ستظل مجزرة تنومة وتلك الدماء المنسية وجثامينهم المفقودة واموالهم المنهوبه شاهدة على وحشية النظام السعودي المجرم والذي لا زال يواصل مجازرة وحصاره للشعب اليمني
وتنطلق اليوم التاسعة مساء حملة تغريدات بالذكرى الثالثة بعد المائة لمجزرة تنومة بحق 3000حاج يمني وجرائم ال سعود بحق الشعب اليمني
وقبل 103 سنة ، وفي 17 ذو القعدة ، يدوّن التاريخ في تفاصيله جريمة يندى لها جبين الإنسانية، هي واحدة من أبشع الجرائم التي ستبقى محفورة في الذاكرة البشرية، كما هي في ذاكرة اليمنيين وإن غُيّبت عن وعي اليمنيين لعشرات السنين، بسبب سياسات الحكومات المرتهنة لآل سعود، فهي المجزرة التي راح ضحيتها ثلاثة آلاف حاج يمني عزّل من السلاح كانوا في طريقهم إلى بيت الله الحرام مهللين لأداء مناسك الحج.. لتبين حقدا كان يحمله آل سعود على الشعب اليمني منذ قديم الزمان.. وما عدوانها اليوم إلا تبيان أوضح لمدى حجم ذاك الحقد المتراكم بلا معنى وبلا سبب.
اختزلت الجريمة وحشية النفس البشرية حين يسيطر عليها الحقد ورفض الآخر، وتعجز عن التعايش مع الآخر المختلف معها في الرأي أو المذهب.
ويرى البعض في عملية الربط بين الجريمة والعدوان على اليمن اليوم، أن ارتكاب السعودية المجازر الوحشية وسفك الدماء في عدوان سافر على اليمنيين منذ أكثر من سبع سنوات، ما هو إلا امتداد لجرائم ذاك الحقد الدفين..
تذكر المصادر التاريخية أنه بعد دخول الحجاج اليمنيين إلى الأراضي السعودية اعترضت طريقهم سرية جنود من جيش آل سعود بقيادة الأمير خالد بن محمد (ابن أخ الملك عبد العزيز)، مسندةً بمجموعات تكفيرية بقيادة الوهابي سلطان بن بجاد العتيبي- يُقال لهم الغُطغُط- ثم أعطوهم الأمان ليعبروا. وما إن وصل الحجّاج إلى وادي تنومة في عسير، انقضّ عليهم جنود الفرقتين من كل حدبٍ وصوب بوحشية منقطعة النظير فقُتل أكثر من 3 آلاف حاج على الفور ولم ينجُ منهم إلا عدد قليل. وقف الجند على جثث الحجاج مهللين مستبشرين بالجنة، ذلك أنهم كانوا يعتقدون أن من قتل واحداً من الحجاج اليمنيين نال قصراً في الجنة ومن قتل اثنين نال قصرين وهكذا. يؤكد الباحث الأهنومي أن قرارَ تصفية الحجّاج صدر من الرياض،
إذ لم يكن لأحدهم أن يجرؤ على اتخاذ هذا القرار باستثناء عبد العزيز بن سعود، وقد وصل القرار إلى يد حاكم أبها النجدي في الوقت الذي كان فيه الحجاج يجتازون الطريق بين أبها وتنومة، وقد علم أنهم سيقضون أياماً في أبها ومن بعدها تنومة ثم عسير وبالتالي تمكن عبد العزيز من إعداد الجند والمجموعات الإرهابية للقضاء على الحجاج. وفي تفاصيل الواقعة- كما يرويها الباحث اليمني، والتي هي عبارة عن مجزرتين متتاليتين وليست مجزرة واحدة- شرع الحجّاج بعد وصولهم إلى عسير في إعداد طعام الغداء دون أي دراية بما قد حيك لهم من مؤامرة وإبادة شاملة وهم عزّل لا يملكون السلاح،
وما إن شارفوا على الانتهاء من الطعام برز إليهم جيش ابن سعود الكامن لهم بعدما أحاطهم من كل الجهات وباشر بإطلاق النار على جباههم وصدورهم بشكل كثيف.. تحرَّك الحجيج الناجون مجتازين مناطق كثيرة وصولاً إلى أطراف بني الأسمر (سدوان)، وإلى حدود بني شهر في (تنومة)، “فحطَّت القافلة الأولى والكبيرة في تنومة، والتي تبعد عن أبها حوالي 125 كيلو متراً، فيما حطَّت قافلتان في سدوان الأعلى وسدوان الأسفل، واللتين تبعُدان عن تـنـومـة بحوالي 10 إلى 15 كيلو متراً، إلى الجنوب الشرقي منها… فطلع الجند عليهم من أعلى الوادي وأسفله وهم على خيولهم وإبلهم، وهجم المشاة عليهم من رؤوس الجبال، وتابعوا الرمي عليهم ببنادقهم من كل جهة، فاستُشْهِد معظمُ من كان بهذا الوادي من الــحــجــاج، وقتِل أكثرُ دوابهم، وأُخِذَتْ أموالُهم، ولم يفِرَّ منهم إلا القليل”، وهذه كانت المجزرة الأولى.
