في البداية وكما هو معلوم أن العدوان السعودي الإماراتي تم الإعلان عنه من واشنطن عبر مؤتمر صحفي لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، حيث أعلن فيه أن إعلان العدوان سببه “الدفاع عن شرعية الرئيس هادي”، وسميت العملية بـ “عاصفة الحزم” التي استمرت من 26 مارس/اذار، وحتى 21 إبريل/نيسان من عام 2015، و ما زال يواصل حربه على اليمن حتى يومنا هذا، تحت مسمى “عملية إعادة الأمل”.
وعلى الرغم من أن الدول التي شاركت في العدوان كانت قد أعلنت هدفاً واحداً لتبرير عدوانها على اليمن الا أنه في الواقع كل دولة كانت تسعى لتحقيق أهدافها ومصالحها الخاصة، وقد ظهرت الخلافات وتضاد المصالح بين تلك الدول منذُ بداية العدوان، حيث إن التركيز الإماراتي على الجنوب والجزر اليمنية كان ملاحظاً منذ اليوم الأول، وفي سبيل تحقيق الأطماع الإماراتية في جنوب اليمن عملت الإمارات على دعم وتشيكل مجموعات مسلحة لها في جنوب اليمن بل إنها ساعدت ودعمت تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي.
التصرفات الإمارتية لم ترق للسعودية ابداً وهنا بدات الصدامات والاشتباكات بين المجموعات التابعة للإمارات وبين المجموعات التابعة للسعودية، ونتيجة لذلك فقد ما يسمى التحالف العربي الانسجام بل إن الخلاف ظهر جلياً للعلن فقد قامت الإمارات مسبقاً بسحب قواتها من التحالف الذي شُكل.
الانقسامات والخلافات بين قوات التحالف السعودي الإماراتي أفقدت التحالف المزعوم شرعيته أمام المجتمع الدولي بل إن التحالف السعودي أصيب بالشلل والفشل حتى أمام المجتمع الدولي والداعميين الرسميين مثل الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من الدول الكبرى التي باركت العدوان على اليمن.
تقرير أمريكي ينتقد التحالف السعودي الإماراتي.. تعالي الأصوات يؤكد فشل التحالف
بدا الخلاف بين السعودية والإمارات جلياً بعد إقدام عبد ربه منصور هادي المدعوم من الرياض على خطوة الاطاحة برجل الإمارات الأول في المشهد اليمني خالد بحاح من كل مناصبه وتعيين اللواء علي محسن الأحمر قائداً للجيش اليمني قبل ترقيته لمنصب نائب الرئيس، هذا الإجراء واجهته ابوظبي بالتململ والرفض ولا سيما بسبب قرب الأحمر من التجمع اليمني للإصلاح الذراع السياسي للإخوان المسلمين العدو اللدود لمحمد بن زايد، وعقب هذا الإجراء اتخذت ابوظبي بعض الإجراءات “العقابية” رداً على الاطاحة بحليفها وهي سحب بعض المعدات العسكرية من مناطق المواجهة مع أنصار الله وأيضاً سحب بعض الجنود بحجة تغيير الطواقم المقاتلة ما أضعف القوات الموجودة على الأرض وساهم بشكل مباشر في إحكام سيطرة أنصار الله على المدن التي تحت نفوذهم.
وفي سياق الخلافات بين قوى التحالف الذي تم التطرق اليه مسبقاً، نشر موخراً موقع مجلس الأطلسي الأمريكي، تقريراً انتقد فيه التحالف السعودي حيث جاء في التقرير “إن اختلاف دولتي التحالف السعودي الإماراتي على الهدف النهائي من الحرب في اليمن، وهو استعادة ما تسمى الحكومة الشرعية، أدى إلى إضعاف تأثيرهما التفاوضي. وقال التقرير: “يحظى مجلس القيادة الرئاسي بدعم من المملكة العربية السعودية.
بينما تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي. في وقت مبكر من الصراع، بدا أن هذه القوى الخليجية متفقة على الهدف النهائي المتمثل في استعادة الحكومة الشرعية في اليمن، رغم اختلافها حول الأهداف الضرورية لتحقيق هذه الحالة النهائية. وبالتالي، أدى انحرافها المثير للجدل عن هذه الرؤية الموحدة إلى إضعاف تأثيرها التفاوضي”.وأشار إلى أن “الخيار الأفضل هو استباقي: بدلاً من الاستسلام لمطالب أنصار الله الأخيرة – والمتغيرة بشكل متكرر – وسحب دعمهم للقوات الموالية للحكومة، يجب على هؤلاء الحلفاء محاولة استعادة توازن القوى في المفاوضات”.
دعم الإماراتي يعارض دور مجلس القيادة الرئاسي
ما لاشك فيه أن الإمارات ومن اجل تحقيق مصالحها الخاصة في جنوب اليمن فإنها تقوم بدعم مجاميع مسلحة لها هناك بل إن الإمارات تعمل على دعم المجلس الانتقالي الجنوبي وتعتمد عليه، وفي هذا الصدد جاء في التقرير الإمريكي أن “الدعم الإماراتي للمجلس الانتقالي الجنوبي يتعارض مع الدور العام الذي يلعبه مجلس القيادة الرئاسي، الذي شارك السعوديون والإماراتيون في إنشائه كوسيلة للاندماج مع الحركات المناهضة للحوثيين.
من جهةٍ اخرى ذهب التقرير إلى ما هو أبعد من ذلك حيث اعتبر التقرير “الدعم الإماراتي للقبائل الجنوبية والشرقية التي تشكل العمود الفقري للمجلس الانتقالي الجنوبي قد شل تحركات التحالف السعودي وأضاف ” ظهر شرخ بين المجموعتين الرئيسيتين، ما أدى إلى اندلاع قتال من حين لآخر بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي ومجلس القيادة الرئاسي”.وأكد أن حل الخلافات بين هذه الجماعات لفترة كافية لإقناع أنصار الله بوقف دائم لإطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تدابير الثقة ومحادثات السلام.كما أكد “أن استعادة توازن القوى في المفاوضات مع انصار الله ليس حلما بعيد المنال. سيكون للتحالف الموحد فرصة أفضل لتمديد وقف إطلاق النار بشروط مواتية، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى محادثات سلام في اليمن”.
“انصار الله” يحذرون من استمرار الحصار على اليمن
خلال كل الفترة الماضية كررت قيادات في حركة “أنصار الله”، تحذيراتها من نفاد صبر صنعاء، وخصوصاً في ظل الحصار الجائر على اليمن و عودة القرصنة البحرية على سفن المشتقات النفطية، ومنع دخولها وفي هذا السياق عاد انصار الله من جديد ليطلقوا، تحذيرات من عواقب ما اعتبروه “استمرار الحصار الظالم والإجرامي على اليمن”، و”استمرار حجز سفن الوقود والبضائع والسلع”، معتبرين أن “استمرار الحصار حرب ستواجه برد فعل عسكري يوجع تحالف العدوان بشكل غير مسبوق ولا متوقع”.
جاءت تلك التحذيرات الاخيرة في بيان المسيرة التي شهدتها صنعاء وعدد من المدن في مناطق سيطرتهم حذروا فيه من “مغبة وعواقب أي تصعيد عسكري يُقدم عليه (التحالف) في أي جبهة وبأي شكل”.وفي البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية أكدوا تمسكهم بمطلبهم المتمثل في صرف رواتب موظفي القطاع العام من عائدات الثروات النفطية والغازية،حيث تم التأكيد أن “الصفقات المشبوهة، التي يعقدها مرتزقة العدوان مع مشغليهم، باطلة ولاغية، ولا يعترف بها الشعب اليمني، ومنها صفقة بيع مينا قشن وقطاع العقلة النفطي وغيرهما”.
تحركات المبعوثان الأممي والأمريكي.. هل تُحقّق السلام المنشود في اليمن؟
في سياق متصل، استأنف المبعوثان الأممي والأمريكي لليمن، هانس غروندبرغ، وتيم ليندركينغ، تحركاتهما في سياق جهود دعم عملية السلام. والتقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، الخميس في الرياض، المبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي، في لقائين منفصلين كل على حدة.وحسب وكالة الأنباء اليمنية (نسخة الحكومة)، فقد ناقش اللقاءان مستجدات الأزمة اليمنية والجهود الأممية المنسقة مع المجتمع الإقليمي والدولي لإحياء مسار السلام.
وحسب قناة المبعوث الأممي لليمن في تليغرام، فقد ناقش المبعوث مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي “الأوضاع وآخر التطورات في اليمن، وشددوا على أهمية أن تكون العملية السياسية بقيادة يمنية وسبل المضي قدما لإيجاد تسوية شاملة للنزاع” وكان المبعوث الأممي قد التقى، الخميس، المبعوث الأمريكي ليندركينغ، الذي بدأ زيارة للمنطقة تشمل الأردن والسعودية لبحث وسائل دفع عملية السلام في اليمن.
في النهاية يمكن القول إن الخطوات السياسية المتسارعة التي اتخذتها قيادة أنصار الله وحكومة الانقاذ الوطني قد أربكت دول تحالف السعودي الإماراتي، من جهةٍ اخرى فإن حالة التذبذب والخلافات داخل قوى تحالف العدوان كانت أحد العوامل الأساسية في وصول الوضع على الأرض إلى هذه المرحلة وما لاشك فيه أن معركة اليمن ستستمر فترة طويلة بسبب فشل تحالف العدوان الواضح في إدارة العديد من الملفات في المناطق المحتلة، إضافة إلى ذلك فإن هناك تنافسا حقيقيا من قبل الإمارات على السيطرة على اليمن.