عام 2023 سيكون عامًا صعبًا على كيان العد “الإسرائيلي” ويشهد مواجهة مع الفلسطينيين، هذا ما تتفق عليه الغالبية العظمى من وسائل الإعلام العبرية على الرغم من الاختلافات في الرأي ووجهات النظر فيما بينها، حيث يدور الحديث في مراكز أبحاث العدو عن التحديات التي يواجهها الكيان الصهيوني هذا العام، وأنّ أكبرها وأخطرها هو المشهد الفلسطيني، وهو يعتبر الخطر الأول على “إسرائيل”، في ظل ازدياد هجمات العصابات الصهيونيّة على أبناء هذا الشعب، وتأكيد الفلسطينيين في عملياتهم أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي.
حيث إنّ العصابات الصهيونية تقوم باعتداءات واسعة النطاق ومستمرة على الفلسطينيين وتقوم بجرائم يندى لها الجبين، ما يشي باحتماليّة كبيرة لأن تفتح أبواب جهنم على العدو الغاصب الذي اختار تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع أن تنفجر الأوضاع بسبب التمادي الإسرائيليّ الفاشيّ الذي بات ملموساً بشكل كبير.
خطر شديد على الكيان
إنّ الخطر الداخليّ الأكثر شدّة الذي يهدد “إسرائيل” في عام 2023 هو زيادة التوتر في الساحة الفلسطينية، والذي يمكن أن يصبح خطراً استراتيجياً للكيان، عبارة ركّز عليها أحد أهم مراكز الأبحاث الإسرائيليّة، وفي جزء من هذا التقرير التفصيليّ، الذي تم تقديمه بالكامل إلى يتسحاق هرتسوك، رئيس الكيان الصهيوني، تم التأكيد على أنّ الصهاينة يشهدون تصاعدًا في الانتفاضة الثوريّة الفلسطينية (داخل الأراضي المحتلة)، والتي يمكن تكثيفها بشكل كبير نتيجة زيادة الإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وقد جرب العدو الإسرائيليّ أنّ عدوانه المتمثل في القتل والاقتحام وانتهاك المقدسات والحصار ومنع الإعمار، لا يمكن أن يمر دون رد، وهذا ما يجب على الحكومة الفاشيّة الجديدة أن تفهمه، ويجب تذكير الإسرائيليين على ما يبدو أنّ محاولة العدو القاتل فرض عنصريته على هذا الشعب سيدفع فصائل المقاومة التي تملك أوراقاً قويّة كثيرة إلى إطلاق العنان لمقاومة فريدة تهز أركان العدو، حيث يُجمع الفلسطينيون على أنّ صبرهم على التطاول والاعتداء الإسرائيليّ قد نفد، ما يعنى اقتراب معركة جديدة ستكون أقسى بكثير مما سبقها.
وإنّ اعتقاد الحكومة الإسرائيليّة -التي يمكن أن تكون الأخيرة– أنّها تستطيع اقتلاع شعب من أرضه في ليلة وضحاها، أو أنّها تستطيع فرض قوانين استعمارها العسكريّ بكل سلاسة، خاطئ للغاية، حيث إنّ الصهاينة يعلنون الحرب على هذا الشعب الذي ارتُكبت بحقه الكثير من المذابح والمجازر في الداخل والخارج، لكنّهم ينسون أنّهم على موعد من اقتراب حدوث المعركة وانفجار الأوضاع رداً على الهمجية الإسرائيليّة، ويمكن أن يكون التصعيد في المسجد الأقصى بالفعل الفتيل في إشعال التوتر بشكل كبير مجدداً على الساحة الفلسطينيّة ويقود إلى جولة أخرى ومختلفة من الحرب، قد تدهور الأوضاع بأكملها وتُبعثر كل الأوراق السياسيّة والأمنيّة للحكومة الإسرائيليّة الجديدة.
ويعتقد باحثو هذا التقرير أن الخطر الرئيسي والأول في الترتيب الاستراتيجي هو خطر الإضرار بعلاقات هذا الكيان مع الولايات المتحدة، لأنه في ظل الاستقطاب الحالي في الولايات المتحدة، يمكن أن تتسبب تصرفات تل أبيب في إلحاق الضرر بهذه العلاقات، كما سيكون للعلاقات مع الصين وروسيا تأثير خاص على جودة العلاقات مع الولايات المتحدة، لذلك أوصى خبراء مركز الأبحاث هذا بأن تتخذ حكومة العدو إجراءات فعالة للحفاظ على ديناميات العلاقات مع الولايات المتحدة.
