في حين أن العواصم الدولية هي دائماً الأماكن المفضلة للعصابات الإجرامية الدولية للأنشطة الإجرامية، تظهر تقارير وسائل الإعلام الصهيونية أن بعض الإسرائيليين حولوا مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة، إلى مركز لإنشاء شبكات المافيا. ونقلت وسائل الإعلام الصهيونية عن ضابط كبير في شرطة هذا الكيان قوله إن سلطات دبي لم تكن تعلم أن هؤلاء المجرمين الكبار من الجماعات الإجرامية اليهودية قد أنشؤوا عصابة متقدمة في الإمارات ويقومون بأنشطة غير مشروعة سرا. كما أن بعضهم يحمل جوازات سفر أجنبية وهذا يساعدهم على التنقل دون إلقاء القبض عليهم.
يقال إن هذه التنظيمات والعصابات الإجرامية الصهيونية انتقلت إلى هذا البلد بعد تطبيع العلاقات بين هذا الكيان والإمارات في عام 2020. وذكرت قناة 12 التلفزيونية الصهيونية أن هؤلاء المجرمين قدموا أنفسهم على أنهم رجال أعمال صهاينة ويخفون حقيقة أنهم مجرمون خطرون. وحسب هذا التقرير فإن عشرات المجرمين الصهاينة موجودون حاليا في الإمارات وبعد انتحال صفة رجال أعمال يبرمون صفقات ومشاريع مع شركات مختلفة.
وأعلنت هذه الشبكة الصهيونية عن فرار بعض المجرمين من الأراضي المحتلة إلى دبي، وأن هؤلاء مطلوبون لضلوعهم في قضايا قتل وتهريب مخدرات في هذه المناطق. وجاء في تقرير القناة 12 التابعة للكيان الصهيوني في هذا الصدد: أن هذه القضية كانت متوقعة واكتشف مجرمون إسرائيليون سوقا اقتصادية كبيرة في دبي. واستكمالا لهذا التقرير يذكر أن هؤلاء المجرمين الصهاينة يشترون عقارات في دبي.
أعمال السرقة من قبل الصهاينة في الإمارات
تظهر الإحصاءات الرسمية أن أكثر من نصف مليون إسرائيلي سافروا إلى الإمارات في عام 2022. في غضون ذلك، يعد ارتفاع عدد السرقات من قبل السياح الصهاينة في الإمارات خبرًا تم نشره عدة مرات في السنوات الماضية. وفي هذا الصدد، قال أحد مديري الفندق المطل على برج خليفة، أطول مبنى في العالم، إن السياح الإسرائيليين يأتون إلى الفندق ويملؤون حقائبهم بالمناشف وأكياس الشاي والقهوة وحتى أضواء الغرفة. كانت عائلة إسرائيلية قد أخذت كيس ثلج وعلاقة ملابس ومناشف وجه من الغرفة أثناء رحلتهم ولم تعدها إلا بعد استدعاء الشرطة.
إضافة إلى التقارير حول السرقة من غرف الفنادق، أشارت بعض شركات السياحة إلى سلوكيات سلبية ومثيرة للاشمئزاز من السياح الإسرائيليين. من الأشياء التي يقوم بها المواطنون الإسرائيليون في الإمارات إقامة الحفلات الطويلة، وإتلاف السيارات باهظة الثمن، والطهي في الغرفة، وهو ما يخالف قواعد الفندق، ومحاولة خداع مسؤولي الفندق من خلال استبدال المياه بالمشروبات الأخرى.
ذكرت بعض المصادر أن في دبي نادرا ما ترتكب جريمة بسبب موقعها التجاري وشبكاتها المالية الواسعة التي أنشأتها في العقدين الماضيين، لكن الصهاينة جعلوا المدينة غير آمنة مع الأعمال الإجرامية في السنوات الأخيرة. وفي كلمته، اعتبر عبد الخالق عبد الله، الأستاذ في جامعة الإمارات، الإمارات آمنة ومسالمة، وأول دولة في العالم من حيث الشعور بالأمن الشخصي، وقال إن هذه الدولة لا ينبغي أن تصبح ساحة لتصفية حسابات المافيا الصهيونية، وطالب الحكومة بمنع هذه الحوادث بإجراءات وعقوبات رادعة.