أما المجزرة الثانية فقد وقعت في سدوان، حيث فعل بني سعود بالحجيج- بعدما وصلوا إلى سدوان- ما فعلوه في تنومة، مع العلم أن المجزرة الأولى كانت أكبر وأعظم. وهذا يشير
إلى أن “النـاجــين كان أكثرهم من فرقتي سدوان، الفرقتين الأخريين، وأن عامل الوقت كان سبباً من أسباب نجاة الكثير منهم، بيد أن الوهابيين النجديين من عصابات آل سعود لم يكفِهم ذلك، بل انطلقوا لمطاردة الهاربين فمن أدركوه قتلوه”. لم ينجُ من الحجيج أحد باستثناء قلة تظاهروا بالموت بين الجثث الهامدة وأكملوا مسيرهم فيما بعد مسلوبين وعراة ليس عليهم سوى سراويلهم وذلك بعدما استولى الجند على كل ما كان يمتلكه الحجيج من أثقال ودواب، وأموال وأمتعة.
ويذكر الدكتور والباحث حمود عبد الله الأهنومي أنه قضى في هذه المجزرة خيرة أعلام اليمن، وكان ممن استشهد فيها السيد العلامة الحسين بن يحيى حورية المؤيدي، والسيد العلامة يحيى بن أحمد بن قاسم حميد الدين، والحاج حسين القريطي والد الشيخ المقرئ محمد حسين القريطي رحمهما الله، الذي ولد في نفس العام، والحاج محمد مصلح الوشاح، أحد أهالي صنعاء، وعمّ السخط والحزن أرض اليمن، وحين وصل الرحالة نزيه مؤيد العظم إلى اليمن وجد الحزن والأسى يعم أهلها.
وقد حاول آل سعود عبر بعض الأقلام المرتبطة بهم أن يبرروا هذه الفعلة عن طريق الادعاء بأن الجند السعوديين ظنوا أن الحجاج مجموعة مسلحة من أهل الحجاز فاشتبكوا معها!.
(الشهداء ينتمون إلى كل اليمن)
وأما فئاتهم وخلفياتهم القبلية والمناطقية والوظيفية والاجتماعية، يوضح المؤلف بأنهم ينتمون إلى مُخْتَلَف ألوان الطيف الاجتماعي والمكاني في الــيــمــن، فهم من جميع مناطق الــيــمــن ومن جميع فئاتِه ومكوناتِه وتنوعاتِه، وقد كان الإمــام يــحــيـى “يقول ويكتب وينشر أن كل بيت في الــيــمــن، يحمل ثأرا دمويا على الدولة السعودية يطالبه بالإذن له، بأخذه بالقوة الحربية”.
وروي عن السيد الأستاذ علي بن محمد الذاري عن القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني أنه قال: إن المعدِّدة (نادبة الأموات) لم يخْلُ منها بيتٌ من بيوت أهل الــيــمــن بعد المــجــزرة، وأنه كان هناك استعدادٌ شعبيٌّ عارمٌ وواسعٌ للاستجابة لداعي الجهاد ضد ابن سعود.
إن اطلاع الباحث القليل جدا لمناطق الـشــهــداء وكذلك النـاجــين ووظائفهم ومراتبهم الاجتماعية يبين أنهم ينتمون لمختلف فئات ومناطق الــيــمــن، وأنهم كانوا من ألوية إب، وذمار، وصنعاء، وعمران، وحجة، وصعدة، وغيرها.
وتصف جريدة الإيمان الــيــمــنية خلفياتهم الفئوية بأن فيهم “العلماء والفضلاء والأشراف”، كما تذكر سيرة الإمــام يــحــيـى أن الـشــهــداء كانوا من “العلماء وفضلاء السادة، وكثيرٍ من الضعفاء، رزقهم الـلـه الشهادة، وزفَّهم إلى غُرَف السعادة”، وتضيف القول: “وقلَّ أن تخلو قرية من قرى الــيــمــن عن مصاب بعض أهلها بين هؤلاء الــحــجــاج”، و “أن المعلوم أن غالب أولئك الــحــجــاج عمَّهم القتل”.