قال الكاتب السعودي حسن العمري أن القلق شديد ينتاب الحليف الأمريكي من التراجع الكبير الذي تشهده السعودية على كل الجبهات السياسية والاقتصادية داخلياً وخارجياً، والمراقبون يؤكدون عدم جدوى الاحتضان البريطاني بأعلى المستويات حيث الأمور آيلة الى التدهور الشديد بسبب السياسة العنيدة للملك سلمان ووليي عهده .
المشهد اليمني الأول| تقرير – حسن العمري
ارتفاع وتيرة إقصاء الآخر في داخل المملكة والحكم بالإعدام على كل من تسول له نفسه إبداء الرأي أو إبداء النصح للمسؤولين بتوفير حياة أفضل لأبناء المملكة، لتؤكد الأسرة الحاكمة المتمثلة بولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف أنه لا صوت يعلو على سيف الإعدام ، ولا شريعة اسلامية كانت أو إنسانية يمكنها ضبط عقال القتل المنفلت في المملكة، ومنطق غلبة آل سعود وحده الذي يراد منه ترويض المواطن السعودي للحد من خروجه عن بيت طاعة “ولي الأمر”. وما قضية “خلية الكفاءات” التي تضم 32 مواطناً وطنياً كفوءاً مؤمناً سعودياً وإلصاق تهمة “التجسس” بهم والحكم على 15 منهم بالإعدام وبالسجن لفترات متفاوتة تصل إلى 25 عاماً؛ إلا نموذجاً في مسيرة استكمال فصول الإجرام الذي تمارسه السلطة السعودية ضد مواطنيها .
لم يتوان إعلام السلطة المأجور ومنذ اللحظة الأولى لإعتقال هذه الشلة الخيرية المكونة من أكاديميين ورجال دين وأطباء ورجال أعمال وعلماء فيزياء نووية ومصرفيين، من المنطقة الشرقية وجدة والمدينة المنورة وحتى الرياض، وحتى لحظة إصدار الأحكام الجائرة من توفير استخدام أساليب الشيطنة على المستوى الداخلي ضد هذه النخب الوطنية البارزة؛ ليأتي إعتقال إفغاني وايراني إستكمالاً لفصول المؤامرة ضد النشطاء والداعين لحرية التعبير والرأي، في أروقة الاستخبارات السعودية ومكاتب بن نايف .
المراقبون أعتبروا أن قرار “أوبك” الأخير بخفض الانتاج وجه ضربة قاضية للوضع الاقتصادي المتدهور في المملكة وزادت من المشاكل الداخلية أكثر، حيث تواجه عجزا كبيرا يتطلب المزيد من الاقتراض وتخفيض الدعم ما سيجلب المزيد من الضغوط على المواطن السعودي مع خفض الدعم والرواتب ما قد يؤدي الى عدم الاستقرار السياسي، حسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية .
يضيف الكاتب “يويل غورانسكي” في مقاله بعنوان “شكوك السعودية”، ارتفاع أسعار النفط ووصولها الى عتبة ال 50 دولار لن يسهم بحل مشاكل السعودية الإقتصادية على المدى الطويل. موضحاً بان التحدي الأخر الذي يواجه الرياض هو تكاليف الحرب الباهضة في اليمن, والصراع داخل العائلة على العرش وخاصة بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان. وأشار الى قلق مسؤولين امريكيين من انهيار نظام آل سعود بسبب إما انقلاب يقوده أحد أجنحة العائلة أو إندلاع اضطرابات شعبية تؤدي الى تقسيم المملكة الى مقاطعات مثل نجد والحجاز والمنطقة الشرقية.
البعض يرجح كفة السيناريو الأول حيث الصراع آخذ بالاحتدام بين المحمدين يوماً بعد آخر وأصوات المعارضة لهما الآخذة بالتزايد، ما سيدفع بالطامعين بثروات المملكة الإسراع الى رأب الصدع والحيلولة دون سقوط النظام الأسري السعودي بدعم الجناح المعتدل والعقلاني من الأمراء، كي تبقى البقرة الحلوب تدر عليهم من نفطها الزهيد على حساب جيب المواطن ولقمة عيشه وحقوق الانسان المنتهكة جملة وتفصيلاً ومن هنا يأتي التوافد البريطاني والأمريكي والالماني والفرنسي واحد بعد آخر وبأعلى المستويات .
