مقالات مشابهة

هل ستنقذ الرياض نتنياهو؟.. لا يوجد دخان من دون نار والتطبيع قادم!

بينما تصر الرياض على حل القضية الفلسطينية قبل أي تطبيع مع النظام الصهيوني، أكد رئيس وزراء هذا النظام على تطبيع العلاقات مع الرياض في المستقبل القريب وحولها إلى خطة لإنقاذ حياته السياسية. وتواصل الحكومة الحالية في النظام الصهيوني، وهي الحكومة الأكثر راديكالية وعنصرية في هذا النظام منذ تأسيسه عام 1948، مساعيها المتواصلة لإقناع السعودية بالتوقيع على اتفاق لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.

بينما أفادت بعض المصادر السياسية رفيعة المستوى في تل أبيب بأن الرياض تعارض التطبيع مع تل أبيب دون حل القضية الفلسطينية. لكن هذا الأمر لم يوقف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني، وادعى في مقابلة مع قناة تلفزيونية فرنسية أن التطبيع مع السعودية أقرب بكثير مما يتخيله الكثيرون.

وحسب تقرير لصحيفة رأي اليوم الإقليمية، أعلن مركز البث الصهيوني (كان)، نقلاً عن بعض المصادر السياسية في هذا النظام، أن وزارة خارجية هذا النظام تخطط لتجنيد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، من أجل استقطاب الرأي العام السعودي بخصوص موضوع التطبيع بين الرياض وتل أبيب.

وفي هذا السياق أعلن موقع “i24” التابع للنظام الصهيوني أنه حسب الخطة المذكورة، فإن المكانة الرفيعة لهذا النجم البرتغالي، الذي تم التعاقد معه مؤخرًا في الدوري السعودي، سيتم استخدامه من أجل لعب دور فعال في إقناع الرأي العام السعودي وخلق تقارب بين الجانبين.

السعودية هي أحد أهداف الحكومة الإسرائيلية اليمينية ووزير خارجيتها إيلي كوهين، لكن هذه الخطة لا تزال في مراحلها الأولى والمشاورات الأولية جارية حالياً في وزارة الخارجية. كما أفاد هذا الموقع أن قطر سمحت للجماهير الإسرائيلية بالدخول إلى أراضيها للمشاركة في مباريات كأس العالم الأخيرة، والآن إسرائيل مستعدة لتطبيع علاقاتها مع السعودية، التي تعد من أكبر الدول العربية وأكثرها نفوذاً.

وأعلن كوهين خلال زيارته للخرطوم الأسبوع الماضي أنه سيتم توقيع اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسودان خلال الأشهر القليلة المقبلة. أيضا، حتى هذه اللحظة، لم يدلِ رونالدو بأي تصريحات أو تعليقات حول ما قيل في وسائل الإعلام العبرية.

وقال نتنياهو في مقابلة مع موقع “واشنطن إكزامينر” الأمريكي، أواخر ديسمبر الماضي، إنه “يرغب في التوصل إلى اتفاق سلام مع السعودية من أجل إنهاء الصراع بين الطرفين العربي الإسرائيلي” ولكن بيتسليل سموتريتش وزير المالية في الكيان الصهيوني قال إن نتنياهو كاذب في ادعاءاته هذه.

في أغسطس 2020، أعلنت الإمارات والنظام الصهيوني عن توقيع اتفاقية تطبيع بإشراف أمريكي علاوة على ذلك، في 11 سبتمبر 2020، أعلنت البحرين تطبيع علاقاتها مع تل أبيب، كما أعلنت السودان في أكتوبر أنها تطبيع علاقاتها مع النظام الصهيوني، لكنها لم توقع على اتفاق، وفي 10 ديسمبر 2020 تم التطبيع بين المغرب والنظام الصهيوني.

وأثارت هذه الاتفاقات غضب الشعب الفلسطيني وسلطاته وجماعاته، واعتبروا هذه الاتفاقات خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية.

وفي مقال بعنوان “إسرائيل تسعى للتطبيع والسعودية لن تقدم تنازلات”، كتب الكاتب الفلسطيني رجب أبو سرية في صحيفة الأيام، التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الناطقة بالعبرية، أن الإسرائيليين قلقون من أهمية المملكة العربية السعودية الإقليمية ومصداقيتها في الصراع العربي الإسرائيلي معترف بها وطالما كان للسعودية هذه المصداقية والتأثير بين العرب والمسلمين فكل اتفاقيات التطبيع التي أبرمت مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان وقبلها مع مصر والأردن ليست كافية إن لم تنضم السعودية لقطار التطبيع هذا.

خطوات التمهيد للإعلان الرسمي عن التطبيع

يواصل حساب وزارة الخارجية الإسرائيلية مساعيه للتواصل مع شعب المملكة العربية السعودية، في هذا الصدد، فقد أنشأت حسابًا على تويتر باسم “السعودية بالعبرية”، ما أثار تساؤلات حول الأهداف ووراء كواليس هذا العمل. الملف الشخصي لحساب المستخدم هذا يظهر صورة لمكة المكرمة وصورة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وينشر بانتظام أخبار المملكة العربية السعودية بالعبرية.

