وسط أجواء الضبابية التي تسيطر على المفاوضات بين صنعاء والسعودية، التي لم تفرز حسماً لأي من الملفات العالقة، سُجل خرقٌ جديد، خلال الأيام الماضية، جعل من الحديث عن بوادر إيجابية، أمراً ممكناً. خاصة وان جلَّ النقاط الخلافية بين الطرفين، تحتاج إلى جهود مضاعفة لإعادة بناء الثقة.
بعد صفقة تبادل الأسرى التي جرت خلال شهر رمضان الفائت، أُعلن أخيراً، عن صفقة تبادل مباشرة بين صنعاء والرياض، 56 شهيداً من القوات المسلحة اليمنية، مقابل 6 قتلى من القوات السعودية.
وتعد هذه الصفقة التي تمت بعد مفاوضات استمرت لأسابيع، والتي جاءت بتوجيه مباشر من قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، وبإشراف رئيس اللجنة العسكرية اللواء الركن يحيى الرزامي، مؤشر على استمرارية المحادثات بين الجانبين نتيجة الرغبة المتبادلة في إيجاد سبل للتوصل إلى اتفاق نهائي.
كما تم تشكيل لجان ميدانية متخصصة لإتمام المزيد من صفقات تبادل الجثامين بين الطرفين في الجبهات التي لا تزال تشهد مواجهات عسكرية. ليست هذه الصفقة الأولى من نوعها بين الطرفين، فقد تمت عدة صفقات سابقاً، فيما لم يعلن عنها. وأعلنت اللجنة المختصة أنها لن تكون الأخيرة.
هذا ويذكر أن اللجنة المختصة بتبادل المفقودين والمكونة من يحيى صالح الرزامي من اللجنة العسكرية ومندوبها وعبدالسلام حنش مسؤول ملف المفقودين والشهداء وممثل قائد المنطقة العسكرية السادسة طه حنش…مازالت في خضم اتمام المزيد من الصفقات في هذا الملف.
على الجانب الأخر، دفعت الصور المتداولة لرئيس الوفد العسكري المفاوض، يحيى الرزامي، المتواجد في السعودية لأداء مناسك الحج، بالمزيد من الأجواء الإيجابية، تزامناً مع مراوحة المفاوضات مكانها. اذ انها المرة الأولى منذ بدء الحرب، يؤدي وفد من الحركة، المناسك، وهو ما فسر على أنه خطوات لترميم الثقة، قد يكون قد تم بدفع من سلطنة عمان الراعية للمفاوضات منذ سنوات.
ووصل الوفد الذي انتقل جواً من مطار صنعاء إلى مطار جدة. بعدما كانت سلطات الحج في صنعاء قد أعلنت ان وصول 11 ألف حاج من مناطق سيطرتها إلى مكة، بجوازات سفر صادرة عنها. وكانت وزارة الحج في حكومة عدن، قد أعلنت الأسبوع الماضي، ارتفاع عدد الحجاج اليمنيين إلى أكثر من 24 ألفاً من مختلف أرجاء البلاد، وصل منهم نحو 19 ألفاً، على رغم ارتفاع تكاليف الحجّ والتي وصلت إلى أكثر من 3180 دولار.
يستذكر اليمنيون كل عام مجزرة تنومه. اذ ان المعاناة الحاضرة منذ بدء الحرب، لا تخرج عن الاطار نفسه، نتيجة المضايقات والتجاوزات التي يتعرضون لها لناحية تكلفة السفر والنقل والأمن. ففي ظل اغلاق المعابر والمنافذ الحدودية كمعبر العبر وحرض وصعدة وظهران، يحتاج الحاج إذا أراد السفر، ان يتوجه إلى المحافظات الجنوبية ويقطع مسافة أكثر من 1100 كلم ومعظمها طرق غير معبّدة. وهذا ما جعل من اعلان الرياض فتح الجسر الجوي لنقل الحجاج امراً مستحسناً لدى صنعاء نتيجة تعرض المسافرين براً إلى الاعتداءات.