على رغم احتفاظ روسيا بعلاقات مع معظم الأطراف اليمنية منذ عقود، إلا أن تدخّلها الأخير والمباشر على خطّ المفاوضات الجارية بشأن تمديد الهدنة، أثار موجة تساؤلات في الشارع عن خلفيّته وأهدافه في الظرف الحالي، وعمّا إذا كان سيشكّل إضافة نوعية.
وعلى رغم أن حلفاء موسكو السابقين، إبّان عهد الاتحاد السوفياتي، باتوا مشتَّتين بين صنعاء وعدن، ومع أن الفتور أيضاً يميّز علاقاتهم جميعاً بروسيا، فهم يتمنّون أن تُسهم وساطتها في الدفع نحو حلّ الأزمة وإنهاء الصراع.
وتزامَن التحرّك الروسي الأخير صوب اليمن، مع زيارة قام بها وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى العاصمة الأوكرانية كييف، حيث التقى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي. لكن مصادر ديبلوماسية يمنية نفت وجود ترابُط بين الحدثَين، لافتةً إلى أن السعودية تلعب دور الوسيط بين أوكرانيا وروسيا منذ أشهر.
ومع ذلك، فهي أعربت عن خشية جدّية من أن تكون موسكو والرياض تُحاولان تبادُل الأدوار وتنسيق المواقف على حساب “عدالة القضية اليمنية”، خاصة وأن المصالح التي تَجمعهما أكبر من تلك التي تَجمع روسيا واليمن.
وبعد أيام من لقاء جمَع نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الشخصي للكرملين، ميخائيل بوغدانوف، برئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، في العاصمة العُمانية مسقط، حيث ناقشا مستجدّات الأوضاع في اليمن ومسار التهدئة والمفاوضات التي تَجري بوساطة عُمانية، بعثت الرياض سفيرها لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى موسكو.
وبحسب السفارة الروسية في اليمن، فإن بوغدانوف التقى آل جابر، وتبادلا الآراء حول الوضع العسكري والسياسي والإنساني في هذا البلد. وأعلنت السفارة أنه تمّ الاتّفاق على الحاجة إلى اتّخاذ المزيد من الخطوات من قِبَل السعودية بهدف إقامة حوار سياسي يمني واسع حول القضايا المتعلّقة بتسوية شاملة، لافتة إلى أن آل جابر استعرض جهود بلاده “لضمان وقْف إطلاق نار بشكل مستدام وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية”.
يُخشى من أن تتبادل موسكو والرياض الأدوار وتنسّقا المواقف على حساب عدالة القضية اليمنية
ومن المعروف أن روسيا التزمت الحياد السلبي في اليمن منذ بدء العدوان والحصار، واكتفت بلعب أدوار غير مباشرة، على رغم تأييدها دور مبعوثِي الأمم المتحدة لإرساء السلام في البلاد. إلّا أن مصادر ديبلوماسية موالية لحكومة عدن، أفادت بأن موسكو دخلت على خطّ الأزمة اليمنية خلال الأشهر الماضية، وفتحت قنوات تواصُل مع مختلف الأطراف، ومنها حركة «أنصار الله»، وهي تدعم دعوات المنظّمة الدولية إلى وقْف شامل لإطلاق النار والتوجّه نحو تسوية شاملة.
على أن اللافت في رؤية روسيا للحلّ، هي أنها ترتكز على حوار يمني ـ يمني، من دون الإشارة إلى السعودية كقائد رئيس للحرب والحصار منذ ثماني سنوات، وهو ما يتطابق مع رؤية الولايات المتحدة، ورغبة المملكة في الخروج من المستنقع اليمني من دون تحمُّل أي التزامات، الأمر الذي سبق لصنعاء أن رفضتْه، وأصرّت على تحميل الرياض مسؤولية ما تعرّض له اليمن من دمار.
وفي موقف يعبّر عن تقليل حكومة الإنقاذ من أهمّية الحديث عن حوار يمني – يمني قبل تحييد «العنصر الأجنبي»، قال نائب وزير خارجية تلك الحكومة، حسين العزي، في تغريدة، إنه “لا يمكن تصوُّر حوار يمني – يمني في ظلّ بقاء الطرف الآخر تحت قيادة غير يمنية”، واعتبر فضّ «التحالف» الذي تقوده السعودية، وخروج القوات الأجنبية، “خطوة في سبيل فتْح الأفق أمام الحلول المستدامة”، كما شدّد على ضرورة رفْع الحصار كـ”ضرورة إنسانية لبناء الثقة والسلام”.
الاخبار اللبنانية