وأعلن مراقبون وخبراء أن صفحة تويتر هذه مصممة بطريقة تجعل أخبار المملكة العربية السعودية متاحة للصهاينة وتعلن كامل أخبار السعودية وسياسة هذا البلد وتأثيرها على المنطقة. ووفقًا للمعلومات المذكورة، تم إنشاء حساب المستخدم هذا في أبريل 2022 ويتابعه أكثر من 3000 شخص. وصرح بعض الخبراء أنه بناءً على الدراسات، تستخدم إسرائيل الشبكات الاجتماعية لكسر عزلتها في المنطقة والتفاعل بشكل أكبر مع جيرانها.

وفقًا لتقرير هؤلاء الخبراء، تُنشئ وزارة الخارجية الإسرائيلية هذه الحسابات في الشبكات الاجتماعية لإنشاء تواصل وحوار مثمر بين الإسرائيليين والدول المجاورة. ونقل موقع “غلوبس” عن مصدر سعودي رسمي قوله: “ممثلو الشركات ورجال الأعمال الإسرائيليين يأتون إلى السعودية كل يوم ويشاركون في مشاريع كبيرة، بما في ذلك مشروع مدينة نيوم”.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أعلنت الشهر الماضي أن “عشرات رجال الأعمال الإسرائيليين سافروا إلى السعودية في الأشهر الأخيرة لتنفيذ صفقات في مجالات الزراعة والإنترنت”.

تتخذ المملكة العربية السعودية مزيدًا من الخطوات نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل يومًا بعد يوم واتخاذ إجراءات تهدف إلى تهيئة البيئة السياسية والعامة لقبول تطبيع العلاقات مع إسرائيل في المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى في الخليج الفارسي. كما صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرًا في مقابلة مع مجلة أتلانتيك: “نحن لا نرى إسرائيل كعدو، ولكن كشريك محتمل في العديد من المصالح التي يمكننا متابعتها معًا”.

في أغسطس، سمح السعوديون لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق عبر المجال الجوي السعودي. وسبق أن كشف موقع “جيوبوليتيك فيوتشرز” الإخباري التحليلي تفاصيل مهمة عن العلاقات السرية بين الحكومة السعودية والنظام الصهيوني في تقرير له، وكتب أن محمد بن سلمان من المرجح أن يسعى إلى تطبيع العلاقات مع هذا النظام بعد وصوله إلى عرش المملكة.

وفقًا لهذا الموقع، يشعر القادة السعوديون دائمًا بالقلق من أن يؤدي التطبيع العلني للعلاقات مع النظام الصهيوني إلى تشويه صورتهم لأن الأمة السعودية كغيرها من الدول العربية ترفض التعامل مع الصهاينة، وعلى هذا الأساس فضل القادة السعوديون كغيرهم من الحكام العرب التواصل مع الصهاينة بشكل غير رسمي.

كما زار العديد من مسؤولي النظام الإسرائيلي المملكة العربية السعودية سراً للتنسيق الأمني ​​خلال العقد الماضي، والتقى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأسبق للنظام الصهيوني، بمحمد بن سلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020؛ رغم أن وزير الخارجية السعودي نفى عقد مثل هذا الاجتماع ووفر بيع برنامج التجسس “بيغاسوس” من قبل شركة التكنولوجيا الصهيونية “NSO” للسعودية أساساً للتعاون في مجال التجسس بين الجانبين.

وقال مسؤول إسرائيلي مؤخرا: “إسرائيل تأمل أن تكون الخطوات التي ستتخذها السعودية في الأيام المقبلة بداية لعملية التطبيع بين الدول الأخرى” وأضاف “لا يمكننا أن نتخيل أن التغيير في المنطقة سيستمر دون التطبيع بين إسرائيل والسعودية، ونتخذ خطوات تدريجية لتحقيق هذا الهدف”.

أدلة كثيرة تظهر العلاقات السرية لمحمد بن سلمان مع النظام الصهيوني، بينما تشجعه دول غربية كثيرة على إقامة علاقات دبلوماسية مع هذا النظام وتعتبره الخالق الحقيقي للسياسات السعودية لكن تطبيع علاقات الرياض مع تل أبيب لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا لا يمكن القيام به بسهولة بسبب قلقها من موقعها وتأثيرها بين الدول العربية في المنطقة، وخاصة في نظر الفلسطينيين.

بداية مؤشرات التطبيع العلنية

لعل بداية مؤشرات التطبيع انطلقت في يونيو 2017، عندما أُطلق وسم “سعوديون مع التطبيع”، بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرياض في 21 مايو من العام نفسه.

وقبل وصول ترامب إلى الرياض جرى الحديث عن بعد في الزيارة يتعلق بمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولا سيما أن محطته الثانية كانت فلسطين المحتلة، من أجل لقاء رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذهبت بعض الأصوات السعودية للمناداة بضرورة أن تبادر البلدان العربية بخطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من أجل كسب ود الإدارة الأمريكية.

ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، قبل الزيارة بعدة أيام، تقريراً أشار إلى أن السعودية أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمّة العربية عام 2002، التي تقوم على إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من الجولان، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.

