معلومات مهمة صدرت عن وثيقة للأمم المتحدة أوضحت أن الإمارات العربية المتحدة اعتقلت “تعسفيا” 12 ناشطا حقوقيا حتى انتهاء مدد عقوبتهم، بعد ثلاثة أسابيع من إعلان أقارب السجناء ونشطاء حقوق الإنسان أن أكثر من 50 شخصًا أدينوا بالتآمر لقلب حكومة الإمارات ما زالوا محتجزين بعد شهور وحتى سنوات من انتهاء مدة عقوبتهم، حيث تتهم الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الإمارات بارتكاب سلسلة انتهاكات لحقوق الإنسان، في ظل الصورة القاتمة لأوضاع حقوق الإنسان في دولة الإمارات.
ما أثار القلق بشأن تعذيب السجناء والظلم ضد العمال الأجانب والتمييز ضد المرأة في الدولة الخليجية، حيث سلطت تقارير كثيرة صادرة عن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) الضوء على قمع حرية التعبير والتأثير غير المبرر للسلطات التنفيذية والأجهزة الأمنية على القضاء الإماراتيّ، فيما تُخضع السلطات الإماراتية بانتظام أولئك الذين ينتهكون قيودها للتعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي وإجراءات المحاكمة الجائرة.
انتهاكات حقوق الإنسان
مراراً، قالت الأمم المتحدة إن الاعتقالات التي تنفذها السلطات الإماراتية تنتهك عدة مواد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ودعت في أكثر من مناسبة إلى الإفراج الفوري عنهم والاعتراف بحقهم في الحصول على تعويض وفقا للقانون الدولي، فيما عبرت هيئات أممية عن أسفها لفشل دولة الإمارات في إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفق المعايير الدولية، وخاصة أن نظام العدالة في الإمارات معقد ويعيق العمال المهاجرين وعديمي الجنسية عن تقديم مظالمهم إلى العدالة، وفيما يتعلق بحرية التعبير لا حل سوى السجن ومحاكمة الأشخاص الذين عبروا ببساطة عن آرائهم أو انتقدوا المؤسسات التابعة للحكومة، ناهيك عن عمليات التوقيف والإخفاء القسري خارج الإطار القانوني ونقل الأشخاص إلى سجون سرية بحجة اتهامهم بـ “الإرهاب”.
إضافة إلى ذلك فإن السلطات الإماراتية استخدمت التعذيب لإجبار المتهمين على الاعتراف بالتهم الموجهة إليهم وحرمانهم من الرعاية الصحيةـ واتُهامهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي “لنشر معلومات وشائعات كاذبة” و “الترويج للطائفية والكراهية”، مع الحبس الانفرادي دون السماح للمعتقلين بمقابلة محام أو الاتصال بأسرهم، في ظل الدعوات الكثيرة للسلطات الإماراتية إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وحماية حقوق المقيمين داخل حدودها، وتظهر قائمة أعدها مركز دعم المحتجزين في الإمارات واطلعت عليها وسائل الإعلام أن 51 شخصًا في الإمارات يقضون أكثر من عقوبتهم.
وتستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في نوفمبر، وقد استخدم نشطاء حقوق الإنسان القمة الأخيرة في شرم الشيخ في مصر كفرصة للضغط على البلاد لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، ويقولون إنهم سيفعلون الشيء نفسه في الإمارات العربية المتحدة، وخاصة أنّ الإمارات العربية المتحدة لا تسمح للأحزاب السياسية بالعمل ولا تظهر سوى القليل من التسامح تجاه المعارضة، فيما تخضع وسائل الإعلام الحكومية والمحلية في هذا البلد لرقابة صارمة، كما أن حرية التعبير محدودة للغاية، وقالت مجموعات حقوقية إن السلطات الإماراتية مددت احتجاز السجناء إلى أجل غير مسمى بحجة “احتياجات إعادة التأهيل”، وهو إجراء مسموح به وفق “قانون مكافحة الإرهاب” لهذا البلد.
