مقالات مشابهة

تحليل سوسيولوجي: غزو ثقافي غربي يستهدف (تقنين الشذوذ والتحول الجنسي) في المجتمع اليمني

ظهرت في السنوات القليلة الماضية محاولات لتهيئة المجتمع اليمني خصوصًا في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة قوى التحالف بقيادة السعودية والإمارات ومن خلفهما أمريكا، لتبني المثلية الجنسية وهو ما يتعارض مع الفطرة الإنسانية السليمة التي خلق الله بها البشر. وتقود هذه المحاولات المؤسسات والمنظمات المدعومة من الدول الغربية والأمم المتحدة، بتواطؤ من الحكومة الموالية للتحالف، لتحقيق أهداف سياسية خطيرة عبر التطبيع مع هذه الآفة، وانتزاع تعاطف مع من يسمون المثليين تحت ستار حقوق الإنسان والحرية الفردية.

ترمي هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الشذوذ الجنسي كظاهرة سلبية لها أجندة خفية يراد منها الانتشار في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية، مع الإشارة إلى سياقها الاجتماعي التاريخي، والآثار الناجمة عنها، وتناول بعض القضايا الرئيسية ذات الصلة.

يتخذ استقطاب ذوي الميول الجنسية الشاذة، وتوفير المساكن والحماية لهم في المناطق الجنوبية شكلًا من أشكال هذه المحاولات، بالإضافة إلى عمليات تهريب منتجات تحمل رموز وأعلام هؤلاء، وبيعها في السوق المحلية، وتتضمن هذه المحاولات أيضاً برامجاً أممية لتجنيد الشباب اليمني بواسطة عناوين خداعة تولد أفكاراً جديدة ولا تسمى بمسمياتها، ويتم الأمر بالتوازي مع الدعم الإعلامي المتزايد لنشر فكرة طبيعية الشذوذ الجنسي ، في محاولة لاختراق الوعي الجمعي والبنية الاجتماعية العامة.

ويمكن القول إن دور الإعلام السلبي في هذا السياق يعتبر من المحاولات الأكثر خطورة في تعريض المجتمعات للتفكك والفوضى، وتهديد قيم الأسرة التي تعد عماد المجتمع والركيزة الأساسية في النهضة والتنمية، ويتمثل خطورته في ما تبثه مختلف الوسائل الإعلامية من أفكار سلبية عن طريق الأفلام والمسلسلات والمدونات والصور، خاصة إذا كان المتلقيين هم الأطفال، هذا وقد صارت المسلسلات الكرتونية بأنواعها وأشكالها غير آمنة بالنسبة لأولياء الأمور في ضمان سلوك معتدل لأبنائهم كونها لا تخلو من الإيحاءات الجنسية التي تغرس فيهم قيماً لا تتوافق مع مبادئ مجتمعهم، ولها تأثير على عقلية الطفل ونموه على المدى البعيد.

التأثير الرمزي

والدافع من ذلك، وفق المنظور التفاعلي الرمزي في علم الاجتماع أن يعتاد الشباب اليمني تحديداً الأطفال على المظاهر الشاذة، مما يجعلها تبدو مألوفة وطبيعية بالنسبة لهم، بيد أن الرموز الثقافية تدخل في تفسير التجارب اليومية، وتكون شكلًا من الإطار المشترك الذي يستند إليه الناس لتحديد معاني الوقائع حولهم، فعلى سبيل المثال، عندما يرى الطفل رموزًا أو أعلامًا عن المثلية الجنسية في لوازمه المدرسية اليومية لفترة طويلة ، فإن هذه العلامات الرمزية ستعزز الشعور لديه بأن هذه الممارسات مرغوبة ، وقد يشجعه هذا على الانخراط في الانحلال الأخلاقي.

وهذا الانحلال الأخلاقي الذي يسعى الغرب باستمرار لترويجه في المجتمعات العربية والإسلامية، بغية ترويضها واستعبادها، ما يسهل اختراقها والتحكم بمصيرها، باعتبار “المثلية” سلاحًا جديدًا تستخدمه الدول الإمبريالية في سياستها التوسعية.

