فارس القدس وفتاها

136
فارس القدس وفتاها

مع ارتفاع نسبة العمليّات العسكريّة للمقاومين الفلسطينيين ونوعيّتها وتطوّرها وتصاعدها حيث بلغت يوم السبت وفقاً لما ذكرته قناة 14 العبريّة 57 عمليّة بين إطلاق نارٍ وتفجير عبوةٍ ومواجهة واستهداف حواجز،

وعلى عكس التّقديرات الاستخباراتيّة الصّادرة عن أجهزة الموساد والشين بيت التي كانت تتوقّع اتساع دائرة عمليّات المقاومين الفلسطينيين لتمتدّ إلى نابلس، فكان الاختبار لحكومة الإرهابي بنيامين نتنياهو ورئيس أركانه الجديد اهرتسي هليڤي في الهجوم على جنين في عمليّةٍ أدّت إلى استشهاد عشرة فلسطينيين.

عمليّة ألهبت الشّارع الفلسطينيّ بأكثر من 20 بؤرة احتكاك ومواجهة مع قوّات الاحتلال الاسرائيليّ في أعقاب عمليّة جنين، عمليّات توجّت بالرّد المفاجئ على العدو في القدس، ففي دقائقَ قليلةٍ هشّم المقاوم الاستشهادي خيري علقم صورة الجيش الذي قيل بأنّه لا يقهر وسقط وحطّم منظوماته الأمنيّة والاستخباراتيّة والعسكريّة.

فوفقاً لما صرّح به أحد كبار ضبّاط الإسعاف في (نجمة داوود الحمراء) لقناة كان العبريّة قائلاً (دخلنا في معركة بالأسلحة النارية استمرت 3-4 دقائق، في مكان العملية رأينا أربعة أشخاص ملقين في الشّارع مصابين بطلقاتٍ ناريّةٍ ونزيفٍ حادٍّ) تلك الحرب التي خاضها الاستشهادي وحيداً بمسدسه أدّت إلى مقتل وإصابة ما لا يقلّ عن 20 مستوطناً ما بين قتيلٍ وجريحٍ وهو رقمٌ قياسيٌّ بالنّسبة إلى العدو الاسرائيليّ حيث اعتبر رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو أنّ العمليّة هي الأعنف منذ سنوات.

فيما أصدرت وزارة الحرب للكيان المؤقت أوامر بحماية المستوطنات والاستعداد لأيّ تطوراتٍ ميدانيّةٍ، ورغم كلّ الإجراءات الأمنيّة التي اتخذتها قوّات الاحتلال بإعلان حالة التّأهّب ورفع درجة الاستنفار والجهوزيّة القصوى في القدس استطاع الفتى المقاوم محمد عليوات ابن الثلاثة عشر عاماً من اختراق كلّ الاجراءات الأمنيّة من تنفيذ هجومٍ بمسدس أسفر عن إصابة إسرائيليين هما ضابطٌ مقاتلٌ بلواء المظليّين أحد ألوية المشاة بالجيش الاسرائيليّ) ووالده وتمّ اعتقال عليوات بعد اصابته.

وفي قراءةٍ تقييميّةٍ للعمليّتين وفقاً لما صدر عن المسؤولين الصّهاينة ووسائل إعلامهم فإنّ الأمور قد تتجه نحو التّصعيد في ظلّ عجز نتنياهو عن مواجهة أزماته الدّاخلية والانقسام الذي يشهده الكيان الصّهيوني في ظلّ تنامي قوّة المعارضة التي يرأسها رئيس حكومة العدوّ السّابق يائير لابيد وقيادته للمظاهرات التي خرجت بالآلاف ضدّ نتنياهو والتي كان آخرها مساء أمس، وبين انقسامات الدّاخل وتصاعد عمليّات المقاومة الفلسطينيّة واستهدافها لعمق الكيان الصّهيوني المحتلّ لجأ نتنياهو إلى تصدير أزماته مجدّداً منتهجاً لهجة التّصعيد بعد اجتماع مجلس الكابنيت السّياسي والأمنيّ بالأمس متخذاً سلسلة قراراتٍ بشأن إجراءات محاربة (الإرهاب):

وفقاً لما ذكره إعلام العدوّ كما يلي:

1 – إغلاق منزل منفّذ العمليّة في القدس على الفور تمهيداً لهدمه.
2 -حرمانه من الحقوق في (التّأمين الوطني) والمزايا الأخرى لعائلات المنفّذين الذين يدعمون الإرهاب.
3 – رفض منح بطاقات الهويّة لعائلات المنفذين الدّاعمين للإرهاب – سيناقش القانون غداً في اجتماع مجلس الوزراء-.
4 – تسريع وتوسيع نطاق إصدار تراخيص الأسلحة الناريّة للمستوطنين
5 – تعزيز الإستيطان ومناقشته وطرحه هذا الأسبوع.
6 – تعزيز قوّات الشّرطة والجيش وتنفيذ حملة اعتقالاتٍ واسعة النّطاق وعمليّاتٍ هادفة لجمع الأسلحة غير المشروعة.

هذا في الظاهر أمّا ما لم يعلنه نتنياهو ولم يتبناه مجلس الكابينت علنيّاً أمس فقد بدا واضحاً وجليّاً في استهداف العدوّ الاسرائيلي لأحد معامل الصّناعات الدّفاعية في أصفهان وسط إيران وهو ما أكّده بيان العلاقات العامّة في وزارة الدّفاع الإيرانيّة.

حيث أعلن أنّه في مساء 28 يناير 2023م، قرابة الساعة 23:30، وقع هجومٌ فاشلٌ باستخدام مسيّراتٍ صغيرةٍ على أحد مجمعات الورش التابعة لوزارة الدفاع، ولحسن الحظّ، تمكّنت وسائط الدّفاع الجوي للمجمع من إصابة إحدى الطّائرات وانفجرت الطّائرتان الأخريان وأضاف البيان، “لم يتسبّب هذا الهجوم الفاشل بخسائر في الأرواح.

بينما تعرّض سقف إحدى الورش لأضرارٍ طفيفةٍ، كما لم يتسبّب الهجوم في أيّ خللٍ بمعدات ومهام المجمع، والهدف الضّمني الآخر لنتنياهو وحكومته هو اللّجؤ الى عمليّات الاغتيال لبعض القادة في المقاومة بطريقةٍ مباشرةٍ أو عبر عملائه وأدواته وحلفائه.

الهدف الأوّل

من الواضح أنّ عمليّة استهداف وزارة الدّفاع الايرانية تحمل العديد من المؤشّرات والرّسائل من حيث التوقيت فقد أتت بعد ساعاتٍ على عمليتي القدس وهو مؤشّر لا يبرئ نتنياهو وكيانه المؤقت من العمليّة أمّا في المكان فالهدف هو احد ورش وزارة الدّفاع الإيرانيّة وهو ما سيستدعي ردّاً إيرانيّاً في عمق الكيان الصّهيوني، وبالتالي سيضع الكيان أمام معركةٍ مفصليّةٍ وربما تكون محوريّةً لن يكون بمقدوره تحمّل نتائجها.

الهدف الثاني

إنّ محاولة إقدام نتنياهو على اغتيال أيّ قائدٍ من محور المقاومة لن يكون الرّدّ عليها بأقلّ من الرّدّ الإيرانيّ وتلك حقيقة يدركها نتنياهو وحكومته وبكلا الحالتين فإنّ أيّة معركةٍ محوريّةٍ لن تكون نتائجها بغير زوال الكيان المحتلّ واجتثاثه من الجذور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شوقي عواضة
كاتب واعلامي لبناني

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا