في الوقت الذي لملم فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ملفّاته بعد جولته التي شملت الرياض وصنعاء، ولم يَخرج عنها فوراً ما يوحي بتقدّم في عملية السلام، كان السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، ينشط بشكل ملحوظ بين الرياض وعدن، حيث التقى قادة «المجلس الرئاسي» و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، ساعياً إلى فرض سلام يحفظ مصالح واشنطن.
وأتى ذلك بالتوازي مع إعادة الرياض فتح الحديث حول نقاط في الخطّة الأممية كان قد تمّ التوافق عليها سابقاً، في ما يبدو محاولة للتهرّب من تفاهماتها مع صنعاء، والتي لم تلقَ موافقة أميركية.
جمع المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، ملفّاته وغادر نحو عمّان، تمهيداً للذهاب بها إلى مجلس الأمن، بعدما أجرى لقاءات مكثّفة في الرياض ومسقط شملت الأطراف اليمنيين، وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى الجانب العماني كوسيط معتبَر لدى صنعاء، والجانب السعودي الذي يستميت لتقديم نفسه كوسيط سلام أيضاً. وحاولت الرياض، في خضمّ تلك اللقاءات، تعديل مسودة السلام التي تمّ التوافق حولها بينها وبين صنعاء، وخاصة في ما يتّصل بصرف الرواتب وإخراج القوات الأجنبية من مختلف المحافظات.
وفيما لم يكشف أيّ طرف يمني عن المقترحات التي قدّم غروندبرغ نسخة منها لكلّ من وفد صنعاء المفاوض في مسقط، ووفد «المجلس الرئاسي» في الرياض، أعلن عضو «المجلس السياسي الأعلى» (الحاكم) في صنعاء، محمد علي الحوثي، رفض «أنصار الله» «كافة محاولات الالتفاف على مطالب الشعب اليمني المتمثّلة في الملفّات الإنسانية، وأبرزها صرف الرواتب وفتح المطارات والموانئ والطرق».
وقال الحوثي، في سلسلة تغريدات أوّل من أمس، إن «محاولات دول التحالف فرض سلام شكلي تحت الحرب والحصار لن تنجح الآن، مثلما لم تنجح خلال السنوات الماضية».
ووفقاً لمصدرين في صنعاء، فإن المقترحات الأممية التي يعتزم غروندبرغ الإعلان عنها تحمل تراجعاً عن بنود كان قد تمّ تجاوزها في المفاوضات المباشرة بين الرياض وصنعاء في نيسان الفائت.
واعتبر المصدران إلى أن إعادة فتح الحديث حول تلك النقاط تُعدّ بمثابة ممرّ للتهرّب السعودي من التفاهمات الأخيرة مع «أنصار الله»، والتي لم تلقَ موافقة أميركية، وهو ما قد يدفع نحو انتكاسة جديدة لمسار السلام.
تنتظر صنعاء نتائج الحَراك الأممي الأخير، خصوصاً على مستوى خطوات بناء الثقة
وفي الوقت الذي تنتظر فيه صنعاء نتائج الحَراك الأممي الأخير، خصوصاً على مستوى خطوات بناء الثقة، لا تزال السعودية تعتمد سياسة التقطير في تنفيذ التزامات السلام.
وفي هذا الإطار، تكشف مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن «السلطات المصرية لا تزال ترفض تسيير رحلات تجارية جوّية مباشرة من صنعاء إلى القاهرة»، وأن «الهند لم تردّ بعد على طلب الناقل الجوي اليمني تسيير رحلات جوية مباشرة من صنعاء إلى مومباي لنقل المئات من المرضى لتلقّي العلاج».
ومع ذلك، أعلن وزير النقل في حكومة الإنقاذ، عبد الوهاب الدرّة، أن الوزارة حصلت على موافقة لتسيير رحلات تجارية جديدة من مطار صنعاء الدولي إلى عمّان وبالعكس، وأن هذه الرحلات ستبدأ الأسبوع المقبل، كخطوة أولى قبل توسيعها إلى مومباي والقاهرة وجدّة. وأضاف أن «هناك موافقة أيضاً على تسيير رحلات جوّية خاصة لنقل حجاج بيت الله الحرام مباشرة من مطار صنعاء إلى جدّة».
وفي موازاة الحَراك الأممي الجاري، يكثّف السفير الأميركي في اليمن، ستيفن فاجن، تحرّكاته في أوساط الأطراف اليمنية التي تقف على النقيض من مطالب صنعاء المتّصلة بالملفّ الإنساني.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، التقى فاجن، رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، في مقرّ إقامته في الرياض، ونائبه رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، عيدروس الزبيدي، وعضوَي «الرئاسي» المحسوبَين على حزب «الإصلاح»، عبد الله العليمي وسلطان العرادة.
وبشكل مفاجئ، وصل فاجن، الإثنين الماضي، إلى عدن جنوبي البلاد، في زيارة اتّسمت بالسرّية، ولم يعلَن عنها إلّا بعد رحيله، حيث التقى قيادات في «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي يرفض صرف الرواتب من عائدات النفط، مبرّراً ذلك بأن النفط ملك للدولة التي يدعو إليها وفقاً لمشروع الانفصال، وهو ما يتّفق مع توجّه واشنطن، التي تقول مصادر سياسية في عدن، لـ«الأخبار»، إنها تحضّ القوى اليمنية على رفض أيّ توافق محتمَل في هذا الشأن.
كما التقى السفير الأميركي وزير دفاع حكومة معين عبد الملك، محسن الداعري، وناقش معه تداعيات الأزمة المالية التي تعانيها تلك الحكومة جرّاء توقف صادرات النفط والغاز، والتي تتهدّد بتوقّف صرف رواتب الميليشيات الموالية لـ«التحالف».
الأخبار اللبنانية