الشذوذ الجنسي: تهديد للفطرة الإنسانية السليمة

يشهد العالم الرقمي مؤخراً حملات مكثفة لدعم المثليين والتي تستند إلى النفوذ والمال، بهدف ترويج الشذوذ الجنسي بين الأطفال والمراهقين، دون احترام للفطرة الإنسانية السليمة، تراهن هذه الحملات على التطبيع مع هذه الرذيلة التي تعد جزء من ايديولوجيا عابرة للحدود مدعومة من دول وشركات عالمية.

يتحدث الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن الآثار الاجتماعية لنشر الشذوذ الجنسي وتعميمه على المجتمعات وفرضه عليهم بالقوة، مؤكدين على أنه يقوض أركان الأسرة المسلمة، ويؤدي إلى تفكك المجتمع وتدمير القيم الأخلاقية، ويدعون إلى الوقوف بحزم في وجه هذه المحاولات، ونبذ أي تصرفات غير طبيعية، كما يحذرون من قانون “معاداة المثلية” الذي تفرضه أمريكا على العالم، وهو المشابه لقانون “معاداة السامية” الذي اتخذه الكيان الصهيوني ذريعة لشرعنة احتلاله لفلسطين.

وشدد الكثيرون من الكتاب والسياسيون على أهمية تكثيف الجهود للمحافظة على فطرة الإنسان السليمة، والتي تمنعه من الانحراف عن ما هو طبيعي وصحي، وذلك بتوعية الأجيال الناشئة حول مخاطر التطبيع مع الشذوذ الجنسي، ومناهضة هذا السلوك المشين.

دور الوكلاء المحليين

يقول مصدر مسؤول بحكومة التحالف، لم يرد الكشف عن هويته إن الحكومة تتلقى دعماً مالياً من المؤسسات والمنظمات الغربية لتستر على أنشطتها المشبوهة، وتمرير أهدافها في نشر المثلية الجنسية بين طلابنا وشبابنا بهدف ترسيخ الثقافة الغربية في أذهانهم، مستدركاً: كانت هناك أفعال شذوذ جنسية ظاهرة في شوارع عدن وحضرموت من قبل بعض الأشخاص المأجورين لجس نبض الشارع الجنوبي ، لكن سرعان ما التطمت هذه الأفعال بموقف اليمنيين القوي ضدهم، والآن هناك تحركات بطيئة تظهر تدريجياً، وهي محاولات لتعميم هذه الفكرة وإدخالها في ثقافتنا، ولكنها وبكل تأكيد ستبوء جميعها بالفشل.

ومن المثير للانتباه أنه لا يتوجه أي اتهامات لهذه المؤسسات بتنفيذ أجندات مشبوهة، وهذا يثير التساؤلات حول دورها في تشكيل عقلية الأجيال القادمة، وتهديد السلم الاجتماعي في المجتمعات التي تنشط بها.

وبما أن هذه المؤسسات تستخدم خططًاً مدروسة بإمكانات هائلة، إلى جانب الدعم والتأييد العالمي الذي تحصل عليه، وتواطؤ حكومة التحالف، فإن ذلك يتيح لها إزالة الشبهات المحيطة بها، وتجميل صورتها، وتغليف أنشطتها بطابع إنساني تنموي، ومن ثم، فإنه من الصعب الكشف عنها بسهولة، الأمر الذي يشكل عائقًا أمام تلافي تأثيرها على النشء والمجتمع، وهو ما يعد بمثابة الفيروس تماماً حين ينتشر في جسم الإنسان.

عروض مالية لتغيير المناهج الدراسية

وعند طرح سؤال حول ما إذا قدمت أمريكا مبالغ مالية لأدواتها المحلية في جنوب اليمن على غرار منحها ملايين الدولارات للتعليم العالي العراقي من أجل فرض المثلية ودمجها بالمناهج الدراسية لهذا العام، لم يستبعد المصدر قيام واشنطن بشراء ولاءات وذمم بعض المسؤولين في الجهات المختصة بالحكومة لأجل تغيير بعض المقررات الدراسية في عدن، مبيناً أن مسؤولين في وزارة التعليم الامريكية لهم تواصل مع قطاع التعليم العالي في الجنوب، ولم يوضح المصدر تفاصيل التواصل أو نوعه أو ارتباطه بتغيير المناهج الدراسية.

