أكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله في حديثه عن عدد من القضايا والمحلية الإقليمية والدولية، وعن علاقة لبنان بما يجري في المنطقة، أنّ “لبنان يتأثّر بصورة كبيرة جداً بكل ما يجري في المنطقة والعالم، وعلى نحو أساسي في دول الجوار، وعلى رأسها سوريا وفلسطين”.
وفي كلمة خلال الحفل التأبيني في ذكرى مرور أسبوع على ارتقاء القائد الجهادي الحاج أسد صغير، بعد صراع مع المرض، أوضح السيد نصر الله أنّ “الحديث عن حاضر سوريا وفلسطين ومستقبلهما، هو حديث عن حاضر لبنان ومستقبلهما”.
وأضاف أنّ “هناك من يتصوّر أنّ لبنان هو جزيرة في قلب محيط، وليس له علاقة بكل ما يجري في المنطقة. للأسف، هناك بديهيات تحتاج الى نقاش”، متسائلاً: “لو سقطت سوريا في يد داعش، فأيّ لبنان كان الآن؟”.
وشدّد على أنّ “سوريا من المنطقة العربية، وكذلك فلسطين، ونحن معنيون بالدول المجاورة، نتيجة المسؤولية الأخلاقية والقومية والدينية”.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ “كل ما يجري في فلسطين له تأثير في أمن لبنان وسيادته وحاضره ومستقبله”، مضيفاً: “تصوروا اليوم فلسطين في جوار لبنان من دون إسرائيل؟ هذا ليس حلماً، وإنّما حقيقة آتية إن شاء الله”.
التقارب الإيراني السعودي جيد ولمصلحة شعوب المنطقة
وعلّق السيد نصر الله على الاتفاق الإيراني السعودي، وعلى استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، مؤكّداً أنّ “التحول المتعلق بالتقارب السعودي الإيراني جيد، ولن يكون على حساب شعوب المنطقة، وإنّما لمصلحتها”.
وذكر أنّه “في حال سار التقارب السعودي الإيراني في المسار الطبيعي، فيمكن أن يفتح آفاقاً في المنطقة وفي لبنان أيضاً”.
يُذكَر أنّ كلاً من إيران والسعودية أعلنتا، في وقتٍ سابق اليوم، في بيان مشترك، الاتفاق على استئناف الحوار والعلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين في البلدين، في غضون شهرين.
ووفق البيان المشترك، فإنّ “استئناف الحوار بين طهران والرياض يأتي استجابةً لمبادرة من الرئيس الصيني”، خلال لقاءات ومفاوضات إيرانية سعودية جرت بين 6 و10 آذار/مارس الحالي في بكين.
الانفتاح العربي على سوريا هو اعتراف بانتصارها
وبيّن أنّ المنطقة أمام “إنجاز ضخم بعد فشل الحرب الكونية على سوريا”، مؤكّداً أنّ “سوريا كانت أساساً في الصراع مع العدو، وفي قلب محور المقاومة، وما زالت (كذلك) على رغم الحرب الكونية”.
وأضاف السيد نصر الله: “كلنا يعرف موقع سوريا منذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي، وخصوصاً في الأعوام الخمسين الماضية. والحديث عن أنّ سوريا ستتم استعادتها إلى الحضن العربي، وستخرج بالتالي من محور المقاومة، هو غير صحيح”.
وأوضح أنّ “الصحيح هو عودة العرب إلى سوريا، فسوريا لم تغادر الجامعة العربية، بل هم أخرجوا أنفسهم والجامعة العربية معهم”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ “علاقة الثقة بين حزب الله وسوريا تعمَّدت بالدم، حين قاتلنا في سوريا. فهذه المعركة عزّزت أواصر الثقة. لذلك، لا تسمحوا لأي محلل سخيف أو أي أحد آخر بأن يصدع هذه العلاقة”.
ولفت إلى أنّ “سوريا، وهي في ثاني أعوام الحرب الكونية عليها، عُرض عليها أن تتخلى عن موقعها الأساسي في محور المقاومة، لكنّها رفضت”، مشدداً على أنّه “عندما تكون قوياً لا تخاف من الحوار، ولا أي خطوات سياسية أو دبلوماسية”.
وقال السيد نصر الله: “عندما نرى وفوداً عربية وغربية رسمية تزور سوريا نشعر بالسعادة ولا نقلق ولا نخاف”، مشيراً إلى أنّ “الانفتاح على سوريا هو اعتراف بانتصارها، وهو إعلان اليأس”.
وفيما يتعلّق بالمحاولات لإيجاد التباسات داخل جبهة المقاومة، أوضح السيد نصر الله أنّ هناك محاولات لترويج فكرة مفادها أنّ إيران جاءت لتسيطر وتهيمن على سوريا”، لكنّ “سوريا وقيادتها تمارسان كامل سيادتهما وحريتهما، وتأخذان كل القرارات التي تريدانها”.
وأكّد أنّ “إيران لا تمارس سلوك الدول الاستعمارية في سوريا، وتساعد دمشق من أجل المحافظة عليها ومنع سقوطها”.
وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أنّ “بعض الأنظمة العربية يخوض معركة وهمية وخيالية مع سوريا”، كما لفت إلى أنّ “سوريا خارج دائرة الخضوع لأميركا، وهي كانت دائماً محط أنظار المشاريع الأميركية في المنطقة”.
وأوضح أنّه “لولا صمود سوريا، لكانت التسوية انتهت منذ زمن. ودعم سوريا لحركات المقاومة غيّر كل المعادلات في المنطقة”.
الولايات المتحدة تُكمل الحصار والحرب على سوريا في أشكال متعدّدة
وبيّن الأمين العام لحزب الله، في السياق، أنّه “عندما رأت واشنطن العودة العربية إلى سوريا، وضعت أساساً مفاده أنّ المسموح هو فقط التقارب فيما يتعلق بالزلزال الكارثي، الذي ضربها”.
ووفقاً للسيد نصر الله، فإنّ “الولايات المتحدة تُكمل الحصار والحرب على سوريا، ضمن أشكال متعددة، ومنها القوات العسكرية في شرقي الفرات، التي تمنع التحرير”، مشيراً إلى أنّ “القاعدة الأميركية في منطقة التنف هدفها حماية داعش والعناصر الإرهابية التي تعتدي على المدنيين في البادية”.
وأضاف أنّ “الخصم الحقيقي لسوريا هو الأميركي، وسوريا وشعبها يحتاجان إلى كل التعاون من كل صديق وحليف”، مبيّناً أنّ “المعطيات الدولية والإقليمية تؤشر على أنّ الحصار والعقوبات على سوريا واليمن ودول المنطقة لن تستمر، وستُكسَر”.
وفيما يتعلّق بالأزمة بين سوريا وتركيا في شمالي شرقي تركيا، أشار السيد نصر الله إلى أنّ “معالجة ما يجري في هذه المنطقة، من خلال التفاوض الروسي السوري الإيراني التركي، أفضل”.
ما تشهده فلسطين تاريخي ومهم جداً
وتطرّق السيد نصر الله إلى ما يجري في فلسطين المحتلة، واصفاً ما تشهده الساحة الفلسطينية بـ “التاريخي والمهم جداً”.
وقال إنّ “هناك إجماعاً داخل كيان الاحتلال على أنّ الانقسام الداخلي والعامل الخارجي سيقودانه إلى الزوال”، لافتاً إلى أنّ “لدى إسرائيل عقدة نبوخذ نصر، وتتخوّف من الخراب الثالث للكيان”.
وأوضح، في هذا الخصوص، أنّ “أحد الأسباب الرئيسة للوفود الأميركية إلى إسرائيل، هو معالجة الشرخ الداخلي، الذي يمكن أن يوصل إلى صِدام دموي”.
وأكّد السيد نصر الله أنّ “ما يجري في الداخل الإسرائيلي يفتح آمالاً كبيرةً، وما وصل إليه الكيان اليوم يعود أيضاً إلى الصمود والمقاومة في المنطقة”، مشدداً على أنّ “التطبيع مع الدول لا يحمي الكيان، ولا يمكن أن يوقف العمليات” ضده.
وشدّد على أنّ “ما يجري اليوم في الضفة، وفي أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1947، على درجة عالية من الأهمية في مشروع المقاومة”، مبيّناً أنّ “التحول المهم اليوم في الكيان، أنّه باتت هناك ثقافة شبيهة بما جرى خلال اندحار 25 أيار/مايو من جنوبي لبنان”.
وأضاف السيد نصر الله أنّ “الأولوية اليوم يجب أن تكون كيفية مد يد العون إلى هذا الفلسطيني المقاوم والمجاهد، والذي يدفع هذا الكيان إلى الهاوية”.
حزب الله لا يريد أن يفرض رئيساً للجمهورية على أحد
وبشأن آخر التطورات في الداخل اللبناني، أكّد السيد نصر الله أنّ “حزب الله لا يريد أن يفرض رئيساً للجمهورية على أحد، ويودّ أن يفتح الأبواب من أجل إتمام هذا الاستحقاق”.
وتوجّه السيد نصر الله إلى اللبنانيين بالقول: “لا تنتظروا الخارج، ولا يحق لأي دولة خارجية أن تفرض أي فيتو فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي”.
وفي وقتٍ سابق، أكّد السيد نصر الله أنّ “حزب الله يريد جدياً انتخاب رئيس بصورة قاطعة، ولا يريد الفراغ”، وهذه هي “المصلحة الوطنية المؤكَّدة”.
وأشار السيد نصر الله إلى أنه “عندما نسمي شخصية للرئاسة، فإنه التزام جدي، ولا نناور ولا نغيّر مرشحنا في المستقبل”، كاشفاً أنّ المرشح الذي يدعمه حزب الله في الانتخابات الرئاسية، ويرى أنّ المواصفات تنطبق عليه، هو الوزير سليمان فرنجية.