مقالات مشابهة

تزايد المظاهرات الرافضة لـ”نتنياهو”.. الأسباب والتداعيات

شهدت الارضي الفلسطينية المحتلة مظاهرات رافضة لـ”نتنياهو”،هذه المظاهرات الاخيرة التي خرج فيها عشرات الآلاف ليست الاولى من نوعها، ولكنها كانت الاكبر من بعد فوز حزب بنيامين نتنياهو بالانتخابات الاخيرة داخل الكيان الصهيوني، خرجت المظاهرات تحت شعارات مختلفة ومعبرة بصورة واضحة عن الرفض للتيار اليميني المتطرف ، وفي هذا السياق فقد تحدثت وسائل الإعلام الصهيونية ونقلت عن المتظاهرين قولهم إن اعتماد نتنياهو على المتطرفين يشكل خطراً على المستقبل “الاسرائيلي”.

في هذا الصدد فإن الاحتجاجات والمظاهرات الاخيرة ضد نتنياهو، هاجمت حكومة “نتنياهو” اليمينية المتطرفة التي تسلمت السلطة منذُ وقتٍ قليل، وهنا لابد من الإشارة إلى أن المجتمع الإسرائيلي يرى أن موقف حكومة نتنياهو الجديدة قد جعل من المستحيل عسكريًا وسياسيًا أن يظهر حل الدولتين على الإطلاق. في هذا السياق يمكن التنويه إلى أنه سبق وأن طالبت الاوساط الإسرائيلية الإدارة الأمريكية أن تفعل كل ما في وسعها للتعبير عن دعمها لمجتمع “تحكمه حقوق متساوية وسيادة القانون”، بدلًا من الموافقة على سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة المتطرفة.

مظاهرات رافضة لـ”نتنياهو”

تظاهر آلاف المستوطنين الصهاينة وسط تل أبيب، تعبيراً عن رفضهم سياسة الائتلاف الحاكم الذي يضمّ أحزاباً يمينية ويمينية متطرفة وأخرى دينية متشددة. حيث تعتبر هذه المظاهرات أكبر تظاهرة منذ أن أدت حكومة الاحتلال التي يرأسها بنيامين نتنياهو اليمين في 29 ديسمبر/ كانون الأول. تركزت المظاهرات في ميدان هابيما في وسط تل أبيب، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه نقلت وسائل إعلام عدة عن “مصادر في الشرطة” أن عدد المتظاهرين بلغ ثمانين ألفاً.

في السياق نفسه نُظّمت مسيرات أصغر حجماً في القدس، حيث تجمّع حوالى 1000 متظاهر خارج مقارّ إقامة رئيس الكيان الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ونتنياهو، وفقاً لوسائل إعلام محلية، وكذلك في مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة.وتجمّع المتظاهرون بدعوة من منظمة مناهضة للفساد، مرددين شعارات تدعو إلى “إنقاذ الديمقراطية” ومنع “إطاحة النظام السياسي” المعمول به في الكيان الإسرائيلي منذ قيامه عام 1948.

ما هي الاسباب؟

منذُ الإعلان عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية يتواصل الجدل الداخلي داخل الكيان الصهيوني، حيث يقول خصوم بنيامين نتنياهو إن الحكومة الجديدة ستقود “إسرائيل” إلى أن تصبح “دولة” أصولية، وإن التيارات اليمينية المتطرفة في الكيان الصهيوني، والتي وصلت إلى السلطة الآن ، تريد بجدية تطوير المستوطنات في الضفة الغربية على أساس مشاريعها الخاصة، ومن ناحية أخرى يحاول اليمينيون المتطرفون تنفيذ مشاريع خطيرة أخرى ، مثل الطرد الكامل للفلسطينيين مما تسمى المناطق C في الضفة الغربية.

وفي هذا الصدد فإن أحد الأسباب لخروج مظاهرات ضد الحكومة الجديدة هو مايراه خصوم بنيامين نتنياهو أن التحديات السياسية والأمنية المعقدة التي ستواجهها “إسرائيل” في الأشهر القريبة ستكون كبيرة، وفي هذا الصدد فقد دعت أحزاب من الوسط واليسار وتحالف “الجبهة العربية للتغيير” إلى مزيد من التظاهر، ولا سيما ضد مشروع إصلاح القضاء الذي قدمته في الرابع من يناير/ كانون الثاني حكومة نتنياهو الملاحق في قضايا فساد عدة مفترضة.