الامارات وتبعات التطبيع
وقد اتسعت نشاطات هذه العصابات الإجرامية إلى درجة أن حتى الصهاينة أنفسهم اتخذوا خطوات لوقف هذه الأنشطة. تخطط الشرطة الصهيونية لاتخاذ إجراءات بالتنسيق مع شرطة دبي في الأسابيع المقبلة لتفكيك هذه العصابات الإجرامية التي تسللت إلى الإمارات في السنوات الأخيرة. وستطلب الشرطة الصهيونية من الإمارات تسليم المجرمين المذكورين إلى تل أبيب أو ترحيلهم من البلاد.
تتظاهر سلطات تل أبيب بأنها ملتزمة بالأمن الداخلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، لكن في الواقع، من خلال إعادة هؤلاء المجرمين إلى الأراضي المحتلة، تحاول إنقاذ مواطنيها من الاعتقال في الإمارات، وخلق صورة إيجابية لهم بين العرب، لتتجنب تدهور سمعة التطبيع. أثبتت تجربة كأس العالم في قطر والمعاملة الباردة للغاية للمواطنين العرب مع الصهاينة أن الرأي العام في العالم العربي ضد تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني.
من خلال تطبيع العلاقات، سعت سلطات أبو ظبي إلى الاستفادة من النخب الفكرية والتقنيات الحديثة والرأسماليين اليهود لتعزيز مكانتهم الاقتصادية، لكن يبدو أنهم بدلاً من النخب حصلوا على مافيا ومجرمين. المؤكد أن إضعاف الدول العربية ونفوذها في الطبقات السياسية والأمنية لهذه الدول هو الهدف الأساسي للكيان الصهيوني لأن هذا الكيان يحاول الحفاظ على تفوقه على جميع المستويات ضد عرب المنطقة ومساعدة هذه الدول يعني تعطيل هذا التوازن الذي يتعارض مع إرادة ومصالح إسرائيل. فعلى الرغم من توقيع الاتفاقيات الأمنية بين تل أبيب والإمارات والبحرين لبيع أنظمة دفاعية، لم يتم اتخاذ أي إجراء في هذا المجال.
إلا أن السلطات الإماراتية، التي كانت من رواد التطبيع واشترت هذه الوصمة لدى الرأي العام العربي، لا تريد تضخيم وجود العصابات الإجرامية الصهيونية في دبي. لأن اعتقال هؤلاء الأشخاص سيكثف أولاً موجة المعارضة الداخلية ضد عملية التطبيع وثانياً سيؤثر على المصداقية الاقتصادية لدبي. وأدى الترحيب المفرط من قبل حكام الإمارات بالمواطنين الإسرائيليين ومنحهم امتيازات خاصة وخلق حوافز جذابة مقارنة بالسياح الأجانب الآخرين إلى نتيجة عكسية، وقد أدى هذا الإفراط في اللطف إلى قيام العصابات الإجرامية بتحويل أراضي الإمارات مسرحاً لأنشطتها.
تظهر التقارير المنشورة عن أنشطة العصابات الإجرامية في دبي أن الإمارات أصبحت مكاناً آمناً للصهاينة الهاربين الذين يمكنهم بسهولة القيام بأنشطتهم الإجرامية في وضح النهار، لأنهم يعلمون أنه لا توجد عواقب وخيمة في انتظارهم وأنهم آمنون من الاعتقال والمحاكمة سهلة بالنسبة لهم.
بالنظر إلى أن دبي تعتبر مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا في الخليج الفارسي ويسافر ملايين الأشخاص إلى هذه المنطقة كل عام ليقوموا باستثمارات كبيرة في بنيتها التحتية الاقتصادية، فإن انعدام الأمن في دبي من قبل العصابات الإجرامية الصهيونية يشوه صورة هذه الإمارة. وانعدام الأمن في دبي سيؤدي إلى هروب مليارات الدولارات من رؤوس الأموال الأجنبية.