تواصلت، يوم السبت، الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، للأسبوع الـ 18 على التوالي، ضدّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وخطته للتعديلات القضائية التي يسعى لإقرارها. وقالت “القناة الـ12” الإسرائيلية إنّ التظاهرة الرئيسة انطلقت في شارع “كابلان” وسط “تل أبيب”، بينما أغلقت شرطة الاحتلال جميع الشوارع والتقاطعات المركزية في المدينة.
وذكرت القناة أنّ المتظاهرين من المستوطنين طالبوا رئيس المعارضة، يائير لابيد، ورئيس “المعسكر الرسمي” المعارض، بيني غانتس، بمغادرة طاولة المحادثات مع نتنياهو، والتي يستضيفها رئيس الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إذا “لم يتم اتخاذ قرارات في وقت قريب”. وذكرت “القناة الـ13” الإسرائيلية أن 180 ألفاً تظاهروا في “تل أبيب” احتجاجاً ضد التعديلات القضائية.
من جانبه، صرّح لابيد، الذي شارك في تظاهرةٍ في “رحوفوت”، بأنّ حكومة الاحتلال “لم تتخلّ عن خطتها المجنونة”، متهماً نتنياهو بأنّه “لا يزال يعتقد أنّ هذه هي الطريقة التي سيفلت عبرها من محاكمته”. وتطرّق مراسل “القناة الـ12” الإسرائيلية، ميخائيل بيلان، إلى التظاهرات المتصاعدة، موضحاً أنّ منظمي الاحتجاج هذا الأسبوع يوجّهون الضغط الأساسي نحو لابيد وغانتس، وضدّ المحادثات التي يرعاها رئيس كيان الاحتلال. ونقل المراسل عن المتظاهرين المستوطنين أنّهم وضعوا موعداً نهائياً لرئيسَي المعارضة، مشيراً إلى أنّ يوم الخميس المقبل هو الموعد النهائي الذي حدده المتظاهرون.
تعديلات قضائية
كما طالب المتظاهرون المستوطنون كلاً من لابيد وغانتس بالانسحاب من المحادثات الدائرة في منزل رئيس الاحتلال الإسرائيلي، إذا انقضى الموعد النهائي الذي حدّدوه من دون التوصل إلى توافق على كل ما يتعلق بلجنة تعيين القضاة. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ منظمي الاحتجاج أكّدوا أنّه إذا لم يحدث هذا الأمر فإنهم سيزيدون حجم التظاهرات. يُذكَر أن نتنياهو يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الثقة، لكنّ القانون لا يُلزِمه بالاستقالة إلّا في حال ثبوت إدانته، بينما يقول معارضون إنّه يصر على دفع خطته بشأن التعديلات القضائية “المثيرة للجدل”، رغبةً منه في التأثير في مجريات المحاكمة أو إلغائها.
وكان نتنياهو أعلن، نهاية آذار/مارس الماضي، تعليق خطة التعديلات القضائية التي أطلقها، تحت وطأة الإضرابات والتظاهرات الحاشدة، وذلك حتى الدورة الصيفية للكنيست الإسرائيلي، والتي بدأت في 30 نيسان/أبريل الماضي، وتستمر 3 أشهر. وأوضح نتنياهو أنّه أجّل خطته إلى حين إجراء حوارٍ مع المعارضة، مؤكداً أنّه لن يتخلى عنها، ليشير مراقبون إلى أنّ تمسكه هذا سيؤجّج حركة الاحتجاج.
وتحدّ الخطة سلطاتِ المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية لدى الاحتلال، كما تمنح الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه نتنياهو حالياً، السيطرة على لجنة تعيين القضاة. وفور تعليق الخطة، أعلن هرتسوغ بدء استضافة جلسات حوارٍ بين أحزاب الائتلاف الحكومي والمعارضة، هادفاً إلى تقريب وجهات النظر، إلا أنّها لم تسفر عن نتائج ملموسة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ قادة الاحتجاجات في “إسرائيل” نشروا رسالة اليوم الخميس مفادها بأن “الأيام التي يتحكم فيها حزب واحد في الكيان، ويموّل المدارس الدينية، ويعمل على إقامة ديكتاتورية دينية، قد ولّت”.
يوم التشويشات
يأتي ذلك بالتزامن مع خروج آلاف المحتجين إلى عدّة مواقع في “إسرائيل” للمشاركة في فعالية “يوم التشويشات” الهادف إلى التوعية بمخاطر التعديل القضائي. ووفق موقع “i24news”، تجمهر عدد غفير من المحتجين بالقرب من مباني “عزرائيلي” الضخمة وسط “تل أبيب” وأقدمت مجموعة من المتظاهرين على النزول إلى شارع “أيالون” السريع وعرقلت حركة المرور لفترة زمنية قصيرة.