وطالب المتظاهرون باستقالة رئيس الحكومة على خلفية هذه القضايا.ومن بين المتظاهرين أيضاً معارضون للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وحركات الدفاع عن مجتمع الميم القلقة من وجود وزراء معادين للمثلية داخل الحكومة. ومن الجدير بالذكر أن الكثير من الشخصيات السياسية كانت حاضرة خلال المظاهرات، بينهم زعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي، و “وزير الأمن السابق بني غانتس، ووزيرة خارجية الاحتلال السابقة تسيفي ليفني. وفي سياق التعليق على الأوضاع الاخيرة داخل الكيان الصهيوني قالت آية تال (22 عاماً) التي تعمل في مجال التكنولوجيا، إنّ “الوضع مقلق ومخيف”. وأضافت: “يريدون سلبنا حقوقنا (…) يجب أن نتحد”.

ما هي التداعيات؟

لا بد من الإشارة إلى أن مواقف الولايات المتحدة تعكس تخوفاً كبيراً حيال السياسة المتوقعة للحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإذا ما دفعت الحكومة الإسرائيلة قدماً بخطوات أحادية الجانب، فهل ذلك سيؤثر في سلوك الإدارة الامريكية حيال الحكومة الإسرائيلية وصولاً إلى تآكل فعلي في الدعم الذي تحظى به إسرائيل من الولايات المتحدة في المؤسسات الدولية عموماً، وفي مجلس الأمن؟

في كل الأحوال، ومع وصول نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية فإن العلاقات الإسرائيلية مع غيرها من البلدان لن تكون في طريقها إلى التحسّن، بل إلى الانحسار والتراجع في ظل تداعيات التطرف الذي يمارسه هذا الرجل وبالفعل سيكون الكيان الصهيوني أمام ورطة، لأن نتنياهو وتحالفه سيفرض تحديات كبيرة على الفلسطينيين، كما يعد فرصة لتوحيدهم، وحول ملف التطبيع فإنه سيتراجع وخاصة أن أنظمة الحكم المطبعة لن تستطيع تبريره، وستكون جميع مبرراتها محدودة، في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة وفيما يخص اتفاق ترسيم الحدود بين “إسرائيل” ولبنان، كيف سيتعامل نتنياهو مع هذا الملف المهم بعد عودته لرئاسة الحكومة؟

“حكومة العار”.. شعارات رفعها المتظاهرون

لقد عكست اللافتات بالعبرية والعربية والإنكليزية التي رفعها المتظاهرون في ساحة هابيما تنوع المطالب: “حان وقت إسقاط الديكتاتور”، و”حكومة العار”، و”لا ديمقراطية مع الاحتلال”، و”بيبي لا يريد الديمقراطية، لسنا بحاجة إلى فاشيين في الكنيست”. لكن الشعار الأكثر ترديداً كان “ديمقراطية ديمقراطية”.وقالت أيالا بروكاتشيا، القاضية السابقة في المحكمة العليا، متحدثة على المنصة، إن الناس “لن يقبلوا (…) تدمير القيم التي تشكل أساس نظامنا”.

وأضافت: “نحن في لحظة مصيرية بالنسبة إلى المستقبل الأخلاقي لإسرائيل”.وقادت “حركة الأعلام السود” التي دعت إلى التظاهرة، حملة احتجاجية طويلة ضد نتنياهو من يوليو/ تموز 2020 إلى يونيو/ حزيران 2021 للمطالبة باستقالته بسبب فضائح فساد تورط فيها.وأطيح نتنياهو، زعيم حزب “الليكود” اليميني، من السلطة عام 2021، بدفع من ائتلاف انتخابي متنوع استمر أقل من عام. لكنه عاد إلى رئاسة الحكومة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول بعد الانتخابات التشريعية في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي الخامسة في أربع سنوات، وعكست نتائجها وجود انقسام في صفوف الناخبين وتناقضات في صلب المجتمع الصهيوني.

في النهاية إن حكومة نتنياهو الجديدة يمكن وصفها بأنها الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان الصهيوني لذا فإن الفترة القادمة ستشهد الكثير من الاحداث والمتغيرات سواء الخارجية أو حتى الداخلية والمتمثلة بزيادة المظاهرات في أوساط المجمتع الإسرائيلي أو حتى تلك التي تتعلق بالمقاومة بالفلسطينية حيث إن التطرف الذي ستنتهجه الحكومة الإسرائيلية الجديدة سيدفع بأبناء الشعب الفلسطيني إلى تكثيف جهودهم ضد الاعتداءات الصهيونية.

وفي هذا السياق يمكن التأكيد أيضاً على أن خروج مظاهرات بهذا الشكل ضد نتنياهو ستكون له عواقب وخيمة على أداء هذا الرجل خلال المرحلة القادمة، حيث يمكن القول إن الفترة القادمة ستكون فترة عصيبة بالنسبة للحكومة الجديدة داخل الكيان الصهيوني، كما أن الخيارات لدى نتنياهو قليلة ومحدودة وستبقى الانظار شاخصة إلى ما ستحملة الاسابيع القادمة وإلى ما ستؤول اليه الاوضاع.