استيقظت دول حوض البحر المتوسط، يوم الإثنين، على زلزال بقوة 7.4 درجات ضرب منطقة جنوب تركيا في واحدةٍ من أكبر الهزّات منذ صيف عام 1999.
الميادين نت، أجرى مقابلة مع خبير الطاقة وعلوم الأرض والنقيب السابق لنقابة الجيولوجيين في الأردن جورج حدادين، حول كيفية حصول الزلزال، والتنبؤ بتوقيت وقوعه، وجهوزية الدول ولا سيما سوريا التي تعرّضت لحربٍ خلال السنوات العشر الماضية.
وحول التنبؤ بتوقيت وقوع الزلازل قال حدادين إنّ وقوع الزلازل أمر تاريخي، ولكن لا يمكن التنبؤ بتوقيت أو زمان أو مكان أيّ هزة في أي مكان حول العالم، مضيفاً من الممكن أن “نتوقع حدوث الزلزال من دون تحديد وقت وقوعه الدقيق”.
وعرّف خبير الطاقة وعلوم الأرض الزلزال بأنّه “عبارة عن طاقة تتجمع في عُقدة تحت الأرض، تأتي نتيجة حركة الصفائح التكتونية، ونتيجة الاحتكاك تتولد طاقة”.
كما أشار إلى أنّ “الطاقة التي يتم تخزينها في عُقدة معينة، يتم إخراجها عندما تُصبح قوّة الطاقة المخزنة أقوى من قوّة ضغط الطبقات العليا الكاتمة، ولذلك يحدث الزلزال”.
وعن التنبؤ بحدوث الزلازل، تابع حدادين أنّ الدول التي تضربها الزلازل بشكلٍ مُتكرر مثل اليابان، طوّرت بشكلٍ كبير إمكانات التنبؤ، ومع ذلك لم يصلوا إلى إمكانية تحديد الموقع والوقت لحدوث الزلزال.
الزلازل الارتدادية يمكن أن تكون قوية
وعن مسببات الزلزال الذي ضرب تركيا، تطرّق الدكتور حدادين إلى “الانهدام السوري الكبير” الذي يبدأ من بحيرة فكتوريا في أفريقيا جنوباً وصولاً إلى جبال الأناضول في تركيا شمالاً. وشرح الارتباط بين العقدتين، قائلاً: “عادةً ما يكون هناك توازن بين العقدتين، ولكن إذا فرّغت أيّ نقطة منهما طاقتها، فبعد فترةٍ مُحددة يحدث زلزال عند العقدة الثانية وهذا الأمر معروفٌ تاريخياً”.
وعقّب حدادين بعد أنّ حصل التفجير الأول للطاقة في العقدة تحت الأرض وفرّغت طاقتها الجزئية، “سيبقى هناك طاقة مخزّنة تخرجها الأرض عن طريق ما نسميه بـ”الزلازل الارتدادية” وهي تسمى بالتحركات اللاحقة للزلزال الرئيسي”.
وإذا ما كان الزلزال الأول قوياً، وكانت الطاقة المختزنة في الأرض عالية جداً، فإن الارتدادات أيضاً تكون قوية، لكن لا يمكن أن نتنبأ بتوقيت “الزلازل الارتدادية” ومكانها علمياً. وأضاف خبير الطاقة وعلوم الأرض أنّ الزلزال الذي ضرب تركيا، اليوم، قوي وشديد إذ بلغ 7.4 درجات وفق مقياس ريختر، لذلك من المتوقع أن تكون “الزلازل الارتدادية” قوية بدورها.
أهمية “رمز الزلازل” في البنى التحتية
وعن جهوزية البُنى التحتية؛ المباني والمنشآت والشوارع في البلدان التي ضربها الزلزال، قال حدادين إنّ كل دولة لديها رمز للزلازل عند تأسيس البنى التحتية. بمعنى أنّ الأبنية، تستطيع أن تمتص الزلزال الذي هو عبارة عن موجات طولية وعرضية، وهذه الأمواج هي التي تؤدي إلى تدمير الأبنية والمنشآت.
وقارن خبير الطاقة وعلوم الأرض الزلزال الذي ضرب تركيا وأجزاء من سوريا، وألحق أضراراً كبيرة بهما، مع الزلازل المتكررة التي تضرب اليابان وتلحق الأضرار بالأبنية والخسائر البشرية، قائلاً إنّ “حجم الأضرار قليل جداً لأنّهم فرضوا تطبيق رمز البناء المقاوم للزلازل”.
ولفت إلى أنّه في بلادنا العربية وفي تركيا أيضاً، الأبنية غير مؤهلة ضد الزلازل القوية، لذلك نلاحظ أنّ الدمار الأكبر يحدث في الأماكن الشعبية التي لا تلتزم برمز البناء، مرجعاً مسألة عدم الالتزام إلى أنّها متعلقة بدرجة تطوّر المجتمع والدولة. كذلك نرى أنّ هناك أبنية حديثة، لكن نتيجة الفساد وسوء الإدارة لا تبنى وفق رمز الزلازل، لذلك من الممكن أن نرى عمارة حديثة وجديدة مكونة من 8 أو 10 طبقات تنهار سريعاً، لأنها فعلياً لم تلتزم سابقاً برمز البناء.
أما عن المناطق السورية المحتلة من قبل المسلحين والتي تعرّضت للزلزال، فقال حدادين إنّ مسألة إعادة إعمار الأبنية المهدمة، خطوة سيتم اتخاذها بعد تحرير باقي الأراضي المحتلة من الأميركيين والأتراك والعصابات الأخرى.
وبعد التحرير، من المفترض أن تُطبّق الدولة بصرامة، رمز الزلازل في بناء البنى التحتية، وذلك مع إجراء مراقبة خاصة للأمر، كون هذه المنطقة تتعرض للزلازل لاعتبارها عقدة في “الانهدام السوري الكبير”.