عُرفت المثلية الجنسية في مختلف العصور والحضارات عبر التاريخ، وأول من انخرط فيها هم أهل لوط، بعد ذلك، انتقلت إلى البعض من المجتمعات القديمة، وفق المؤرخون، وكان هذا الفعل سائدًا بين الإغريق في الأوساط الفكرية والفلسفية، ولكن بشكل مختلف في القبول والتقبل.

واستمرت هذه الآفة على مر العصور، وعرفتها العديد من الدول، من بينها الدول الغربية، ومنح علماؤها الشريعة والتشريع، وانعكس ذلك على واقع المثليين بعد الثورة الجنسية، وبدأ ظهورهم العام يتخذ صورة علنية، وهذا يشمل تجمعهم في عام 1968م في نيويورك مما أدى إلى ثلاثة أيام من أعمال الشغب الذي دعا فيها المثليين جنسياً إلى سقوط النزعة الجنسية المحافظة.

منذ ذلك الحين، سعوا بشكل متزايد لإضفاء الشرعية على سلوكهم المستهجن، لدرجة أن بعض المفكرين الغربيين بدأوا في دق ناقوس الخطر، ومن بين هؤلاء الرئيس الأمريكي السابق نيكسون، الذي اعتبر أن “هؤلاء المنحرفين يقوضون أسس المجتمع ، وأن ما دمر الإمبراطورية اليونانية كان الشذوذ الجنسي، وما دمر الإمبراطورية الرومانية كان انحلال الأباطرة و الباباوات ينامون مع الراهبات”، وتوقع نيكسون أن “أمريكا تتجه إلى نفس المصير”.

ومن الملفت أن أمريكا باتت اليوم تناصر علانية الشذوذ الجنسي وجاء ذلك على لسان الرئيس الأمريكي الحالي جون بايدن، حين أعلن قبل أيام، أن بلاده “أمه مثلية”، وهو ما يشير إلى اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية فرض تلك الظاهرة على العالم. قوبل هذا بردود أفعال رافضة، حيث خرج العشرات من المواطنين الأمريكيين في احتجاجات تستنكر موقف واشنطن الداعم للسلوك المثلي، وعبروا عن قلقهم بشأن تأثيره على أطفالهم وتسلطه على جوانب الحياة في بلادهم.

العولمة ومساعي تعميم هذه الظاهرة وجعلها معياراً للحرية

يُعرف أن بعض الشعوب العربية يتأثر بالثقافات والأفكار الغربية، وهي تابعة ومغلوبة، والمغلوب يعتبر دائما معرضاً لتقليد غالبه، حسب ما أوضح ابن خلدون في أحد مؤلفاته.

ولعبت العولمة دوراً في محاولات نقل تجربة الغرب إلى المجتمعات العربية، وظهرت أصوات تنادي بحقوق المثليين في محاولة لنشر هذه الظاهرة وجعلها معيارا للحرية، وهذه المطالبات تلاقي الرفض التام في مجتمعاتنا ولا يندرج تحتها تأييد أو دعم إلا من قبل منظمات المجتمع المدني.

وتعد العولمة هي الهدف المنشود للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي تسعى جاهدة لترسيخ ثقافتها في مجتمعاتنا.

وعلى ما يبدو أن الإمبريالية الأمريكية-الصهيونية تنصب الأهداف ضد تشويه صور الإسلام السمحة، ومن الملاحظ أن هذه الممارسات باتت أكثر تهديداً لأسس الاسرة المسلمة من أي وقت مضى، لاسيما وأن المجتمعات المستهدفة غالبًا ما تكون هشة ومعرضة للتأثر بالأزمات والحروب المتتالية.

الآثار الخبيثة

في عصرنا الحالي، نواجه غزواً فكرياً يسعى إلى تجريد الإنسان من إنسانيته والتخلي عن أرقى خصائصه، التي منحها الله تعالى له، وبالتالي، نحن نتحدث هنا عن مسألة “الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية والجنس الثالث” وما إلى ذلك، وهي أسماء تشمئز منها الأنفس وتمجها العقول المنيرة، وعلاوة على ذلك فأن هذه المسألة تمثل تحدًا جديًا للثقافة والبنية الاجتماعية للمجتمعات العربية والإسلامية، وتثير قلقا كبيراً يستلزم الحذر والوقاية بشأن تزايد نشاطاتها.

