يسعى الاحتلال السعودي الإماراتي، تفجير الجنوب بفوضى صراع مناطقي، حتى ينشغل بتنفيذ مخططاته دون عراقل، إذ يعمل على إغراق أبين بفصائل الانتقالي وتحديدا القادمة من الضالع ويافع ولحج لاشعال فتيل الصراع المناطقي التي بدأت مؤشراته على الأرض بمواجهات بين القبائل المحسوبة على تيار “الزمرة” وفصائل المثلث المحسوبة على الطغمة وهو ما قد ينقل سيناريو يناير من عدن إلى أبين ويضع الأخيرة التي يتعرض فيها الانتقالي للاستنزاف إلى ساحة تصفيات بديلة.
طرد الإنتقالي من عدن
وبدأت قوات الانتقالي، مغادرة عدن رسميا وسط تكتم إعلامي غير مسبوق. وأظهرت صور تداولها ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أرتال ضخمة لقوات الانتقالي وهي تغادر مدينة عدن ليلا من المنفذ الشرقي. وتتجه القوات التي تضم آليات ومدافع ودبابات صوب أبين المكتظة بعشرات الفصائل التابعة للانتقالي.
ولم تتضح هوية الفصائل المغادرة، لكن توقيتها يؤكد التقارير عن قرار الانتقالي الانسحاب من عدن خصوصا وأنها تأتي بعد استعراض لالوية “الدعم والاسناد” والتي اعيد ضمها إلى ما يعرف بـ”محور أبين”. والفصيل الذي غادر عدن جزء من نحو 39 فصيل مترامية الولاء تتقاسم عدن كمستوطنات وقطاعات أمنية تديريها بشكل مستقل.
تسليم رأية الإنفصال
هذا وقلص المجلس الانتقالي، المنادي بانفصال جنوب اليمن، سقف مطالبه السياسية. يأتي ذلك عقب لقاء رئيسه المقيم في الامارات بالمبعوث الأممي، مشدداً بضرورة إيجاد مسار تفاوضي للقضية الجنوبية في المفاوضات اليمنية المرتقبة. ومطالب الزبيدي باستحضار القضية الجنوبية يعد تراجع ملحوظ في مطالب المجلس الذي رفع مؤخرا سقف مطالبه مؤخرا إلى درجة المطالبة بوفد جنوبي مستقل ومفاوضات ندية بين الشمال والجنوب، مفجرا بذلك أزمة داخل الرئاسي.
بدورها، باركت هيئة رئاسة الانتقالي، طي ملف الجنوب رسميا ببيان وصفت فيه لقاء الزبيدي وجرودنبرغ، بالخطوة الهامة على طريق تفعيل وفد الرئاسي المفاوض. يأتي ذلك أعقاب تهديدات دولية بضم رئيسه لقائمة العقوبات الدولية. وهذه المرة الأولى التي يعلن فيه الانتقالي موافقته على المشاركة ضمن وفد سلطة غالبية أعضائها من الشمال أو يتبعون أحزاب وقوى شمالية، وهو ما يعد خطوة نحو إنهاء المطالب باستعادة الدولة الجنوبية.
وتزامن خفض الانتقالي لمطالبه مع عودة معين عبدالملك، رئيس حكومة المرتزقة، إلى عدن بعد أن فر منها على واقع تصعيد للانتقالي، مؤشر على خضوع الزبيدي للضغوط الدولية والإقليمية بتذويب نفسه في اطار السلطة الموالية للتحالف جنوب اليمن.
شلال يعلن الجاهزية
في هذا السياق، أعلن شلال شائع، قائد فصيل “مكافحة الإرهاب” جاهزية قواته لمغادرة عدن. أثناء اقامة استعراض هناك، دون رفع علم الجنوب، وقال إن قواته جاهزة لمواجهة الإرهاب في عموم الجنوب في إشارة إلى أبين حيث تدور معارك استنزاف بين التنظيم والانتقالي.
يأتي ذلك عشية وصول وزير الداخلية في حكومة المرتزقة وسط تقارير عن عرض منصب على شائع. وخطوة شائع الذي ظل يتهم بعرقلة الرئاسي بمثابة إعلان ولاء وامتثال خصوصا بعد تسليمه ملف مكافحة الإرهاب.
وإخراج الانتقالي عسكريا من عدن ضمن استراتيجية جديدة تتضمن تقليص نفوذه السياسي بعد موافقة رئيسه على الانخراط بوفد الرئاسي بدلا عن المطالبة بتمثيل الجنوب.
عودة التنافس على حضرموت
على سياق اخر، استأنفت قوى الإحتلال السعودي الإماراتي، السباق على حضرموت، يأتي ذلك عقب نجاحهما باستبعاد قوى الصراع التقليدية في المحافظة النفطية. وبالتزامن مع دفع الإمارات بخالد بحاح كبديل للانتقالي دفعت السعودية حيدر العطاس كبديل للإصلاح.
بحاح الذي عاد قبل أيام من سلطنة عمان بعد وعود إماراتية بتنصيبه رئيس الوزراء بدأ حراك في حضرموت لاحتواء القوى الحضرمية المحسوبة على الانتقالي، إذ التقى في وقت سابق بحسن الجابري قائد الهبة الحضرمية الثانية وأعضاء ما تعرف بـ “لجنة الحرو”. ووفق وسائل إعلام حضرمية فقد ناقش اللقاء الذي عقد بالمكلا الترتيبات للفترة المقبلة.
هذه التحركات تأتي بموازاة تحركات يقودها حيدر العطاس، المحسوب على السعودية، من العاصمة المصرية القاهرة حيث التقى بصالح حريز المري أبرز من قادوا التصعيد ضد الانتقالي في ساحل حضرموت وأبرز خصوم الإمارات والمطالبين بإنهاء سيطرتها على الساحل.
التطورات السياسية تأتي على إيقاع تحركات عسكرية على الأرض مع بدء السعودية نشر فصائل موالية لها تعرف بـ”درع الوطن” في وادي وصحراء حضرموت تمهيدا للتوسع صوب الساحل آخر معاقل الإمارات وهو ما يشير إلى قلق أبو ظبي من مساعي السعودية التي قلصت نفوذ اتباعها جنوبا من انهاء نفوذها في الشرق.
وقد تمثل التحركات الميدانية والسياسية بادرة صراع جديد بين الحيفتين لكن هذه المرة داخل القوى الحضرمية ذاتها.