مرة أخرى تجدد اليمن حرصها على السلام، وتؤكد حقها في الدفاع عن استقلالها، وحماية ثرواتها.. الفرصة ما زالت مواتية لدول العدوان لاختصار المسافات، والخروج من المستنقع اليمني بماء الوجه عبر الطرق السلمية.
القوات المسلحة اليمنية وصلت اليوم إلى قدرات عالية بفضل الله وتوجيهات القيادة، واستفادتها من تجارب حرب السنوات الثمان الماضية، وانتاج سلاح الردع الاستراتيجي، بالإضافة إلى إعداد القوات القتالية المدربة، بقدرات هجومية وأساليب دفاعية وهجومية نوعية، وهذا ما أكد عليه وزير الدفاع اللواء الركم محمد ناصر العاطفي من جبهة حيس على قدرت الجيش في ردع العدوان، ومن يكذب على الشعب اليمني، ويقتله ويحاصره وينهب ثرواته.
حالة من الترقب والانتظار لما سترسو عليه استشارات الوفد السعودي المفاوض مع صنّاع القرار في الرياض عقب جولة رمضان، وأسبوعان من التشاور كافيان لاختبار صدق النوايا، وسيبنى على الشيء مقتضاه وفقاً لما يحمله فريق التفاوض.
العدوان على اليمن المعلن من واشنطن ونتائجه وأكلافه ومآلاته لا زال معضلة تؤرق النظام السعودي، وتقلق داعميه الدوليين، وحقائق وشواهد التدخل السافر وغير المبرر، تنزع عن أمراء الحرب في المملكة قناع الإنسانية، وتبدد آمالهم في تقمص دور الوسيط ومحاولات التهرب من استحقاقات جرائم القتل والتجويع.
في العام الثامن للعدوان زادت السعوديةُ من إنفاقها العسكري بنسبة 16%، رغم الإعلان عن الهدنة الأممية، ليصل إلى ما يُقدر بنحو 75 مليار دولار، كأول زيادة منذ العام 2018، لتبقى السعودية في صدارة لائحة التسلح في العالم مسجلة الترتيب العالمي الخامس وفق معهد استكهولم الذي أشار إلى أن الولايات المتحدة هي المورد الرئيس للرياض بنحو 89 % من أسلحتها المستوردة، وهذا مؤشر يكشف عن دوافع أمريكا في استمرار الحرب بالإضافة إلى أهدافها في التحكم بالقرار اليمني وأطماعها في السيطرة على منابع النفط.
لذلك فهي تسعى جاهدة إلى عرقلة جهود السلام في اليمن، خاصة مع توجه السعودية منذ بداية عدوانها على اليمن إلى اتخاذ خطوات عملية للخروج من الحرب، غير أن هذه الخطوات اصطدمت برفض أمريكي واضح.. وبحسب مصادر سياسية في صنعاء ومصادر أخرى موالية للتحالف السعودي الإماراتي فإن الرياض تواجه ضغوطاً أمريكية مباشرة تهدف لثنيها عن تنفيذ الالتزامات التي أعلنت الموافقة عليها أمام قيادة صنعاء عبر الوفد الذي أرسلته في رمضان المنصرم برئاسة سفيرها لدى اليمن محمد آل جابر.
تقول المصادر أيضاً أن واشنطن لا ترغب في أن تنسحب السعودية من الحرب على اليمن بهذا الشكل الذي تترك فيه فراغاً دون أن تكون تلك القيادات السياسية اليمنية الموالية لها حليفاً لواشنطن.
ومعنى أن تنسحب الرياض كلياً من اليمن، فهذا لا يجعل للولايات المتحدة أي نفوذ سياسي وعسكري في البلاد. وهذا ما يجعل واشنطن تضغط على الرياض لعرقلة تنفيذ أي اتفاقات التزمت بها مع صنعاء، مقابل تقديم واشنطن مبادرة تضمن للرياض ولواشنطن دوراً محورياً في مستقبل اليمن، لتحقيق مصالحهما الاستراتيجية، وأن هذه المبادرة سيتم تقديمها على أنها مبادرة دولية تقدم تحت اسم “المجتمع الدولي”.
فيما هي في الحقيقة خطة أمريكية تتضمن وقفاً جزئياً للحرب على اليمن مع إبقاء النوافذ مفتوحة مستقبلاً لعودة الحرب من جديد في حال اقتضت الحاجة الغربية لذلك، إضافة إلى أن الخطة الأمريكية تضمن لواشنطن بقاء القرار السيادي لليمن مرهوناً بالرغبات الدولية، وخاصة الأمريكية والبريطانية والفرنسية.
بالنسبة لصنعاء فإن سياسيين يمنيين رفيعي المستوى سبق أن ألمحوا إلى أن على الرياض أن لا تستجيب لواشنطن، وأن مصلحة السعودية وأمنها هو في اتفاقها مع جيرانها وليس مع استمرار تنفيذ أجندات واشنطن.