وبشأن ملف إيران، أكد الباحثون أن إيران هي أخطر تهديد خارجي محتمل لـ”إسرائيل”، وحسب هذا التقرير، فإن إيران في ذروة قدرات برنامجها النووي، وهذا يعتبر أخطر موقف من وجهة نظر الكيان، ووفق خبراء مركز الأبحاث الصهيوني فإنّه على الرغم من التقدم الكبير الذي حققته في البرنامج النووي وقربها من أن تصبح دولة على أعتاب الطاقة النووية، فإن إيران بعيدة عن نقطة اتخاذ قرار بامتلاك قنبلة نووية، كما اعترف هؤلاء الخبراء بأن جمهورية إيران الإسلامية نجحت في إنشاء شبكة أمنية ضد العقوبات الغربية، متحدثين أنّ استراتيجية الغموض النووي الإسرائيليّة أصبحت بالية وانهارت، في حين أن الاستقطابات التي تشكلت داخل (النظام الصهيوني) أصبحت تحديًا كبيرًا للضمان الاجتماعي للكيان الاستعماريّ.
حربٌ خاسرة للصهاينة
في جزء آخر من التقرير العبريّ، وفي إشارة إلى احتمال نشوب حرب مع غزة أو حزب الله، من المتوقع أنه في حالة الحرب مع الصهاينة، سيتم تدمير البنية التحتية الإسرائيلية بأسلحة بعيدة المدى، كما حذر خبراء إسرائيليون من أن تل أبيب، على الرغم من تعزيز قدراتها الرادعة، ما زالت هشة للغاية داخليًا، وفي حالة اندلاع حرب طويلة الأمد، فلن تكون قادرة على الصمود الداخلي الكافي، وإذا شهدنا خسائر كبيرة في الأرواح، فقد يؤدي ذلك إلى لاضطرابات شديدة.
والدليل على ذلك، حديث حماس في الفترة الماضية أنّ “معركة سيف القدس يمكن أن تتكرر في أيّ لحظة، لكن بصورة مختلفة وعبر وسائل أكثر إيلاماً للكيان الإسرائيليّ طالما أن أسباب اندلاعها لا تزال قائمة حتى اليوم”، إضافة إلى تحول المقاومة اللبنانيّة “حزب الله” إلى تهديد حقيقيّ لكيان الاحتلال الغاشم عبر إرساء معادلات ردعٍ جديدةٍ نتيجة، تجعل العدو الإسرائيلي يحسب ألف حساب قبل الدخول في أيّ حرب.
في وقت تتحدث فيه بعض الدراسات أنّ حزب الله يعد أضخم قوة عسكرية خارج إطار الجيوش النظامية في العالم، و يمتلك ترسانة هائلة من المدفعية الصاروخية، إضافة إلى صواريخ باليستية، ومضادات للطائرات، وأسلحة مضادة للدبابات إضافة إلى القذائف المضادة للسفن قادرة على ردع العدو أكثر مما يتخيل، وهنا تظهر المقاومة في لبنان وغزة كقوتين مهمتين تُخيفان الصهاينة بشدّة.
وفي ظل تحذيرات وسائل الإعلام ومراكز الدراسات العبرية الكيان الصهيوني من أنه إذا بدأت أي حرب محور المقاومة والعدو الغاصب للأراضي العربية، فسيتم قصف آلاف الصواريخ إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة كل يوم، صد “إسرائيل” هجماتها وحملتها المسعورة على الفلسطينيين، وتثبت بأنّها ليست أهلاً سوى للقتل والإجرام.
فيما يتنامى الرعب الإسرائيليّ من تنامي القوة الصاروخيّة لمحور المقاومة بشكل عام، في ظل التخوف الصهيونيّ الذي ينبع من استمرار تطوير مشروع الصواريخ الدقيقة للمقاومة، والذي يهدّد الجبهة الداخلية للكيان بصورة عامة، إضافة إلى منشآت استراتيجية صهيونيّة، وقد تحدثت مواقع عبريّة مراراً وتكراراً أنّ ترسانة المقاومة تحتوي على صواريخ وصفت بأنّها “التهديد الاستراتيجيّ” للكيان، وأن تل أبيب قبلت عملياً بهذا أمراً واقعاً.