وفي أبريل 2018، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن الإسرائيليين لهم “حق” في أن يكون لهم وطن، مضيفاً في تصريحات أدلى بها لمجلة “أتلانتك” الإخبارية الأمريكية: “أؤمن بأن لكل شعب، في أي مكان، الحق في العيش في سلام في بلاده”. وشهد شهر مارس من عام 2019، محاولة سعودية لإقناع العرب من أجل التطبيع، عندما اعترض رئيس مجلس الشورى السعودي، عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، خلال تلاوة البيان الختامي لمؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في العاصمة الأردنية عمان، على توصية جاء فيها أن من أهم خطوات دعم الفلسطينيين وقف كل أشكال التقارب والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي.

ودعا آل الشيخ إلى إزالة هذه التوصية؛ باعتبارها صيغت بشكل دبلوماسي، وقال إن هذا الموضوع من مسؤولية السياسيين لا البرلمانيين. ودفع تصريح آل الشيخ رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، ورؤساء برلمانات آخرين، إلى الرد عليه، وتأكيد ضرورة رفض جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل. كما أرسلت السعودية -أول مرة- منتخبها الوطني الأول لكرة القدم إلى رام الله، في أكتوبر الماضي، لملاقاة المنتخب الفلسطيني، ضمن التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم، وكأس أمم آسيا.

إضافة إلى العديد من المؤشرات التي توحي بازدهار العلاقات بين الكيان الصهيوني و السعودية من التعاون العسكري إلى تغير لهجة الاعلام السعودي وفتح المجال الجوي أمام رحلات طيران الاحتلال الاسرائيلي المحظور منذ مايقارب 70 عاماً و السماح للسياح الاسرائيليين بزيارة المملكة، و تكثيف التعاون مع الكيان الصهيونيّ الغاصب في مجال تقنيات التجسس، والتعاون في مجال الأمن والتقنيات.

وإلى ذلك كشف المغرد السعودي الشهير مجتهد عن مكتب سعودي بتركيا يشرف عليه سعود القحطاني مستشار بن سلمان وبأمر من الأخير، يديره العراقي سفيان السامرائي حليف بن سلمان والنظام السعودي، مهمته الترويج للتطبيع مع النظام الصهيوني.. هذا فيما لا تزال وسائل الاعلام تنقل لنا تسارع تطورات العلاقة بين تل أبيب والرياض!! ففي هذا السياق أعلنت قناة كان الصهيونية في 7/6/2022 عن هبوط طائرة صهيونية تقل عارضات أزياء صهيونيات في مطار الرياض.

وحسب مارك شناير وهو حاخام أمريكي على علاقة وثيقة بحكام الخليج “عندما يتعلق الأمر بإقامة السعودية وإسرائيل علاقات، فالسؤال هو: متى، وليس إذا ما كان سيتم ذلك”

ابن سلمان حامل راية مشروع التطبيع

يسارع ابن سلمان الخطوات لتعزيز العلاقات والتطبيع مع إسرائيل، ويشجع الدول العربية على إبرام الاتفاقيات دون أي خجل من دماء الشعب الفلسطيني التي تراق يومياً على أرض فلسطين. وأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن ابن سلمان، لعب دورا كبيرا من خلال محادثات مع العاهل المغربي، وأثّر على القرار المغربي لجهة التطبيع مع إسرائيل حينها.

وقالت الصحيفة إن ابن سلمان يضع قائمة من الدول العربية والإسلامية الأخرى مثل إندونيسيا وجيبوتي ومالي وباكستان لإقامة علاقا تطبيع مع إسرائيل

وفي حديث لولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع مجلة ” ذي أتلانتيك” الأمريكية، قال: إن بلاده لا تنظر الى إسرائيل “كعدو” بل “كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك”، من دون أن يوضح ما هي هذه القضايا.. وكان ولي العهد السعودي قد صرح في نيسان 2018 أن الإسرائيليين لهم “حق” في أن يكون لهم وطن!

نتائج التطبيع السعودي على الشارع العربي و الاسلامي

الجدير بالذكر أن هناك معارضة شعبية واضحة في دول الخليج الفارسي للتطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا ظهر واضحاً خلال مسابقات كأس العالم التي استضافتها قطر مؤخراً حيث كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة والرفض الشعبي لصحافة الاحتلال الاسرائيلي كذلك الأمر، ولكن السعودية دولة دينية وليست علمانية؛ وبالتالي فإن الاعتراف بالکیان الإسرائيلی دون استعادة المقدسات في القدس الشرقية ينزع عن السعودية شرعيتها الدينية.

من جهة أخرى، التطبيع بين السعودية واسرائيل سيخلق قطيعة بين الشعوب العربية والاسلامية والدولة السعودية حيث إنه سيفاقم من الهجمات الصهيونية الإجرامية و المتكررة على الشعب الفلسطيني الأمر الذي سوف يسقط “حل الدولتين”، وسيقود الى نهاية السلطة الفلسطينية في مقابل مزيد من اصطفاف الشعب الفلسطيني خلف حركات المقاومة الفلسطينية