فجرت السعودية أزمة جديدة داخل السلطة الموالية لها جنوب اليمن، فهل قررت الرياض تحييد المضيف المشكوك بولائه أم محاولة جديدة للهرب من استحقاقات اقتصادية؟
على نار هادئة، طبخ السفير السعودي، محمد ال جابر، أزمة بنشر تصريحات عبر صحيفة سعودية باسم المرتزق رشاد العليمي، رئيس سلطة الرئاسي، الذي كان يعيش فترة نقاهة بألمانيا بعد لقاءات أوروبية مضنية لإقناعهم بسلطته المنفية في الخارج.
فصل السفير الأزمة على مقاس اجندة بلاده التي تتوق لبقاء الصراع داخل المكونات اليمنية شمالها وجنوبها، وقد أفرد في المقابلة مساحة واسعة للحديث عن القضية الجنوبية التي يدرك السفير ذاته بأنها السهام الأخير في قلب التحالف الذي اعيد صناعته مؤخرا مع الحلفاء في أبو ظبي.
كانت الرسالة واضحة لم يعد ثمة قضية “جنوبية” وأن حملت الرسالة ديباجة دبلوماسية وشعارات فضفاضة حول الضمانات الإقليمية بحلها وفق للنظام الفيدرالي ، كما قال العليمي او قيل عنه.
هذه الرسالة التي استفزت الجنوبيين سواء داخل الانتقالي او خارجه، لم يكن العليمي ليتجرا الخوض فيها، كما يرى القيادي في الانتقالي، عبدالله الغيثي، لو لا ضوء اخضر سعودي، فالعليمي الذي يحاول في كل لقاءاته وخطاباته استحضار عيدروس الزبيدي كعصا في وجه خصومه جنوبا وشمالا، أضعف من أن يسقط قضية بحجم “الجنوبية”.
حتى الأن لم يتضح الدافع السعودي من نشر مثل هكذا تصريحات، وهل هي للتغطية على فضيحة إعلان وديعة المليار دولار وما تلاها من ضغوط على سلطة الرئاسي وحكومة معين لتنفيذ استحقاقاتها كوقف انهيار العملة المحلية وارتفاع المواد، أم تعكس قرار سعودي لتسريح الانتقالي.
تصعيد الإنتقالي
لكن الأهم الأن هو انها تتزامن مع تصعيد الانتقالي بملف الوفد المفاوض عن الجنوب وإصرار الزبيدي الذي التقى المبعوث الأممي على ذلك، وهي خطوة تشير إلى أن الرياض تحاول الضغط على الانتقالي أما الاندماج في وفد العليمي طواعية او استبعاده من المعادلة.
لاسيما وأن الإعلان عن ترحيل ملف الجنوب سبقته السعودية بتحركات سياسية وعسكرية واقتصادية أهمها تفكيك فصائل الانتقالي وإخراج غالبيتها من عدن بالتوازي مع نشر قوات “درع الوطن” الأكثر ولاء للسعودية بالتوازي مع الحراك الذي شهدته العاصمة المصرية خلال الأسبوع الماضي وتضمن إعادة بناء تحالفات هادي والحراك والقوى الجنوبية والحضرمية ناهيك عن استمرار قطع مرتبات الانتقالي ومقاتليه للشهر السابع على التوالي وما ترتب عن ذلك من فقاعة وجوع أجبر المئات من تلك العناصر على الارتماء بأحضان خصوم المجلس.
وبغض النظر عن الهدف السعودي في ظل تشعب الوضع جنوبا، يبقى المؤكد الآن أن الوضع يتجه نحو مواجهات عسكرية بدأت مؤشراتها ترتسم على أرض الواقع في ظل التحشيدات التي تقودها السعودية من الرياض وتهدف من خلالها لإعادة بناء تحالفات ما قبل الانتقالي وهو ما يعني بأن المجلس أصبح الآن الطرف الأضعف في المعادلة.
العليمي يتحدى الانتقالي بالعودة إلى عدن
على سياق اخر، اقر رشاد العليمي، رئيس سلطة الرئاسي، العودة إلى عدن، ابرز معاقل الانتقالي جنوبي اليمن، في تحدي غير مسبوق للمجلس وفصائله المنادية بالانفصال.
وأفادت وسائل اعلام رسمية في حكومة المرتزقة بأن العليمي يرتب للعودة إلى ما وصفته بارض الوطن بعد ختام زيارته للسعودية. وكان العليمي وصل في وقت سابق إلى الرياض قادما من مقر اقامته في العاصمة الألمانية حيث كان يتلقى العلاج.
ولم تحدد وكالة سبأ، فرع الرياض، المحافظة التي سيقصدها العليمي، لكن في حال عاد إلى عدن ستكون تلك بمثابة ضربة قاصمة للانتقالي خصوصا وانها تأتي بعد تصعيده عسكريا واعلاميا كرد على تصريحات للعليمي اعلن فيها اسقاط “القضية الجنوبية”.
وشهدت مدينة عدن انتشار لفصائل الانتقالي لاسيما “العاصفة” التي تتلقى تعليماتها من عيدروس الزبيدي رسميا، في حين لوحت قيادات الانتقالي بعدة خيارات ابرزها الانسحاب من سلطة الرئاسي، كما هدد بذلك ناصر الخبجي، رئيس وفد المفاوضات، وإعادة تنفيذ الإدارة الذاتية التي سبق للانتقالي وأن تراجع عنها.
وكان العليمي قال في تصريح صحفي إن الوقت ليس مناسب لمناقشة القضية الجنوبية، مشترطا تأجيل الحديث فيها حتى ما وصفها بـ”استعادة صنعاء” في محاولة لفرض الحرب شمالا على الانتقالي المطالب باستعادة الدولة “جنوبا”.
وفجرت تصريحات العليمي التي ادلى بها لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية غضبا في صفوف الانتقالي الذي طالب ببيان لمتحدثه الرسمية علي الكثيري، بتوضيح من العليمي في وقت تعرض فيه العليمي لهجوم غير مسبوق خصوصا من قيادات رفيعة في الانتقالي ممن وصفته بالانقلاب وطالبت بطرده من عدن كخطوة فعلية.