ومع تصاعد قوة “محور المقاومة” بشكل لا يوصف في السنوات الأخيرة مع تحقيق انتصارات مهمة في مختلف النواحي، بدءاً من إيران ومروراً بالعراق وسوريا ولبنان وليس انتهاءً عند فلسطين واليمن، تعيش “إسرائيل” قلقاً عارماً على وجودها أكثر من أيّ زمن مضى بسبب ما يجري في المنطقة والداخل الفلسطينيّ، وخاصة عقب الأحداث الأخيرة على الساحة الفلسطينيّة والتي تركت الكيان المعتدي وآلته الاحتلاليّة العسكريّة في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات.
ناهيك عن تزايد التنبؤات بـ “حرب كبرى” في ظل الحكومة العنصرية للكيان الصهيوني برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهذا ما دفع صهاينة كثر للتحذير من “أمطار الصواريخ”، مع استمرار إجرام وعنصريّة العدو الصهيونيّ الوحشيّ بحق الفلسطينيين وخطة “الإبادة الجماعيّة” التي تنتهجها تل أبيب بحقه، والتعدي السافر على مقدسات وممتلكات المدنيين الشخصيّة ومحاولة تهجيرهم قسريّاً لمصلحة المستوطنين.
انتفاضة ثالثة وشيكة
بالنسبة للضفة الغربية، يعتقد الخبراء الصهاينة أن الضفة الغربية على شفا انتفاضة ثالثة كبرى ستشتد على الأرجح مع حلول شهر رمضان المبارك، في ظل تمادي قوات الاحتلال الإسرائيليّ بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها يومياً أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين ومواصلة قوات العدو جرائم الإعدام بدم بارد بحقهم، وتشير تنبؤات مركز الأبحاث الإسرائيليّ إلى أن المشهد الفلسطيني سيشهد العام الجاري اشتداد حجم المقاومة، الذي يمكن أن يصل إلى مستوى تشكيل انتفاضة مسلحة.
ووفقًا لمحللي مركز الأبحاث التابع للعدو، فإن تأثير حركتي فتح وحماس على الساحة الفلسطينية يتراجع يومًا بعد يوم، وبدلاً من ذلك نشهد تشكيل كتلة جديدة من النشطاء الفلسطينيين غير المنتمين إلى أي من هاتين المجموعتين، أو أي مجموعة أخرى في شكل هم يعملون من تلقاء أنفسهم، ما يرفع يوماً بعد آخر من احتماليّة وقوع “ثورة غضب” عارمة في الضفة الغربيّة بوجه الاحتلال الصهيوني، لأنّ التصدي الشعبي لاقتحامات وهجمات قوات الاحتلال والمستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها من محاولة إنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس.
وفي هذا الإطار، أكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية أنّ الوضع في (الأراضي المحتلة) متوتر للغاية ويتجه نحو تفجر الوضع وانتفاضة فلسطينية، وأضافت هذه الصحيفة المقرب ةمن نتنياهو: “الأوضاع في الضفة تهم رئيس أركان الجيش هيرتز هاليفي، لأن هذا المشهد يغلي ويغلي كل اليوم، ولا أمل في نهايته في المدى القريب”، ولا يخفى على أحد أن الإجرام الإسرائيليّ بدأ منذ احتلال العصابات الصهيونيّة الضفة الغربية عام 1967.
ومنذ ذلك الوقت تعيش المنطقة مواجهات بين الفلسطينيين والمحتلين بشكل منتظم، حيث تنفذ قوات العدو بين الحين والآخر اقتحامات تحت مبرر “اعتقال مطلوبين” لكنّها تنفذ جرائمها الشنيعة منذ اليوم الأول لاحتلالها العنصريّ، ويعيش في الضفة المحتلة حوالى 3 ملايين فلسطينيّ، إضافة إلى نحو مليون محتل إسرائيليّ في مستوطنات يعترف المجتمع الدوليّ بأنّها “غير قانونية”، ومنذ أشهر تصاعدت عمليات قوات الأمن الإسرائيلية حتى باتت شبه يومية في الضفة الغربية، وقُتل فيها ما يقارب أكثر من 100 فلسطيني بينهم من “عرب إسرائيل” بمن فيهم الصحافية الشهيرة التي كانت تعمل في قناة الجزيرة القطرية شيرين أبو عاقلة والتي كانت تغطي هجوماً إسرائيليّاً على مخيم جنين في الضفة.