تشهد مدينة عدن ومحافظات الجنوب أوضاعا اقتصادية وأمنية مضطربة وسيئة للغاية، يكتوي بنارها المواطنون البسطاء. فقد وصلت أوضاع المجتمع إلى حالة من الاستياء العام، وغليان شعبي متزايد، واستنكار، وفقدان الثقة بهكذا نخب سياسية تابعة للاقليم والخارج تقود الأوضاع لمزيد من الانهيار وتعميق الأزمة، وتفخيخ الأجواء بالصراعات الداخلية والاحتراب والاقتتال والتصفيات، وانتشار الجماعات الإرهابية.
كل هذه التصدعات، تأتي وسط تحركات أمريكية – سعودية مكثفة في عدن، لتدمير الجنوب، في ظل استمرار حملة تفكيك المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات تمهيدا للاطاحة به، وفق سيناريو المخطط الاحتلالي لتمزيق البلد، وضرب هذه الفصائل مع بعضها البعض، وجعلها تتآكل حتى تصبح ضعيفة وهشة، ومهددة من قوى أخرى بديلة وهكذا، يستمر مسلسل التدمير الذي يسهل معه تمرير الأجندة الاحتلالية، وبسط السيطرة، وبناء القواعد العسكرية الأجنبية، ونهب ثروات البلد.
تغييرات الوزراء وتبادل الأدوار
وقالت مصادر في الحراك الجنوبي، إن لقاءات مكثفة عقدها رئيس المعهد الديمقراطي الأمريكي “ليزلي كامبل”، خلال الأيام الماضية، مع قيادات جنوبية. وأشارت إلى أن هذه اللقاءات، تأتي في سياق استكمال لقاءات سابقة رعتها الولايات المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان، موضحة أن “كامبل” إلتقى الجمعة 3 فبراير الجاري بقيادات الحراك الجنوبي في عدن.
من جهتها، أكدت مصادر ديبلوماسية خبر التغييرات التي سوف تنتهجها راعية العدوان على اليمن “السعودية” عبر ادواتها بعدن وإصدار قرارت قادمة تم تجهيزها ولكنها غير معلنة حتى وصول الوفد السعودي وتتمثل بتغيير وزراء بحكومة ما يسمى بالشرعية الزائفة وكذا تعيينات لسفراء ومحافظين وقيادات بذات شرعية الفنادق الزائفة التابعة لتحالف العدوان.
وبحسب المصادر، فإن الوفد الأمريكي، أبلغ القيادات الجنوبية، بقرار بلاده بتشكيل تكتل واسع لتمثيل الجنوب، بمعزل عن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي فشل في تمثيل الجنوب. فيما كشف قيادي سابق بارز في ما تسمى “المقاومة الجنوبية” كواليس لقاء طارق صالح، وعيدروس الزبيدي مع ضباط إسرائيليين في الإمارات.
وفي ظل هذه المستجدات دعا نجل الرئيس الجنوبي السابق هاني علي سالم البيض ما يسمى بالمجلس الإنتقالي المدعوم إماراتياً إلى الإنسحاب من ما يسمى بمجلس القيادة المشكل من السعودية وقلب الطاولة على الجميع رداً على إنشاء الرياض مليشيات لرئيس ما يسمى بمجلس القيادة رشاد العليمي.
وقال البيض في تدوينة على (تويتر)، محرضاً الانتقالي: عندما يكون وجودك في سلطة او ائتلاف ديكوري او لتمرير مشاريع الآخرين ولايلبي طموحات الناس والقوى السياسية والمدنية فإن الانسحاب بشرف هو الخيار الأمثل. وأضاف أن الاستمرار في ظل هكذا وضع معاق هو موافقة ضمنية منك والتنازل ولو تكتيكياً هو تفريط والصمت خيانة وتحمل وزر الآخرين.
قواعد إماراتية إسرائيلية بالجنوب
وقال عادل الحسني، في تغريدة على حسابه بتويتر، إن عضوي مجلس الرئاسة طارق صالح وعيدروس الزبيدي إلتقيا بضباط من الكيان الصهيوني، ومن الإمارات في أبو ظبي. وأوضح أن اللقاء تمحور حول الاتفاق على بناء قواعد عسكرية مشتركة في المخا وميون وسقطرى وأبين وغيرها. ولفت إلى أن مطار المخا الذي يجري تجهيزه، لن يكون مدنيًا، ولا شأن للمواطن اليمني به، مؤكدًا أنه سيكون خاصًا بالمركز المخابراتي “الصهيوني- الإماراتي” المشترك.