وجاءت المظاهرة بالتزامن مع عودة الكنيست من عطلة الربيع وسط مخاوف من إقرار بنود الخطة المثيرة للجدل، ويعد المنظمون لسلسلة من التظاهرات من الشمال إلى الجنوب وقطع طرق رئيسية. وافتتح “يوم التشويش” بسلسلة من الاحتجاجات، وتجمهر العشرات من المتظاهرين خارج منزل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
ووفق وسائل الإعلام الإسرائيلية، نادى المتظاهرون بعدم السماح بخفض سن الإعفاء من الخدمة العسكرية للأرثوذكس المتشددين (الحريديم) وتجنب “الإضرار بالمساواة في العبء”. وتوجه فريق من المحتجين للاحتجاج أمام منزل ووزير “الأمن القومي” إيتمار بن غفير، حيث تمّ وضع عرض جثث ملطخة بالدماء تمت عنونتها بالشعار “بن غفير هذا كبير على قياساتك”. وشارك في الاحتجاجات أيضاً تمثيل عن قطاع “الهايتك” في “إسرائيل” والمعروف بمعارضته الشديدة والواضحة للمخطط التشريعي نظراً لحجم الضرر الذي سيلحق بالقطاع في حال أقرت الخطة التي ترمي إلى تضييق صلاحيات القضاء.
وضمت احتجاجات اليوم الطلاب الجامعيين فضلاً عن النساء اللواتي وضعن الأصفاد على معاصمهن كتعبير احتجاجي وتوجهت مسيرتهن نحو مكاتب الحاخامية في القدس المحتلة. وعاد الإسرائيليون إلى الشوارع، الخميس، للاحتجاج على قوانين “التعديل القضائي” التي تدفع بها الحكومة وتعتبرها المعارضة “انقلاباً على الديمقراطية”، حيث دخلت الاحتجاجات، التي تعم المدن الإسرائيلية وخاصة “تل أبيب”، أسبوعها الثامن عشر. وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن نهاية آذار/مارس الماضي تعليق إقرار مشاريع القوانين في الكنيست مؤقتاً، في وقتٍ تقول فيه المعارضة إنّ من شأن هذه القوانين، حال تمريرها، أن تضعف القضاء، وخاصة المحكمة العليا، وتحول “إسرائيل” إلى “ديكتاتورية”.
محاولة إسكات أصوات المحتجين
وخلال الفتره الماضیة، حاول نتنياهو إسكات أصوات المحتجين في تل أبيب بإثارة الحرب في قطاع غزة وجنوب لبنان، لكن الاحتجاجات خرجت في تل أبيب للشهر الثالث على التوالي، وأعلن المتظاهرون أنهم سوف يستمرون في الخروج إلى الشوارع وبهذه الطريقة تعرض نتنياهو للصفع من الداخل ومن محور المقاومة الكبرى. ولقد أعلن منظمو الاحتجاجات في الكيان الصهيوني، ضد التعديلات المقترحة من جانب الحكومة، على سلك القضاء، أن التصعيد الأمني، لن يمنعهم من إقامة المظاهرات، مساء السبت الماضي كالمعتاد. وكان اللواء احتياط طال روسو، الناشط في الاحتجاج، قد طالب بتأجيلها “نظرا للوضع الأمني الصعب”.
وتعرّض شمال إسرائيل لقصف من لبنان، والجنوب لقصف من قطاع غزة. كما وقعت عمليتان: في الضفة الغربية وتل أبيب، قتل بهما ثلاثة أشخاص. لكن المنظمين، كشفوا أن التظاهرات ستقام بـ “صيغة مختلفة عن التظاهرات السابقة، بناء على طلب الشرطة”، بمعنى أن مسيرة تل أبيب -حيث التظاهرة المركزية- ستُلغى، وستقتصر الاحتجاجات هناك، على الاعتصام فقط. كما سيتجنب المحتجون إغلاق الشوارع الرئيسية، “لأن الشرطة تريدها فارغة”، لسرعة وصولها إلى مسارح عملية قد تقع أثناء التظاهرات. مشيرين إلى أنهم، “سيشاطرون أهالي الضحايا الحزن ويتمنون الشفاء العاجل للمصابين، ويشدون على أيدي الأجهزة الأمنية، والسكان في مناطق التماس”.
وأوضح المنظمون:” سنواصل النضال ضد الديكتاتورية، وكأنه لا يوجد وضع أمني غير مستقر. وسنستمر في دعم الأجهزة الأمنية، وكأنه لا يوجد نضال ضد الديكتاتورية”. وفي ذلك إعادة صياغة لجملة شهيرة، قالها مؤسس الكيان الصهيوني دافيد بن غوريون عام 1939. حيث قال:” ستناضل الحركة الصهيونية ضد مقترح بريطانيا للتقسيم، وكأنه لا توجد حرب عالمية. وستحارب إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية ضد ألمانيا النازية، وكأنه لا يوجد مقترح تقسيم بريطاني”. وتابع منظمو الاحتجاج:” وزراء الحكومة، وبدلا من أن يرصوا صفوف الشعب، بمواجهة التهديدات الأمنية، فإنهم منشغلون بإجراء تعديلات، تقوّض القضاء والتحيز الديمقراطي، وتجعل السلطة مطلقة بيد الحكومة”.