منذ بداية العدوان السعودي على اليمن عمل تحالف العدوان على تشديد الحصار على الشعب اليمني حيث اتخذ العديد من الإجراءات التعسفية والتي تمس حياة المدنيين بشكل مباشر فلقد فرض تحالف العدوان حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على اليمن في محاولة منه لتركيع الشعب اليمني وفي هذا السياق وخلال كل الفترة الماضية منعت قوات العدوان السعودي سفنا محملة بالمشتقات النفطية من الوصول الى مينائي الحديدة ورأس عيسى في محافظة الحديدة رغم ازمة الوقود التي تخنق مدن البلاد بلا استثناء.
وهدفت قوى العدوان من خلال هذه السياسية التي اتبعتها إلى زيادة معاناة أبناء الشعب في الجانب الاقتصادي، حيث لم تكتف قوى العدوان بما قامت به من قصف وقتل للمدنيين والأطفال والنساء وإغلاق معظم المنافذ البرية وايضاً عمد التحالف السعودي منذُ اليوم الاول للعدوان على اليمن إلى استهداف المطارات في اليمن وخاصة مطار صنعاء الدولي والذي تعرض مرات عديدة للاستهداف من قبل طائرات التحالف السعودي وتوقف العمل فيه لأكثر من 7 سنوات.
في السياق نفسه منع التحالف السعودي الإماراتي وصول ودخول المشتقات النفطية إلى اليمن ليزيد بذلك معاناة الشعب اليمني، بعد أن تم الإعلان عن الهدنة اليمنية في اليمن من قبل الأمم المتحدة كان من المقرر أن يتم دخول السفن النفطية إلى اليمن ، ولكن ما حدث هو العكس تماماً حيث إن التحالف السعودي لم يلتزم ببنود الهدنة المعلنة وخرقها من خلال احتجاز السفن النفطية، وبعد أن تم التنديد بخرق السعودية للهدنة عادت السعودية لتعلن انها سوف تسمح بدخول السفن النفطية لكن في الواقع إن التحالف السعودي الإماراتي وإلى يومنا هذا مازال يحتجز السفن النفطية.
دخول السفن مباشرة إلى ميناء الحديدة دون تفتيش
بعد سنوات من التعنت السعودي لمنع دخول السفن النفطية إلى اليمن والعمل على زيادة معاناة الشعب اليمني من خلال منع المواد الأساسية التي يحتاجها الشعب اليمني والذي يعيش أوضاعاً صعبة بسبب العدوان على اليمن، جاءت تصريحات نائب وزير الخارجية اليمني في حكومة الإنقاذ الوطني لتؤكد انتصار الإرادة اليمنية أمام الغطرسة السعودية.
حيث أعلنا مؤخراً نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية ومحافظ الحديدة ، دخول السفن التجارية مباشرة ميناء الحديدة دون تفتيش. حيث نقلت المواقع الاخبارية أن نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني “حسين العزي” ، أعلن دخول سفن تجارية مباشرة إلى ميناء الحديدة في اليمن دون تفتيش و وصف هذا الإجراء بأنه الخطوة الأولى لتعزيز السلام وتمديد وقف إطلاق النار في اليمن.
وفي هذا الصدد ووفقاً للمهتمين و المراقبين السياسيين للشأن اليمني، فإنه يعني أنه تم اتخاذ الخطوات الأولى لرفع الحصار المفروض على اليمن بعد ثماني سنوات من الحرب. وما تجدر الإشارة اليه أن نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني وصف الخطوة بأنها “بارقة أمل لكنها غير كافية” وقال إن الدخول المباشر لجميع السفن التجارية إلى موانئ الحديدة دون توقيف أو تأخير هو الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح.
من جهةٍ اخرى دعا نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني حسين العزي إلى إلغاء آليات التفتيش من قبل الأمم المتحدة وقال: “هذه الخطوة تحتاج إلى تعزيز وتوسيع من خلال إلغاء (عمليات التفتيش على السفن)”. في السياق نفسه فقد تناقلت وسائل الإعلام المختلفة أن جميع السفن التجارية ستدخل ميناء الحديدة دون تأخير وتتوقف بدلاً من التوجه إلى ميناء عدن ودفع الرسوم والضرائب الجمركية في عدن.
الرهانات الاقتصادية لتحالف العدوان تنكسر
على مدى ثمانية أعوام من الاستهداف والقتل الممنهج والحصار الجائر الذي وقع ضحيته الملايين من الأبرياء المدنيين جلهم من الأطفال والنساء.رافق ذلك حرب اقتصادية ممنهجة استهدفت كل شيء متعلق بالحياة المعيشية للمواطنين وما الأزمات الأخيرة التي شهدها الشارع اليمني إلا تصعيدا وامتدادا لبرنامج العدوان الاقتصادي على مدار الثمانية أعوام العدوانية التي مضت وفشلت أمام صخرة التحدي للشعب اليمني..
أشكال هذه الحرب الاقتصادية التي شنها العدوان ضد الشعب اليمني كانت واضحة منذ البداية وقد تحولت ضغوط الحرب الإقتصادية، من مجرد ضغوط وابتزاز لشراء الولاءات، إلى حرب اقتصادية ضارية، و مكشوفة بالتوازي مع الحرب العدوانية العسكرية، وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، استخدمت قوى العدوان السعودي كل الأسلحة الاقتصادية والعسكرية، من أجل التسريع في انهيار البلاد، وسقوط حصونها، وبالتالي استسلام شعبها، ورفع الراية البيضاء.
