دخلت روسيا مباشرةً على خطّ الأزمة اليمنية، في مسعًى متجدّد إلى تثبيت التهدئة، وذلك بعدما أَطلقت «أنصار الله» تحذيرات للتحالف السعودي – الإماراتي من مغبّة إعادة تعطيل التفاهمات التي يَجري العمل عليها.
وكرّرت موسكو، التي بذلت في الأشهر الماضية جهوداً غير معلَنة لتقريب وجهات النظر بين صنعاء والرياض، خلال زيارة أجراها المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، إليها، مساندتها الجهود الأمميّة والإقليميّة الهادفة إلى إحلال السلام في اليمن، كما أوفدت ممثّلها الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل يوغدانوف، إلى مسقط.
وأجرى مبعوث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وفق مصادر ديبلوماسية مطّلعة، مباحثات مع الجانب العُماني، ومع وفد صنعاء المفاوض، تركّزت خصوصاً على منْع أيّ تصعيد محتمَل، والحفاظ على حالة التهدئة القائمة.
وكشفت المصادر، لـ«الأخبار»، أن المقترحات التي قدّمها بوغدانوف جاءت بعدما طلبت المملكة تدخُّلاً روسيّاً، في ظلّ بروز عقبات على خطّ المفاوضات الجارية مع «أنصار الله» بوساطة عُمانية، والتي عادت المملكة في غضونها لتُحاول مقايضة ملفّات سياسية وعسكرية بالملفّ الإنساني.
وأفادت السفارة الروسية في مسقط، من جهتها، عبر حسابها في «تويتر»، بأن بوغدانوف الذي يقوم بزيارة عمل إلى سلطنة عُمان، التقى ممثّل حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، وناقش معه بالتفصيل الوضع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن، مشيرة إلى أنه «شدّد على ضرورة تكثيف جهود كافة القوى السياسية اليمنية من أجل ضمان وقْف مستدام وطويل الأمد لإطلاق النار، كوْن ذلك سيؤدّي إلى تهيئة بيئة مواتية لبدء عملية التفاوض البنّاءة والشاملة برعاية الأمم المتحدة من أجل تسوية شاملة للأزمة في اليمن، وتعزيز السلام والأمن في المنطقة».
ناقش بوغدانوف مع ممثّل «أنصار الله» الوضع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن
وتزامَن الحراك الروسي مع إعلان قوات صنعاء، الأحد، رفْع الجاهزية والاستعداد لتصعيد مفتوح سيطاول العمقَين السعودي والإماراتي، وسيستهدف مصالح البلدَين الاقتصادية والنفطية بشكل خاص، فضلاً عن وضْعها كافّة القواعد العسكرية الأجنبية في مختلف الأراضي اليمنية والجزر ضمن بنك أهدافها. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس هيئة الأركان، اللواء الركن محمد الغماري، أن القوات المسلّحة بكافة تشكيلاتها العسكرية «على أتم الجاهزيّة والاستعداد لأيّ خيارات تتطلّبها المرحلة».
وجاءت هذه التصريحات التي نقلتها شبكة «المسيرة» الإعلامية التابعة لـ«أنصار الله»، توازياً مع تحذيرات جديدة أطلقها «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، الأحد، لدول «التحالف» من مغبّة تجاهل رسائل زعيم الحركة، عبد الملك الحوثي، وتلويحه بالعودة إلى الخيار العسكري، ودعوته إلى التعبئة والجاهزية لمعركة فاصلة.
وقال المجلس، في بيانه، إن رسائل الحوثي، في خطابه الأخير، «واضحة لكلّ الحريصين على السلام في اليمن والمنطقة، ولا يجب أن تستمرّ المماطلة في فهْمها»، مؤكداً تمسّكه بأولوية الملفّ الإنساني في أيّ حوارات، ورفْضه الوجود العسكري الأجنبي على الأراضي اليمنية، بما فيه الأميركي والبريطاني.
وجزم بأن هذا الوجود سيتمّ التعامل معه باعتباره احتلالاً، مضيفاً أنه سيُصار إلى «اتّخاذ جميع الخيارات لنَيْل الحرية الكاملة والاستقلال التامّ». كما دان المجلس «الدور الأميركي الذي يعيق التفاهمات في شأن صرْف رواتب الموظّفين من ثرواتهم الوطنية»، محذّراً من أيّ عرقلة لوصول السفن إلى ميناء الحديدة.
ميدانياً، اندلعت، مساء السبت، مواجهات عسكرية عنيفة في مديرية حريب جنوب مأرب، بين قوات صنعاء والتشكيلات الموالية لـ«التحالف»، استمرّت لساعات، وأدّت إلى مقتل وإصابة نحو 14 عنصراً تابعاً لهذه الأخيرة. ووفقاً لمصادر قبلية، بدأت المعارك في أعقاب محاولة مقاتلي «العمالقة» التسلّل إلى مواقع تابعة لـ«أنصار الله» في منطقة حريب، وانتهت بسيطرة الحركة على المنطقة التي انطلق منها الهجوم.
وفي موازاة ذلك، جدّدت القوات السعودية في جيزان، هجومها المدفعي على المناطق الحدودية الواقعة في نطاق محافظة صعدة، ما أدّى إلى سقوط جرحى من المدنيين، كما تمّ رصْد مناوشات في جبهات جنوب الحديدة وفي محافظة الجوف خلال اليومَين الماضيَين.
الأخبار اللبنانية