اين ما وجد الشر في هذه المنطقة فأبحث دوماً عن اليد البريطانية المتآمرة.. بدءاً من التخطيط وصولاً الى التنفيذ ثم التغطية على جرائم الحرب والانتهاكات التي طالت المدنيين في كل بلاد الدنيا ستجد دوماً فصولاً من مؤامراتٍ انجلو أمريكية مقيتة.
من أفغانستان إلى العراق الى ليبيا فسوريا واليمن اشتركت بريطانيا مع الولايات المتحدة في كل جرائمها ومؤامراتها.. هو الحال كذلك بالنسبة للمشاريع الصهيونية فالمملكة الأوربية العجوز هي الراعي الأول لليهود وحتى بعد ان سلمت راية الصهيونية العالمية لـ”أبناء العم سام” فإن لندن لا تزال تلعب بخبثٍ من خلف الطاولة وتحتها وفوقها وفي كل المحاور والاتجاهات جنباً إلى جنب مع الامريكان.
بالنسبة لنا كيمنيين فإن الدعم الذي يقدمه الامريكان والبريطانيون للسعوديين والاماراتيين هو صورةٌ لا تقل قبحاً عن “وعد بلفور” المشؤوم الذي سّلمت بريطانيا بموجبه فلسطين لليهود. قد تختلف المعطيات والظروف وخارطة النفوذ والسياسة العالمية لكن المؤامرة واحدةٌ والمجرمون شركاء على مرِّ التاريخ.
توهم واشنطن ولندن السعوديين والاماراتيين بأنهم سيمنحونهم اليمن كهدية لعدوانهم علينا ومكافأة على تدمير بلادنا وتمزيق وحدتنا وقتلنا وحصار شعبنا. يبيع الأمريكان والبريطانيون الوهم لـ”أحفاد الشيطان” والثمن عقدٌ من العدوان الذي لايزال مستمراً على بلادنا حتى اليوم بصورٍ وأشكالٍ متعددة.
حينما شنّ أعراب الخليج حربهم الكونية علينا كان البريطانيون ولا يزالون الى جانب الامريكان عموداً من أعمدة هذا العدوان وركيزة أساسية في إطالة أمده. تلك ليست اتهاماتٍ نسوقها لهم بل هي اعترافات بريطانية متكررة تطفو على السطح بين الحين والآخر أحياناً تبدو عليها ملامح باهتةٌ لصحوة ضميرٍ متأخرة من المنظمات الغربية العاملة في مجال حقوق الانسان.
واحياناً تؤخذ شكل تصفية حسابات بين الأطراف المتنازعة على السلطة في للوصول الى الـ”داونينج ستريت” في قلب العاصمة البريطانية وأحياناً تأتي كآلية لابتزاز حكام الرياض وابوظبي وبقية أعراب الخليج.
في هذا السياق تقول “صحيفة مورنينج ستار” أنه من المخزي بل والمخجل أن المملكة المتحدة لعبت ولا تزال تلعب دوراً حاسماً في الحرب على اليمن إلى جانب الولايات المتحدة. وتضيف الصحيفة البريطانية ان لندن الى جانب واشنطن تتحملان المسئولية الأكبر عن الكارثة الإنسانية المستمرة في هذا البلد.
لا يختلف احدٌ على ان الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة البريطانية هما العصب الحي لهذا العدوان وهما من يقفان الى اليوم خلف دول العدوان وهما بالتأكيد من خططا لشن هذه الحرب على بلادنا خدمةٍ لمشاريع الصهيونية العالمية..
حينما شن أعراب الخليج هذه الحرب المدمرة على بلادنا كان البريطانيون والامريكان ولا يزالون هما رأسي الحربة في هذا العدوان تسليحاً وتدريباً وإدارةً ناهيك عن دورهما المخزي في التغطية على جرائم هذه الحرب في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
تضيف الصحيفة اللندنية أن اليمن تعرض للقصف طيلة سبعة أعوامٍ بمعدل يومي بمختلف أنواع القنابل ومنها المحرمة دولياً. ووفقاً لـ”المورنينج ستار” فإن الكثير من تلك القنابل كانت تسقطها الطائرات البريطانية التي يقودها الطيارون البريطانيون ويتم بصيانتها وتجهيزها داخل الأراضي السعودية آلاف المتعاقدين البريطانيين.
وترى الصحيفة بأن السعودية لا يمكنها إبقاء “طائرة تايفون” البريطانية الصنع في الجو بدون الدعم الكامل من البريطانيين. وأن الطيارين الذين يقودون تلك الطائرات لا يمكنهم الاستمرار بالطيران دون خدمات الصيانة ودون الخدمات اللوجستية والعملياتية البريطانية.
هكذا اذن تبدو صورة المملكة العجوز في صحافتها حينما تحاول ان تتحرى المصداقية أيّاً كانت الدوافع وراء هذه الوقفة الإنسانية. تكشف الصحيفة البريطانية عن منح لندن تراخيص لما لا يقل عن 23 مليار جنيه إسترليني لصفقات أسلحة للتحالف الذي تقوده الرياض.. وتشير الى ان الدعم البريطاني يتجاوز مجرد بيع الأسلحة.
تقول “المورنينج ستار” أن العسكريين البريطانيين يتمركزون في مركز القيادة والتحكم الخاص بالضربات الجوية في العاصمة السعودية ولديهم الامكانية الكاملة للوصول الى قوائم الأهداف التي يتم استهدافها. ووفقاً للصحيفة ذاتها فإنه ومع انتهاء الوقف المؤقت لإطلاق النار في بلادنا فإن ما يحتاج اليه المجتمع البريطاني ومنظماته الحكومية والمدنية هو توسيع الغضب من الشراكة البريطانية في هذه الحرب التي دمرت حياة ملايين اليمنيين.
وتوكد ضرورة الضغط على الحكومة البريطانية لتغيير سياستها الخارجية البغيضة تجاه هذا البلد فلندن الى جانب واشنطن توفران الغطاء الدبلوماسي للمذبحة السعودية الإماراتية المستمرة في اليمن. تنهي الصحيفة البريطانية تقريرها المطول بالتأكيد على أن الحقيقة التي لا يستطيع ان ينكرها أحد هي ان الامريكان والبريطانيون بإمكانهم إيقاف حلفائهم وانهاء هذه الحرب في أي وقت يريدون.
البريطانيون هم الشريك الأصيل للسعوديين والإماراتيين إلى جانب الامريكان في العدوان على بلادنا.. لم يكن لهذه الحرب الكونية ان تستمر لولا الدعم والغطاء البريطاني الأمريكي الكامل لهذا العدوان في كل مراحله وما هذه “الهُدن الهشّة” إلاّ أحد آليات الحرب اللا إنسانية واللا أخلاقية.
وكما كان البريطانيون والأمريكان جزءاً رئيسياً من هذه المشكلة فإنهم لن يكونوا على الإطلاق جزءاً من حلها لأنهم ببساطة لا يريدونه ولا يسعون وراءه ابداً كما يدعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصر القريطي