حيث ركزت قوى العدوان في البداية وبناءً على استشارات من مراكز بحث اقتصادية واستراتيجية أمريكية وصهيونية،على عدة اتجاهات في حربها الاقتصادية على الشعب اليمني.. أهمها فرض حصار بحري وجوي وبري على اليمن، حيث منعت قوى العدوان وعلى رأسها مملكة آل سعود دخول أو خروج أي شيء يخدم الاقتصاد اليمني، ففرضت حظراً على التجارة، وحظراً مماثلاً على استيراد المواد الأساسية والضرورية لحياة الناس مثل القمح الطحين والحبوب، والأدوية والسكر والشاي، والأدوات المنزلية وغيرها الكثير مما يحتاجه الناس في حياتهم اليومية.
تدمير ممنهج
وبموازاة هذا الحصار الظالم، دأبت قوى العدوان الغاشمة على تدمير المصانع والمخازن والأسواق والمدارس والمرافق الحياتية ولم يستثن أي شيء على الأرض اليمنية إلا وطاله القصف السعودي الهمجي.
في مقابل كل الرهانات السعودية وخلال كل السنوات من العدوان ظهر صمود اسطوري للشعب اليمني الذي ما فترت عزائمه ولا وهنت ولا انكسرت ارادته ولا خارت قواه فلقد واجه الشعب اليمني جميع أنواع الحروب التي شنها تحالف العدوان عليه بما فيها الحرب الاقتصادية بعزيمة وصبر ولم يتنازل ولم يتخلَ عن مبادئة ولم يبع وطنه وفي المقابل فإن التصريحات الاخيرة التي أدلى بها نائب وزير الخارجية اليمني في حكومة الإنقاذ الوطني ما هي الا مؤشر قوي لفشل الرهانات السعودية وانكسارها.
فشل تحالف العدوان على اليمن فشل
كل الممارسات العدوانية، وكل هذه الحرب التي شنتها السعودية ضد الاقتصاد اليمني لم تنل من صمود الشعب اليمني وثباته ورفده لجبهات القتال بالمقاتلين وبالدعم اللوجستي والاقتصادي بما يحتاجه المقاتلون من السلاح ومن الغذاء وما إلى ذلك.في الوقت الذي أبدى اليمنيون تحملاً، يعجز عنه الوصف، عن النقص في المواد الغذائية، وفي المحروقات، وخصوصاً في فصل الشتاء، عن النقص في أغلب المواد الضرورية لاستمرار الحياة.
ليس هذا وحسب، وإنما ازداد الشعب اليمني التفافاً حول مقاتليه من الجيش اليمني واللجان الشعبية وباقي القوى الوطنية، وشكل بكل فئاته وأطيافه السياسية جداراً صلبا يسند عملية التصدي للعدوان ويشحذ همم المقاتلين، الأمر الذي شكل انتصاراً يمنياً لا يقل أهمية عن الانتصارات العسكرية المتلاحقة في جبهات صد العدوان.
وفي هذا السياق وبعد كل الفشل الذي لحق بالتحالف السعودي تُطرح العديد من التساؤلات هل ستفوّت السعودية فرصتها التاريخيّة برفض مبادرة السّلام اليمنية؟ بما أنَّ السعودية فشلت، رغم إنفاقها مئات المليارات من الدولارات، وبما تملكه من ترسانة عسكرية هي الأكبر ربما بين الدول العربية، وبما أن اليمنيين نجحو بالصمود خلال 8 سنوات من الحرب والحصار، واستطاعوا بصمودهم الأسطوري أن ينقلوا الحرب إلى العمق الاستراتيجي في السعودية والإمارات، وباتوا يملكون قوة عسكرية جبارة، رغم الحرب والحصار.
فإن السعودية وخلال الفترة القادمة ليس لديها العديد من الخيارات وسوف تركع أمام الإرادة اليمنية، فالفشل السعودي في اليمن قد كشف وجه السعودية الحقيقي وضعف جيشها الذي لم يحقق اي انتصار يذكر سوا قتل الابرياء والمدنيين وهنا يمكن القول ان تحالف العدوان السعودي وخلال الفترة القادمة سيكون امام وضع محرج جداً فإما أن يجنح للسلم ويوقف عدوانه الظالم ويدخل في مفاوضات مع الجانب اليمني ويخرج جميع قواته من الاراضي اليمنية المحتلة واما أنه سيكون أمام فشل أكبر.
في النهاية لا يخفى على أحد أن فشل دول العدوان الذريع في مختلف المجالات العسكرية والسياسية والإعلامية و الاقتصادية جعلها تتشبث وبدرجةٍ كبيرة على العديد من السياسات الاقتصادية في حربها العدوانية مراهنةً على الوقت لعل وعسى تستطيع تحقّيق بعض المكاسب كأوراق ضغط وإن حجز سفن المشتقات النفطية لتحقيق عدة أهداف منها التأثير مباشرة على مستوى معيشة السكان وبالأخص في ظل تراجع مستوى الدخول الحقيقية ما يجعل تدهور مستوى معيشة السكان عامل ضغط على متخذ القرار.
ولكن تتحمل قوى العدوان والأمم المتحدة، كامل المسؤولية عن التداعيات الإنسانية والاقتصادية المترتبة على اذا ماعاد تحالف العدوان الى احتجاز سفن المشتقات النفطية ومنع دخولها إلى اليمن ، وإنه لمن المثير للسخرية والجدل أن يكون هناك عدم تقيد واحترام التحالف لتصاريح السفن الصادرة من مكتب الأمم المتحدة بجيبوتي, حيث إن أعمال التحالف قد زعزعت ثقة اليمنيين في قدرة الأمم المتحدة على إنهاء الحرب في اليمن وإعادة البسمة والأمل والسلام إلى هذا البلد المنكوب والمظلوم والمنسي.