مقالات مشابهة

وحدة الساحات.. رد المقاومة من كل مكان

على بُعد أيام من يوم القدس العالمي الذي حدّده الإمام روح الله الخميني قدس سره في آخر جمعة من شهر رمضان المُبارك، يتعرّض المسجد الأقصى لأبشع أنواع الاعتداءات. ومعه يتعرّض الفلسطينيون لشتّى صنوف الوحشية. أهلُ الأرض يُطردون والمستوطنون يسرحون ويمرحون. رُبما لا نجد كلمة تصف “غصّة” الفلسطينيين هذه الأيام. عزيزٌ عليهم أن يحرمهم المحتل “بركة” الاعتكاف في أولى القبلتين وثالث الحرمين. عزيزٌ عليهم أن يجدوا أنفسهم معتقلين لذنب البقاء في الأرض والدفاع عنها.

المشاهد التي وثّقها الإعلام عن همجية الاحتلال فجر الأربعاء حرّكت مشاعر كل شريف في هذا العالم. وكما كان اليقين حاضرًا بأنّ ما حصل لن يبقى بلا ردّ، كانت الصواريخ التي أُطلقت من الأراضي اللبنانية باتجاه كيان العدو. صواريخ حملت رسائل عدّة على رأسها وحدة الساحات ومركزية جبهة محور المقاومة الذي تحتل قضية القدس وفلسطين رأس أولوياته.

الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر يُقدّم قراءته لحادثة الرد من لبنان، فيرى بدايةً أنّ ما يجري في القدس والأقصى بشكل خاص والضفة الغربية بشكل عام غير مسبوق من وحشية وهمجية يُمارسها العدو على الأبرياء والمصلّين في شهر رمضان. العالم كله استنكر “وحشية” الكيان “حتى أميركا أبدت قلقها ولأول مرة ممّا يحدُث” يقول جابر لموقع “العهد” الإخباري. هذا في الشكل، أما في المضمون، فيرى المتحدّث أنّه ولأول مرة تُثبت المقاومة عسكريًا وبشكل بارز وحدتها الموجودة في الخطابات.

وفق جابر، تعمّد الأخوة الفلسطينيون إرسال رسائل من جنوب لبنان بأننا متضامنون مع إخواننا في فلسطين المحتلة. وعليه، أطلقوا 34 صاروخًا خلال أقل من نصف ساعة ولم يحصل ــ كما قيل ــ تبادل لإطلاق النار. العدو ردّ بعد إطلاق الصواريخ بمدة، وهذا الفارق بين رد الأمس وما سبقه من ردود في الماضي. أضف الى أنّ عدد الصواريخ هذه المرة كبير.

صحيح أنه لم يؤدِ الى خسائر بشرية، ولكنه أوصل رسائل كبيرة بدليل الرعب الذي عاشته “اسرائيل” التي بدت في حالة هلع. القلق دفعها الى استخدام القبّة الحديدية مع الإشارة الى أنّ نوع الصواريخ عسكريًا لا يستوجب استخدامها. فالقبّة تُستخدم لصواريخ أهمّ، وهذه الصواريخ ليست حديثة بل من زمن الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان ومعظمها من نوع “كاتيوشا”، ويمكن نقلها بسهولة سواء أكانت صواريخ منفردة أو راجمات.

وفي سياق حديثه، يسأل جابر هل العدو الإسرائيلي سيرُد؟ ويجيب عن سؤاله بالقول:” نعم، فهو مضطر للرد لكسب مصداقية الرأي العام الإسرائيلي، وحفظ ماء الوجه وسط الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ الكيان”. وبالإضافة الى القصف الذي تعرض له مخيم “الرشيدية” في صور، يرجّح جابر أن يرُد الكيان مرة أخرى سعيًا وراء مكاسب سياسية.
من وجهة نظر جابر، عندما يُكبّر العدو الخطر يُلملم حوله الحكومة خاصة في ظل الانقسامات الكبيرة التي تعاني منها. وعندما “تضخّم” “اسرائيل” الخطر فالتداعيات تكون إما بهجرة مستوطنيها أو بالتفاف البقية حولها حتى ولو كانوا معارضين لها. لكنّ ما حصل ــ برأي جابر ــ ليس من المتوقع أن يردع “إسرائيل”. إنها كيان معتدٍ إرهابي من الطراز الأول، يمارس شتّى أنواع الحرب العسكرية والأمنية والإلكترونية والنفسية وغيرها.

ويشدّد جابر على أنّ “اسرائيل” تبدو في حالة ارتباك تُريد أن ترد ولا تعرف أين سترد. تُريد أن ترد ولا تريد أن تستفز حزب الله. وهنا يُدرج جابر معلومات تشير الى تمنٍّ “إسرائيلي” أُرسل الى الجانب اللبناني عبر “اليونيفل” بأن يبقى حزب الله بعيدًا عن الحادثة “لأننا لا نريد أن نتعرّض له”.

وفق قناعات جابر لا تريد “اسرائيل” أي اشتباك مع حزب الله لأنها تعرف جيدًا أنّ أي اشتباك سيحصل مع المقاومة وفي جنوب لبنان سيوسّع رقعة الاشتباك الى حرب. هل الحرب تناسب “اسرائيل”؟ بالتأكيد لا ولأسباب كثيرة وكثيرة يقول جابر الذي يشير إلى أن على رأسها منصات “النفط والغاز”. يذهب جابر بعيدًا عن اتفاق تعيين الحدود، فيستحضر كلامًا صادرًا منذ نحو 5 سنوات عن مركز دراسات اسرائيلي.

حينها قال القائمون على المركز أنه “بعيدًا عن الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله ومعادلة “حيفا وما بعد حيفا” وما الى هنالك، يمتلك حزب الله صواريخ أرض-بحر متطورة جدًا من نوع “يوخونت”، هذه الصواريخ تدمّر منصات “النفط والغاز” التي بناها العدو وتُعيده عشر سنوات الى الوراء”. وهنا يسأل جابر:” هل “اسرائيل” مستعدة لأن تضحّي بهذا المكسب خاصةً أنها بدأت بالاستخراج من حقل “كاريش”؟ ويجيب بالنفي.