غواصة تيتان على التغطية الإعلامية لهذا الغرق الجماعي، وحشد الموارد الضخمة لإنقاذهم، وهو تناقض صارخ في حد ذاته”. ووفق الصحيفة، حتى بعد عدة أيام من غرق السفينة، لا يزال الناجون محتجزين في أحد سجون المهاجرين النائية التي أعيدت تسميتها في حديث الاتحاد الأوروبي باسم “مركز الوصول الخاضع للرقابة القريبة”.
وأكدت الصحيفة أنّ الأمن طارد المراقبين والصحافيين بقوة بعد محاولتهم التحدث إلى أشخاص في الخارج. وأضافت “تخيل للحظة واحدة إذا كانت هذه سفينة سياحية للسياح الأوروبيين انقلبت. من المؤكد أن الركاب لم يكونوا ليخضعوا لتلميحات بأنهم مسؤولون بطريقة ما عن وفاتهم قبل التعرف عليهم”.
وبحسب ما تابعت، “تتذرع السلطات بأنّ دافع القسوة هدفه ردع المهاجرين في المستقبل، لكن أحدث إضافة إلى مقبرة البحر الأبيض المتوسط المتزايدة باستمرار هي دليل على أنها لا تفعل شيئاً من هذا القبيل”. وأكدت أنه “بعد تجريدها من مبرراتها الفاسدة، كل ما تبقى هو العنف المبتذل”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ “أثينا تواجه وضعاً أكثر صعوبة من الدول الأوروبية الأخرى”، مضيفةً أنّ “السلطات اليونانية لطالما عانت من تجربة في الخطوط الأمامية لظاهرة الهجرة العالمية، على عكس معظم نظيراتها الأوروبية، لكن من المستحيل مناقشة جرائم السلطات اليونانية من دون تسليط الضوء على الضوء الأخضر الذي قدمه الاتحاد الأوروبي لارتكابها”.
وأشارت “فورين بوليسي” إلى أنّ الأوروبيين يلقون باللوم على المهربين في هذه المأساة، مشيرةً إلى أنّ “المهربين مسؤولون بشكلٍ لا لبس فيه عن أفعالهم القاتلة والاستغلالية ويجب مطاردتهم ومحاكمتهم، لكن المهربين ليسوا قوة خارقة للطبيعة”. وأوضحت: “إنها ظاهرة يحرّكها السوق، وتظهر عندما يسحب الأكثر ثراءً الجسر المتحرك في وجوه الأكثر يأساً. لسوء الحظ، يبدو أنّ الاتحاد الأوروبي عازم على تأجيج المزيد من الطلب على خدمات المهربين”.
يُشار إلى أنه قبل أيام، قضى 78 شخصاً في غرق مركب يقل مئات المهاجرين، قبالة سواحل جنوب غرب اليونان، في واحد من أسوأ حوادث الغرق في هذا البلد. وأعلن خفر السواحل، أنّ مركب الصيد الذي كان يحمل الضحايا، انقلب في المياه الدولية، قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية.
وتحمّل منظمات غير حكومية ووسائل إعلام أثينا مسؤولية غرق العديد من المراكب في بحر إيجه، وتتهمها بإبعاد المهاجرين في البحر منعاً لوصولهم إلى اليابسة حيث يقدّمون طلبات لجوء.
وفي وقتٍ سابق، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أنّ نحو 3800 شخص لقوا حتفهم على طرق الهجرة داخل ومن شمال أفريقيا وغرب آسيا في عام 2022، وهي أعلى حصيلة منذ العام 2017. كذلك، ذكرت المنظمة أنّ 441 مهاجراً قضوا في وسط البحر الأبيض المتوسط، خلال الربع الأوّل من عام 2023، ليكون بذلك الأكثر دموية بالمقارنة بالفترة نفسها منذ عام 2017.