فشلت الأمم المتحدة في حشْد المزيد من الأموال هذا العام لتمويل خطّتها الاستجابية في اليمن. فبعد أن عرضت معاناة اليمنيين في «مزادات علنية» من خلال مؤتمر المانحين الذي نظّمته الإثنين في جنيف، بحضور أمينها العام أنطونيو غوتيريش، ومشاركة عشرين دولة لم تكن من بينها السعودية، أعلنت المنظّمة الأممية حصولها على 1.2 مليار دولار لتمويل الخطّة الإنسانية التي تتطلّب 4.3 مليار دولار، وهو مبلغ خيّب آمال المنظّمات الدولية العاملة في اليمن كونه لا يتجاوز 28% من حجم التمويل المطلوب، فيما استدعى تعليقاً صادماً من الأمم المتحدة قالت فيه إن «العالم تخلّى عن اليمن».
وفي ردود الفعل اليمنية، حذّرت مصادر حكومية في عدن من أن تراجُع تمويلات المانحين سيضاعف المعاناة الإنسانية لليمنيين، وسيدفع الأمم المتحدة إلى وقْف العشرات من المشاريع المدرَجة في خطتها الاستجابية للعام 2023. ومن جهته، اعتبر عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، محمد علي الحوثي، أن «اليمن يحتاج إلى الاستفادة من مقدّراته التي يمنعه المانحون من الاستفادة منها.
فما قدّموه في حروبهم على اليمن، وما استلموه من قيمة أسلحتهم التي قتلت أطفال وشعب اليمن بعدوانهم وإرهابهم وحصارهم، لا يخوّلهم الظهور كحمائم سلام في أسوأ أزمة صنعها عدوان أميركي بريطاني سعودي».
التمويلات التي حصلت عليها الأمم المتحدة من مؤتمر المانحين هذا العام محدودة أمام حجم الاحتياجات المهول
بدورها، اتّهمت مصادر سياسية في صنعاء، الأمم المتحدة، بالفشل في إدارة أموال المانحين خلال السنوات الماضية، لافتةً إلى أن أكثر من 23 مليار دولار قدّمها «المجتمع الدولي» لمساعدة الشعب اليمني لم يكن لها أثر إيجابي كبير، معتبرةً حديث المنظّمة الدولية عن ارتفاع الاحتياجات الإنسانية هذا العام «اعترافاً ضمنياً بفشلها في وقْف المعاناة»، وهو ما يتطلّب من الجميع «الإسهام في الدفع نحو السلام لإنهاء كل تداعيات العدوان والحصار».
وأوضحت المصادر أن الأزمة الإنسانية تفرض على الأمم المتحدة و«المجتمع الدولي» بذْل المزيد من الجهود لتنفيذ البنود المتّصلة بالملفّ الإنساني، باعتبار ذلك الخيار الأنسب للحدّ من معاناة اليمنيين، وخاصة عبر صرْف المرتبات الذي سيستفيد منه ما يزيد على 1.2 مليون موظّف، يعيلون نحو 4.7 مليون إنسان انقطعت مصادر دخْلهم الأساسية منذ سبع سنوات.
وفي الاتّجاه نفسه، أكد مصدر مسؤول في «مجلس الشؤون الإنسانية» في صنعاء، أن التمويلات التي حصلت عليها الأمم المتحدة من مؤتمر المانحين هذا العام، بسيطة جداً ومحدودة أمام حجم الاحتياجات المهول، داعياً المنظّمة الدولية إلى إنفاق هذه التمويلات في مشاريع أكثر فعالية.
وكان غوتيريش قد حذّر، خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح مؤتمر المانحين، من مخاطر انهيار الهدنة، والذي قال إنه سيتسبّب في مجاعة لأكثر من مليونَي شخص، وأكد أن «المجتمع الدولي» لديه القدرة على صرْف أموال بسرعة لمساعدة اليمن، ووصَف المساعدات المطلوبة بأنها «ضماد مؤقّت وليست علاجاً للأزمة الإنسانية».
يُذكر أن الولايات المتحدة أعلنت، في خلال المؤتمر، الإسهام بـ444 مليون دولار، فيما تعهّد الاتحاد الأوروبي بتقديم 207 مليون يورو. وأعلنت بريطانيا، بدورها، دعم خطّة الاستجابة الإنسانية ب88 مليون جنيه إسترليني، بينما التزمت الإمارات برفدها بـ325 مليون دولار.
وقدّمت كندا، من جانبها، 46 مليون دولار، في حين تبرّعت اليابان بـ19 مليون دولار، والكويت ب17.8 مليون دولار.