وكانت تقارير إعلامية دولية ومحلية، قد نشرت في وقت سابق، إنشاء الإمارات وإسرائيل قواعد عسكرية مشتركة في عدد من الجزر اليمنية الاستراتيجية أبرزها سقطرى وميون وعبدالكوري. وعلى ذات السياق اتهم القيادي في الحراك الجنوبي، ورئيس ما يسمى “البرلمان الجنوبي”، الدكتور عبدالرحمن الوالي التحالف بتدمير الجنوب ونهب ثرواته.
وقال في تغريدة على حسابه بتويتر، إن عدن يتم تدميرها بشكل متعمد، مصافي عدن معطلة بعمل متعمد، ونفط الجنوب ينهب وشعبه يموت جوعًا. وأضاف أن من وصفهم بـ”المزعبقين”، في إشارة إلى الانتقالي، يقتلون شعب الجنوب بتعمد عبر ما وصفها بـ”الأكذوبة” المسماة التحالف. وأكد الوالي أن دول التحالف لن تدعم عدن والجنوب، لأن هدفهم، وفق قوله” تدميره. ودعا القيادي في الحراك الجنوبي، إلى تشكيل “جبهة وطنية جنوبية” تعمل بصدق لاستقلال الجنوب لا غير، مشيرًا أن هذا هو الحل الوحيد ولن ينجح غيره.
اتفاق إمارتي سعودي
ومؤخرا كشفت مصادر في المجلس الانتقالي، عن اتفاق سعودي إماراتي، يقضي بإخراج أبرز القيادات العسكرية في المجلس من اليمن. وتأتي هذه الخطوة، في ظل استمرار حملة إجلاء قيادات الانتقالي وإخراجها من الجنوب، وسط تحركات سعودية لتفكيك المجلس تمهيدًا للإطاح به. وتقول المصادر إن اتفاق سعودي إماراتي قضى بنفي قيادات عسكرية مهمة في المجلس، على رأسهم شلال شائع، مدير أمن عدن السابق، وقائد قوات مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى ساعده الأيمن يسران المقطري، إلى جانب قائد الحزام الأمني ومدير أمن لحج، صالح السيد.
وبحسب مراقبين، فإن نفي هذه القيادات، يعد إيذانًا ببدء مخطط تفكيك الانتقالي رسميًا، خاصة أن هذه القيادات هي من تولت زمام الأمور في المحافظات الخاضعة لسيطرة الانتقالي، بعد وضع قيادات المجلس وعلى رأسهم عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية في الإمارات. وتزامنت هذه الخطوة مع تحركات أمريكية، لتشكيل تكتل جنوبي بديل للانتقالي ليكون ممثلًا للجنوب. وجاءت هذه التحركات بالتزامن مع مساع سعودية لتفكيك الانتقالي تمهيدًا لإزاحته وإخراجه من المشهد السياسي والعسكري.
ويرى مراقبون أن السعودية والإمارات ومن خلال التحركات الجديدة بمحافظة عدن تنفذان خطة جديدة لتبادل الأدوار العدوانية بينهما وتقاسم احتلالهما للمحافظات الجنوبية وبعض المناطق اليمنية الواقعة تحت احتلالهما وان تلك الخطة الجديدة تستدعي إخراج بعض القيادات التابعة للإنتقالي لأنها أصبحت لدى دول تحالف دول العدوان – وفقا لمراقبين – كروتا محروقة.
توترات بين السعودية والإنتقالي
وبحسب مراقبين للشأن اليمني: فإن السعودية والإمارات تنفذان أجندات بريطانية أمريكية باليمن بالوكالة عنهما وعبر أدواتهما باليمن ولا يهمها إن كانت تلك الأجندات والتغييرات على الواقع السياسية أو العسكرية ستفضي إلى حرب قادمة تضر بالمواطنين، وكل ما يهمهما فقط مصالحهما ومصالح أسيادهما من الأمريكان والبريطانيين ومن خلفهم الصهاينة.
وهو الأمر الذي جعل التوتر المتصاعد بين جارة السوء السعودية وما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي الممول من الامارات، يأخذ منحنى خطيرا، يتجاوز المهاترات الإعلامية وتبادل الاتهامات، إلى الفعل ورد الفعل، بعدما بدأت حملة سياسية سعودية تطالب بتصنيف ما يسمى ب”المجلس الانتقالي” ومليشياته منظمة ارهابية مرتبطة بإيران وهذه الأخيرة باتت شماعة تبرر بها السعودية وحلفاؤها أي عمل إجرامي سيقدمون عليه.
