أفادت الغارديان، أن النشطاء المناهضون لتجارة الأسلحة ينظمون حملات واسعة النطاق حقوقية وقانونية من أجل إلغاء قرار ليز تروس -حين كانت وزيرة التجارة- باستئناف مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية بعد ادعائها أن الجرائم المرتكبة في اليمن “حوادث معزولة” ولا تشكل “خطرًا فادحًا”. ويسعون لاتخاذ إجراءات قانونية من أجل إلغاء هذا القرار مستندين إلى حقيقة أن تروس تجاهلت قصف المدنيين اليمنيين من قبل القوات الجوية السعودية، وهي حوادث موثقة بشكل جيد ومنتشرة في كافة أرجاء البلاد التي مزقها الحرب.
حيث بدأت المراجعة القضائية التي قدمتها الحملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT) في المحكمة العليا يوم الثلاثاء، وهي الخطوة الأحدث في معركة طويلة الأمد حول شرعية تجارة الأسلحة مع السعودية، والتي تزيد قيمتها عن 23 مليار جنيه إسترليني منذ بدء الحرب في اليمن. واتهمت إميلي آبل، المتحدثة باسمCAAT ، الحكومة البريطانية بـ “الاهتمام بالربح أكثر من نتائج التجارة التي تسببت في جرائم الحرب”، ومن المتوقع أن تضم أوراق القضية أسماء وبيانات المدنيين المتوفين نتيجة الضربات الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية.
وتعد بريطانيا ثاني أكبر مورد للأسلحة للسعودية بعد الولايات المتحدة، إذ باعت طائرات تايفون وتورنادو للقوات الجوية الملكية السعودية، وقطع غيار وذخائر، وأبرزها قنابل بيفواي 4 وصواريخ بريمستون وستورم شادو.
سيطرح محامو المجموعة القضية من عدة جوانب قانونية، أبرزها أن تروس، وزير التجارة آنذاك، كانت مخطئة في استنتاجها في يوليو / تموز 2020 بأن المملكة المتحدة يمكن أن تستأنف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والتي تستخدم في السعودية وذلك لأن الجرائم التي وقعت كانت مجرد “حوادث منعزلة” لا تشكل “انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني”.
وقبل خمسة أشهر من تحرك تروس، تحديدًا في 15 فبراير/شباط 2020، قُتل 34 يمنيًا، بينهم 26 طفلاً، بعد أن قصفت غارات جوية سعودية تجمعًا مدنيًا في موقع تحطم طائرة مقاتلة في الحجة بمديرية المصلوب، وأصيب 19 آخرون، من بينهم 18 طفلًا. وتقول جماعات مراقبة إن طائرات التحالف الذي تقوده السعودية والتي تورطت في الحرب في اليمن منذ 2015 قتلت وجرحت مدنيين نتيجة عمليات القصف “المتهور”، ترقى في كل حالة إلى جريمة حرب، وهو أمر يتعارض مع القانون البريطاني الذي لا يسمح بتصدير الأسلحة إذا كان هناك “خطر واضح” قد ينجم عن استخدام الأسلحة.
هذا واستمرت الضربات الجوية السعودية المميتة حتى وقت قريب، إذ أصدرت منظمة أوكسفام، التي تدخلت في القضية، تقريرًا هذا العام خلص إلى مقتل ما لا يقل عن 87 مدنياً في غارات جوية من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن باستخدام أسلحة قدمتها المملكة المتحدة والولايات المتحدة بين يناير/كانون الثاني 2021 وفبراير/شباط 2022.
والحرب في اليمن، التي انخرطت فيها عدة قوى إقليمية منذ اندلاعها في 2014، تسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ قُتل ما مجموعه 8983 مدنياً على أيدي جميع الأطراف في القتال، وفقاً لمشروع بيانات اليمن.
وقال مارتن بوتشر، مستشار السياسة في منظمة أوكسفام، إن أبحاث المنظمة خلصت إلى أن الضربات الجوية من التحالف الذي تقوده السعودية كانت مسؤولة عن نسبة كبيرة من الخسائر، وأضاف: “هذا هو السبب في أنه من الضروري فحص شرعية مبيعات الأسلحة في المملكة المتحدة ووقفها على الفور”.
في يونيو/حزيران 2019، صدر قرار قضائي في بريطانيا بأن مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية غير قانونية، إذ خلصت المحكمة إلى أن الوزراء البريطانيين “لم يبذلوا أي محاولة” لتقييم ما إذا كان هناك نمط منهجي لقصف المدنيين من جانب السعوديين.
وكان توقفت مبيعات الأسلحة مؤقتًا لمدة عام، حتى إعلان تروس في يوليو/تموز 2020 باستئناف المبيعات، وبعد القرار مباشرة تم تسجيل 1.4 مليار جنيه استرليني من الأسلحة في أرقام صادرات المملكة المتحدة في صيف 2020، واستمرت على الرغم من إعلان الولايات المتحدة حظرًا جزئيًا على صادرات الأسلحة إلى الرياض.
وبعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة في فبراير/شباط 2021، قال جو بايدن إن الولايات المتحدة ستوقف بيع الأسلحة الهجومية للسعودية بسبب الوضع في اليمن، لكنها سمحت منذ ذلك الحين ببيع أنظمة دفاعية بأكثر من 4 مليارات دولار، تستخدم أيضًا في استهداف المدنيين.
الجدير بالذكر أنه أظهرت وثائق سابقة أن بوريس جونسون أوصى في أغسطس/آب 2016 بأن تسمح المملكة المتحدة للسعودية بشراء أجزاء قنابل بريطانية بعد أيام من غارة جوية على مصنع للبطاطس في اليمن أسفرت عن مقتل 14 شخصًا.
بدورها قالت الحملة الدولية لمناهضة تجارة الأسلحة إن قرار المحكمة بعدم قانونية مبيعات الأسلحة البريطانية إلى السعودية كان كافيًا لإغلاق هذا الملف نهائيًا، لكن تروس قررت فتح القضية من جديد بسبب قرارها غير الحكيم في استئناف المبيعات، مضيفين أن الوزيرة السابقة كانت منخرطة في “مواصلة حشو جيوب تجار الأسلحة على حساب حياة الناس “.