ولا تقتصر خطورة هذه الظاهرة الخبيثة والشيطانية على الفرد بحد ذاته فحسب بل تمتد لتطال الأسرة والمجتمع ككل، فمن ناحية الفرد قد تؤدي إلى إلغاء فطرته الإنسانية وتحويله إلى كائنًا “هجينًا” تتحكم به الشهوة الجنسية، ومن ناحية الأسرة والمجتمع، يمكن أن تؤدي إلى انهيار العلاقات الأسرية، وتفكيك الثوابت والمبادئ الأخلاقية والدينية، والتي من شأنها أن تسفر عن التخريب والفوضى في المجتمعات.

محاولات تقويض مؤسسة الاسرة

تواجه هذه المؤسسة ضغوطًاً خارجية لتبني نمط حياة عالمي، بما في ذلك أنماط السلوك الجنسي، التي تتضمن وجود الانجذاب الجنسي لأفراد من نفس الجنس، فمنظمات المجتمع المدني المدعومة غربياً تكرس نفسها من أجل الترويج والتعميم للشذوذ الجنسي حول محيط الأسرة المسلمة ضمن الخطط والمؤامرات الغربية التي تهدف إلى تقويض دورها وزعزعة استقرارها، وتمييع وإفساد القيم والاخلاق التي دعا إليها الإسلام.

تستهدف الأسرة بسبب أهميتها الكبيرة في التنشئة الاجتماعية، فهي تقوم بدور هام في تريبة الأجيال الجديدة ونقل القيم والتقاليد الإسلامية إلى الأجيال اللاحقة، حيث أن المجتمعات الإسلامية تحتاج إلى الأسرة الصالحة للحفاظ على الأخلاق والقيم التي يدعو إليها الإسلام، وتعزيز الترابط الاجتماعي والوحدة والتماسك بين أعضاء المجتمع.

خلق الله الرجل مكملاً للمرأة والمرأة مكملة للرجل، هذا هو التكامل الإنساني الحقيقي، وعلاقة الجنس في الطبيعة هي علاقة التكامل والتممة والإتمام بين الرجل والمرأة، وهو ما ثبته العلم والإيمان والفطرة، ومن هذا المنطلق، فإن الشذوذ الجنسي يعتبر إخفاقًا إنسانيًا، ويتعارض مع الطبيعة الإنسانية والتكامل الذي خلقه الله، ولا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال.

الأجندة الخفية

في الواقع، هناك أجندة خفية وراء دعم المثلية الجنسية، ودعم حقوق المثليين مثل إضفاء الشرعية على زواجهم في قوانين البلدان.

ويرون محللون وباحثون في علم الاجتماع أن دعم المثليين وحقوقهم يأتي ضمن الخطط الماسونية العالمية الرامية إلى ضرب المجتمعات والأديان ونشر الإلحاد بين الشعوب العربية والإسلامية، وذلك بدلاً من التركيز على الاهتمام بالأسرة والتقاليد والعادات الاجتماعية، وأن من بين الأهداف الممنهجة للماسونية هو إضعاف خصوبة الجنس البشري وتقليص عدد السكان، لأنها تدعي أن معدل التكاثر البشري المتزايد يشكل خطراً على كوكب الأرض، والحل يكمن بإضعاف الخصوبة البشرية مما يقلل التكاثر، وفي هذه الحالة يعتبر الشخص المائل نحو الجنس نفسه غير منتجًا.

وقد أكدت العديد من الدراسات الطبية دور الشذوذ الجنسي في خفض معدلات الخصوبة، وفي انتشار الأمراض الخطيرة مثل فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والسيلان والزهري وجدري القرود.

وفي النهاية نود الإشارة إلى أن الثقافة الإسلامية هي حصن الأمة المنيع، وستظل الصخرة التي تتحطم عليها طموح الامبريالية الأمريكية الصهيونية، وستواصل الدول العربية والإسلامية خطواتها لمواجهة وافشال محاولات ترويج الإنحلال الأخلاقي، ويتعين على الجميع العمل بالتعاون والتنسيق من أجل محاربة هذه المحاولات باستخدام كل الوسائل المتاحة لتفادي الآثار الاجتماعية والصحية الخطيرة التي تنجم عن مثل هذه الظواهر السلبية.

ـــــــــــــــــــــــــــ
محمد بن عامر