بعد أشهر عديدة من مفاوضات بلا نتائج منذ توقف الهدنة في أكتوبر الماضي، اثر عرقلة أمريكية واضحة تستجيب لها دول تحالف العدوان، أطلق قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي تحذيرات أخيرة لإنقاذ الموقف قبل فوات الآوان، فالحرب آتيه لا مهرب منها، فسقف المفاوضات محدود.
هذا ولا زال تحالف العدوان يبحث عن ثغرات وعراقيل لإعاقة خطوات التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة فهذه المرة يقدم التحالف شروطا جديدة تتضمن ربط المرتبات بفتح الطرقات، وتوسيع الرحلات وفتح ميناء الحديدة، وهو ما رفضته صنعاء باعتبارها محاولة جديدة لربط ملفات إنسانية بأخرى عسكرية.
وتشدد صنعاء على ضرورة فصل الملفات الإنسانية باعتبارها استحقاقات لأي تقدم في مسار الهدنة. وكان قائد الثورة، السيد عبدالملك الحوثي، هدد خلال كلمة له الجمعة الماضية باستئناف العمليات العسكرية، متهما التحالف بإطالة أمد المفاوضات والتهرب من تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية في تأكيد على تعقيدات تعترض طريق المفاوضات.
تدخل أمريكي لنسف المفاوضات
وركزت الكلمة الأخيرة لقائد الثورة، على عدد من النقاط كان أبرزها الكشف عن مسار المفاوضات السياسية التي تجري بوساطة عٌمانية، حيث أشار الحوثي إلى مماطلة التحالف تجاه الاستحقاقات والالتزامات التي لابدَّ منها، منوها إلى وقوف الولايات المتحدة خلف هذه المماطلة واستفادتها من استمرار الحرب في اليمن.
وقال السيد عبد الملك أنّ “الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى عرقلة الجهود العمانية، وهي إبعاد التحالف عن أيّ اتفاقٍ أو تفاهم، وهذا غير مقبول أبداً”، مضيفاً أنّ “الملف الإنساني هو أولوية في المفاوضات”. وأوضح أن الأمريكي يحاول عرقلة الجهود العمانية في 3 نقاط أساسية أولها محاولته إبعاد التحالف السعودي الإماراتي عن أي التزامات تترتب على أي اتفاق.
وأشار إلى أن من بين النقاط التي يحاول الأمريكي فرضها، إبقاء القوات الأجنبية مسيطرة على المناطق اليمنية، وأن يجعل من خروج هذه القوات مؤجلة وإلى أجل غير مسمى، مؤكدا أنه”لا يمكن أن نقبل بحلول للمشاكل السياسية في ظل وجود قوات أجنبية غازية محتلة في أي محافظة أو جزيرة”.
وشدد على أنّ “اليمن لا يمكن أن يقبل بوجود قواتٍ غازية أو مُحتلة في أيّ محافظةٍ أو جزيرة، لأنّ في ذلك تدخلاً مباشراً بشؤون بلادنا”. وخاطب واشنطن، بقوله: “عليك أن تسحبي قواتك من اليمن”، معقباً “نحن نسعى لدحر قواتكم سواء في المحافظات أو الجزر وسنستمر في كل الخيارات لتطهير بلدنا”.
مبادرة غربية مفخخة
هذا وكانت ثلاث دول غربية قد أطلقت مبادرة جديدة في اليمن، تخللتها عروضا اقتصادية، في محاولة لسحب بساط المفاوضات من مسقط.. يأتي ذلك بعد ساعات على دفع هذه الأطراف في مجلس الأمن لتمديد العقوبات الدولية على اليمن الذي يتعرض لعدوان وحصار منذ 8 سنوات.
وأصدرت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بيانا مشتركا عقب اجتماع لسفرائهم في اليمن.. وتضمن البيان مبادرة وعروض اقتصادية. وكانت أبرز بنود المبادرة المتضمنة في البيان السماح باستئناف تصدير النفط مقابل تلبية احتياجات اليمنيين في إشارة إلى صرف المرتبات، لكنها ربطت ذلك أيضا بفتح الطرقات في إشارة إلى ربط الملف العسكري بالإنساني مجددا.
وعرضت الدول الثلاث مغريات اقتصادية عبر التوعد بحشد الدعم الاقتصادي لليمن. ويشير البيان إلى مساعي هذه الاطراف التي تعاني من أزمة طاقة استئناف تصدير الطاقة من اليمن والمتوقف بفعل قرار صنعاء نتيجة النهب المنظم له من أطراف العدوان. ويأتي البيان بعد ساعات قليلة فقط على دفع هذه الأطراف نحو تمديد العقوبات ووضع اليمن تحت الوصاية الدولية في خطوة عمقت التصدعات في جدار المفاوضات التي تحتضنها العاصمة العمانية بين صنعاء والرياض.