الخبير في الشؤون السعودية “فريديريك ويري” من مركز “كارنيغي للسلام الدولي”، يؤكد إن الخلاف بين المحمدين من جهة وبين سلمان ووليي عهده من جهة والأمراء الرافضين لسلطتهم من جهة اخرى وإن لم يخرج بصورة واضحة للعلن حيث الأسرة الحاكمة لا تجاهر بشؤونها الداخلية، لكنه “يدفع الى قرارات سياسية مقلقة جدا للخارج والداخل”. ويرى أن من جملة هذه القرارات التدخل العسكري في اليمن وسياسة “الحزم” التي تمارس على الصعيد الوطني بعيدا عن الإصلاحات المطلوبة في هذا البلد، مشيراً الى إقالة وزير الدولة سعد الجبري القريب من بن نايف في أيلول الماضي من منصبه.
مجلة “إيكونومست” في تقرير نشرته على موقعها الالكتروني الى أن “المملكة تجد نفسها في نهاية 2016 في تراجع على الجبهات كلها، فغادر سفيرها (ثامر السبهان) بغداد هاربًا من سيل الإهانات التي تعرض لها على يد الساسة العراقيين الذين يوجهون نظرهم نحو طهران، ثم المعارضة السورية المدعومة سعودياً هي الاخرى على وشك الهزيمة في حلب، فيما قبِل السعوديون بمرشح إيران المفضل للرئاسة اللبنانية، كما رضخوا لقرار أوبك بخفض الإنتاج والسماح لإيران بزيادة حصتها .. أما في اليمن فالخيارات آخذة نحو الضيق لخروج سلمان ونجله من مستنقع الحرب والضربات اليمنية بلغت ذروتها في العمق السعودي”.
على المستوى الخليجي فقد تلقت السعودية ضربة موجعة لم تكن تتوقعها واصيب الملك سلمان بخيبة أمل كبيرة إزاء تطوير مشروع ما يسمى “الاتحاد الخليجي” ليحل محل دول مجلس التعاون)، بعد أن واجه رفضاً عمانياً واماراتياً رغم العلاقات الوثيقة في الحديقة الخلفية بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد يساعد الثاني الأول على دحر خصمه بن نايف لإعتلاء السلطة في المملكة؛ وتخوف بقية الدول الخليجية من هيمنة سعودية على المنطقة كما جاء في تقرير “بيكا وازير” مؤسسة المتخصّصة برصد الشؤون الخليجية في مؤسسة “راند” الأمريكية؛ خاصة وإن جميع الصفات السلبية للأسرة الحاكمة مجتمعة في سلمان المتعطش للدم وله رغبة كبيرة في حرق الحرث والنسل الواضحة في اليمن والعراق وسوريا والبحرين .
علماء النفس يؤكون أن سلمان بعد كل هذا الفشل سعودياً وخليجياً وعربياً سيسعى جاهداً الى إلقاء اللوم في فشل عدم تحقيق أهدافه العدوانية المرسومة على المستويين الداخلي والخارجي، على الآخرين لما يعانيه من إضطراب نفسي وسلوك عدواني يطلق عليه علمياً مصطلح “الإسقاط” وهي “حيلة دفاعية لاشعورية” يستخدمها ملوك آل سعود سعياً منهم لطمس صورتهم القذرة والإجرامية لدى الشعوب العربية باستعمال نفوذهم المالي بشراء ذمم الإعلام وبعض الاعلاميين التافهين المرتزقة مثل عزمي بشارة ليقودا عملية “تنظيف” كاسحة لساحة السلطة السعودية الوسخة، تلك المصابة بمرض “البارانويا” الذي أطلق عليه فرويد تسمية “مرض اليهود” لإعتقادهم أنهم شعب الله المختار والنابعة من “الحالة الانطوائية الكئيبة” لكثرة الاجرام وعداء الآخرين .