قوانين إماراتيّة خطيرة
منذ عام تقريباً، نفذت الإمارات العربية المتحدة قوانين جديدة تحد بشكل كبير من حرية التعبير والتجمع، ومددت السلطات الاعتقال التعسفي لعشرات ضحايا المحاكمات الجماعية إلى ما بعد انتهاء مدد سجنهم ، وعرّضت أحد المدافعين عن حقوق الإنسان وأحد المعارضين لمعاملة سيئة مطولة، وجددت الحكومة موقفها الرافض للاعتراف بحقوق اللاجئين، كما مارست الحكومة سيطرة على حرية التعبير، وفي بعض الأحيان فرضت رقابة على المحتوى في وسائل الإعلام أو السينما التي تعتبرها غير أخلاقية، وظل عشرات السجناء الإماراتيين خلف القضبان بسبب انتقاداتهم السياسية السلمية.
من جهة ثانية، أدى قانون الجرائم والعقوبات الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في 2 يناير / كانون الثاني العام الفائت، إلى بعض التخفيف من العقوبات لكنه أبقى على أحكام فضفاضة للغاية تجرم حرية التعبير والتجمع، وأضاف بندًا جديدًا يعاقب على نقل المعلومات الحكومية غير المصرح به، حيث تحظر المادة 178، وهي مادة جديدة، نقل “دون ترخيص” أي “معلومات” رسمية إلى أي “منظمة”، ما يجرم حرفياً معظم نقل المعلومات الحكومية، وخفضت المادة 184 عقوبة “كل من يسخر أو يهين أو يضر بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة” أو “قادتها المؤسسين” من 10 إلى 25 سنة إلى خمس سنوات على الأكثر، كما خفضت المادة 210 عقوبة المشاركة في أي تجمع عام “يهدف إلى الإضرار بالأمن العام” من 15 سنة إلى ثلاث سنوات كحد أقصى.
أيضاً، المادة 26 من قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ أيضًا، يفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات على أي شخص يستخدم الإنترنت لتشجيع التظاهر دون إذن مسبق من الحكومة، وكانت الإمارات مسؤولة عن عشرات الاعتقالات التعسفية الجديدة والمستمرة، ورفضت السلطات الإفراج عن 41 سجينًا على الأقل أكملوا مدة عقوبتهم خلال العام الماضي، ليرتفع العدد الإجمالي عن السنوات السابقة كان جميعهم جزءًا من المحاكمة الجماعية “UAE-94” في 2012-2013.
فيما وصفت الحكومة هذه الاعتقالات بأنها “استشارة” مستمرة لمن “تبنوا الفكر المتطرف”، وهو إجراء مصرح به بموجب المادة 40 من قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 والذي يشترط على النيابة العامة الحصول على أمر من المحكمة لمثل هذه الاعتقالات، لكنه لا يمنح المعتقل الحق في الطعن في استمرار احتجازه.
وعلى هذا الأساس، يستمر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، فقد أعربت “لجنة مناهضة التعذيب” التابعة للأمم المتحدة قبل أشهر عن “قلقها من تلقي التقارير بالتفصيل نمط التعذيب وسوء المعاملة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمتهمين بارتكاب جرائم ضد أمن الدولة، حيث تحتجز السلطات المدافعين عن حقوق الإنسان في الحبس الانفرادي طوال العام وتحرمهم من النظارات والكتب والسرير والفراش والوسائد ومستلزمات النظافة الشخصية.
إضافة إلى حرمانهم من جميع المكالمات الهاتفية مع أسرهم، ناهيك عن مواصلة السلطات حرمان أفراد عديمي الجنسية المولودين في الإمارات العربية المتحدة، والذين لديهم أصول أجداد في شرق إفريقيا وجنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية، من الرعاية الصحية والتعليم التي تقدمها الدولة للمواطنين، ويجب على الإماراتيين “عديمي الجنسية” الدفع لتلقي التعليم والرعاية الصحية.