وبحسب مصادر محلية فإن “الإنتقالي” الذي يعتبر نفسه وصيا على المحافظات الجنوبية.. يسعى بعد تلك التهديدات القبول شكليا بتواجد مليشيات طارق صالح في عدن، وخروج تشكيلاته من المدينة صوب محافظات لحج وأبين والضالع وان تلك الموافقة المبدئية أتت بتوجيه داعمه الرئيسي الإمارات وتحت مبرر الحصول من السعودية على مرتبات مليشياته بالتزامن مع ايعازه لتشكيلات مليشاوية أخرى موالية له بتفجير الموقف في عدن كما جرى من اشتباكات جولة القاهرة المتقطعة والتي علق عليها قادة مليشيات ” الإنتقالي” بأنها نتيجة خروج بعض من وصفهم بالضباط المعترضين ورفضهم الخروج من عدن.
ووفقا لمعطيات المشهد بمحافظة عدن يرى سياسيون وعسكريون أن سيناريو حرب عام 2019م سيتكرر بين أدوات السعودية والإمارات ما يسمى بالإنتقالي وما يسمى بالشرعية الزائفة ولكن هذه المرة يتزامن هذا السيناريو مع قرب تفاهمات بين السعودية وسلطة صنعاء وهو الأمر الذي يدلل على توجيه اوراق الامريكان والبريطانيين للدمى التابعة لهم بإشعال الموقف بالمحافظات الجنوبية لإيقاف السلام باليمن وحتى يتسنى لتلك الدول تنفيذ أجنداتها الاستعمارية في ظل تقسم اليمنيين وفوق جراحهم المثخنة بالأوجاع منذ ثمان سنين من عمر العدوان على اليمن واليمنيين.
حرب قادمة بعدن
ولم تمض أيام قليلة على إعلان أممي لقرب تفاهمات السلام بين صنعاء والرياض حتى بدت بوادر حرب قادمة بين أدوات تحالف دول العدوان على اليمن والتي ينظر اليها سياسيين بأنها لعبة من قبل تحالف العدوان الأمريكي – السعودي – الإماراتي، لخلط الأوراق وتنفيذ أجندات غير معلنة من شأنها استمرار الحرب الظالمة على اليمنين وكذا استمرار تواجد مليشيات تحالف الحرب على اليمن تحت مبررات مفضوحة تزعم حماية اليمنيين من أنفسهم.
وفي ظل تلك التوجهات لتحالف دول العدوان وأدواته تجددت الإشتباكات ليلة أمس بين مليشيات ما يسمى بالمجلس الإنتقالي في جولة القاهرة بمدينة عدن وسط أنباء عن توجيهات لإخلاء بعض المعسكرات التي تصنف بحسب عسكريين كمواقع “مليشاوية”. وكشفت مصادر مطلعة أن الإشتباكات تجددت بعدما كانت قد هدأت إثر اندلاعها قبل أمس نتيجة رفض بعض قادة المليشيات الخروج من عدن وإحلال ما يسمى بمليشيات “درع الوطن” بدلا عنها وهي المليشيات التي شكلها رشاد العليمي رئيس ما يسمى بمجلس القيادة التابع لتحالف دول العدوان.
كما أكدت المصادر عن ما وصفته بإنقلاب وشيك على مليشيات الانتقالي في مدينة عدن برعاية تحالف دول العدوان وترتيباته لتفجير الوضع عسكريا ومواجهة مليشيات طارق عفاش. وقالت إن مليشيات الانتقالي دعت – سرا – الاستنفار في أوساط تشكيلاتها استعداداً لمواجهة مليشيات طارق عفاش الواصلة إلى مدينة عدن برعاية تحالف دول العدوان الى جانب مليشيات ما يسمى ب “درع الوطن” المشكلة من مجندين جدد اضافة الى مجندين سابقين من ما كان يسمى بالفرقة الاولى مدرع التي كان يرأسها الجنرال العجوز علي محسن الأحمر والمحتجز حاليا في الرياض.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت أن قيادة ما يسمى بالانتقالي أصدرت توجيهات سرية إلى قادة مليشياتها ما يسمى بألوية العمالقة والإسناد والعاصفة في عدن لتفجير الوضع عسكرياً. وأكدت أن السعودية حذرت قيادة الانتقالي من أن أي تصعيد سيقابل بقوة. بل وأعلنت عبر سياسيين واعلاميين كبار مثل علي العريشي وغيرهم بأنها ستمحي الانتقالي من الوجود.