تراجعت حدة التوتر بشكل طفيف في السنغال، حيث أدت صدامات إلى سقوط عشرات القتلى، منذ الخميس الماضي، حين حُكم على المعارض عثمان سونكو بالسجن لمدة عامين. وأفادت وزارة الداخلية السنغالية بوفاة شخصاً إضافياً، السبت، جراء الاضطرابات، ما يرفع عدد القتلى إلى 16 شخصاً.
وتحدثت أنباء عن اشتباكات جرت، في ضواحي العاصمة دكار، لكن عدداً من أحياء المدينة التي شهدت أعمال عنف، يومي الخميس والجمعة، بقيت هادئة. كذلك، تحدث وزير الداخلية أنطوان ديومي عن “تراجع في حدة التظاهرات”.
وقال الوزير السنغالي “ديومي” إنّ “نحو 500 عملية اعتقال” قد تمت منذ بدء الحركة الاحتجاجية، موضحاً أنّ العمليات تلك طالت أعضاء في أحزاب سياسية، لكنّ الموقوفين بمعظمهم لا ينتمون إلى أحزاب. وأضاف أنّ بلاده تعرضت لهجوم من قبل “قوات غامضة”، مؤكداً وجود تأثير أجنبي، وأنّ “البلد هو الذي يتعرض لهجوم”. وتابع أنّ “منشآت حيوية” استُهدفت لإحداث “فوضى”، مشيراً، بشكل خاص، إلى استهداف محطة لإنتاج المياه.
بدورها، قالت وزيرة السياحة السنغالية مامي مباي نيانغ: “لن نستسلم لهذه الجماعات، أو هؤلاء الأجانب الذين جاؤوا لنهب بلادنا”. وأشار وزير العدل إسماعيل ماديور إنّه يمكن اعتقال سونكو “في أي وقت”.
وترى الحكومة أنّ الحوادث التي تشهدها البلاد، منذ الخميس، ليست “تظاهرة شعبية بمطالب سياسية”، بل “أعمال تخريب وقطع طرق”. وتنتشر قوات الأمن السنغالية في كل مكان في العاصمة، وانتشر الجيش حول عدد من النقاط الإستراتيجية. من جهته، دعا سونكو حزبه “باستيف” إلى “توسيع المقاومة وتكثيفها.. حتى رحيل الرئيس ماكي سال”، الذي اتهم نظامَه في بيان بارتكاب “تجاوزات دموية وديكتاتورية”.
اشتباكات وشغب
ومنذ الخميس، تعرّضت ممتلكات عامة وخاصة للنهب والسرقة، بما في ذلك مصارف ومحلات تجارية في ضواحي دكار. وتظهر آثار الاشتباكات واضحة في بعض الشوارع، التي تحتوي سيارات متفحمة وإطارات محترقة وحجارة كبيرة متناثرة.
ولا تزال عدة شبكات للتواصل الاجتماعي، من بينها “فيسبوك” و”واتساب” و”تويتر”، مقطوعة منذ ليل السبت- الأحد، بموجب إجراء حكومي يهدف إلى وقف “نشر رسائل الكراهية والتخريب”، كما قال وزير الداخلية.
وقالت فاتو با (46 عاماً) التي تعمل في التجارة في حي داليفور الشعبي في العاصمة داكار لوكالة “فرانس برس” إنّها تشعر “بالخوف فعلاً، لأننا لا نعرف ما ستنتهي إليه الأمور”. وأضافت المواطنة السنغالية أنّ ما حدث “كان متوقعاً، وربما يجب أن نمر به حتى تتحرك الأمور، ويكف السياسيون عن الاستهتار بالشعب.. لو كانوا يريدون السلام لما لاحقوا سونكو”.
من جهته، أكد ماتار تيون (32 عاماً)، وهو سائق دراجة نارية، أن “لا أحد في أمان في هذا البلد حالياً.. إذا استمرت الاحتجاجات فستصبح الحياة أصعب”.
حرمان سونكو من الترشح للانتخابات
يذكر أنّ الأوضاع المضطربة التي يشهدها البلد الأفريقي تعود إلى إصدار حكم يجرّد المعارض سونكو من أهليته للترشح للانتخابات. ويؤكد سونكو منذ بداية القضية أنّ الأمر ليس سوى مؤامرة دبّرها الرئيس ماكي سال لإبعاده سياسياً. كما يؤكد أنّه “محتجز” في منزله في داكار من قبل قوات الأمن التي تمنع أي شخص من الاقتراب من المبنى.
ومنذ شباط/فبراير 2021، عندما تصدرت قضية الاغتصاب المفترضة عناوين الصحف، كان سونكو يخوض معركة في القضاء والساحة السياسية لضمان بقائه في مواجهة الرئيس ماكي سال. وقُتل نحو 20 مدنياً منذ 2021 في اضطرابات مرتبطة إلى حد كبير بوضعه، وتتبادل السلطة ومعسكره الاتهامات في هذا الشأن.
وعثمان سونكو (48 عاماً) هو رئيس حزب “باستيف” وزعيم المعارضة في السنغال، وهو يدين استغلال القضاء وجعله أداةً لتحقيق غايات سياسية، كما أنه يلقي خطباً تشدد على السياسة والانتماء إلى أفريقيا ويهاجم النخب والفساد. كذلك، ينتقد الهيمنة الاقتصادية والسياسية التي تمارسها فرنسا والشركات المتعددة الجنسيات، ويدافع عن القيم الدينية والتقليدية، علماً بأنّه يتمتع بشعبية كبيرة بين الشباب في السنغال.