وتشير المبادرة الثلاثية من حيث التوقيت إلى مساعي هذه الأطراف التي دعت في ديباجية البيان لمفاوضات يمنية – يمنية برعاية اممية اخراج المفاوضات من كواليس مسقط واخضاعها للمساومات الدولية، خصوصا وأنها تتزامن مع تقارير عن انتكاسة جديدة في المفاوضات بمسقط، والعودة إلى المربع الأول وهو ما لا تقبله صنعاء.
وأن خيار العودة للعمليات العسكرية في ظل مماطلة التحالف، وحالة اللا سلم واللاحرب التي تضع اليمن على حافة الهاوية، في ظل العدوان والحصار، رغم أن صنعاء كانت قد منحت الفرصة الكافية للتحالف لنجاح المساعي في المفاوضات والحوارات للتفاهم الجاد والعملي في كل الملفات، مما يساعد على نجاح تنفيذ الهدنة.
تحذيرات أخيرة
ستعود الحرب إذا، هكذا تقول المتغيرات، وقد دعا قائد الثورة إلى مظاهرة شعبية حاشدة اليوم الجمعة من ضمن عناوينها التحذير للتحالف، وهذا ما يٌعرف لدى المتابعين لتحركات صنعاء برفع الحٌجة، ومالم يكن هناك تحرك عاجل من قبل التحالف للقبول بشروط صنعاء تكون المفاوضات قد انتهت من حيث بدأت، وتبدأ المواجهة بمعادلة جديدة رسمها قائد الثورة في خطابه عنوانها الاستقلال الكامل، وأول ذلك بطرد القوات الأجنبية من اليمن.
وبالنسبة لصنعاء فإن التدخل الأمريكي بهذه النقاط هو تصفير لما كان تم إحرازه من تفاهمات أولية، وبالتالي حٌكم على المفاوضات بالفشل، ولا خيار أمام ذلك سوى العودة إلى الحرب، وهي ما يبدو الخيار الأقرب باعتبار أن العرقلة الأمريكي تمس مبادئ أساسية وخطوطا حمراء لا مساومة فيها لدى صنعاء.
وكان حذر قائد الثورة التحالف قبل أيام من تضييع الفرصة التي تم منحها لإنجاح الوساطة العٌمانية مؤكدا على أن صبر صنعاء لن يستمر إلى ما لا نهاية، لكن وبدلا من الاستماع إلى هذا التحذير برز الأمريكي ليُعلن وجوده في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف كأمر واقع، حيث تم الكشف عن قاعدة عسكرية في حضرموت، كما استمرت المماطلة من قبل التحالف في جانب الاستحقاقات الإنسانية، واستمر الإصرار على التنصل عن الالتزامات المترتبة على الحرب.
عودة الحرب
ودشنت كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، أمس الخميس، مرحلة جديدة بعنوان طرد القوات الأجنبية من اليمن، وإنهاء حالة مراوغة التحالف في المفاوضات من أجل السلام. وستعود الحرب وستبدأ المواجهة بمعادلة جديدة رسمها قائد الثورة في خطابه عنوانها الاستقلال الكامل، وأول ذلك بطرد القوات الأجنبية من اليمن.
ولقد أظهرت صنعاء الكثير من المرونة خلال الفترة الماضية، وكان ذلك على أمل أن تتخذ دول التحالف قرارها بشكل مستقلا بعيدا عن التدخل الأمريكي الذي كان معرقلا منذ البداية وواضحا من خلال التحركات والتصريحات للمسؤولين الأمريكيين ومنهم ليندركينغ الذي اعتبر المطالب بصرف المرتبات مستحيلة.
لكن صنعاء باتت أكثر قناعة اليوم أن دول التحالف مهما كانت المتغيرات العالمية لا يمكن أن تتحرك بعيدا عن القرار الأمريكي، وقد أكد الحوثي في خطابه أن الأمريكي يحاول أن يعرقل المساعي العمانية، وأدواته طيِّعة، وسيئةٌ كذلك، ولا تحمل النوايا الحسنة، بل إن اتجاهها في الأساس هو عدواني.
ويقول قائد الثورة على الأمريكي أن يدرك أنه بالنسبة لنا في موقع المعتدي المحتل، وأنَّ عليه أن يرفع جنوده، وأن يبعدهم من أي قاعدة في بلدنا، هذا غير مقبول أبداً، عليه أن يرحل، ارحل، ارحل من بلدنا، من أرضنا، أنت محتل، وأنت معتدٍ، ارحل من الريان، ارحل من المكلا، ارحلوا من كل محافظات بلدنا، ارحل يا سعودي، ارحل يا إماراتي، ارحل يا بريطاني، ارحلوا أنتم كلكم محتلون في أي محافظة، في أي منشأة، في أي قاعدة، في أي جزيرة، في أي مكانٍ من مياهنا الإقليمية في البحر.