خلال فترة الحكم التي استمرت 33 عاما، حرص الرئيس السابق علي عبد الله صالح عفاش على تكوين ثروة هائلة له ولأبنائه، في الوقت الذي ظل فيه غالبية اليمنيين يتكبدون مرارة الفقر، بينما لا يستطيع الموظف اليمني توفير شيئ من راتبٍ هو واحد من بين أقل مستويات الدخل في العالم.
لا يدّعي هذا التحقيق من قريب أو بعيد إلمامه بثروة عفاش أو نجله الأكبر، لكنه يستعرض بعضاً من أملاك الأسرة التي كونتها خلال 2010 – 2012م، وملايين الدولارات التي أنفقت في تأسيس حياة الرفاهية من أقوات المواطنين ونفقات القوات المسلحة.
في الوقت الذي شهد فيه اليمن حراكاً ثورياً سعى من خلاله الشباب إلى الإطاحة بنظام عفاش المتهم بالفساد، حاولت القوى الخارجية الالتفاف على ثورة الشباب وتأسيس مرحلة جديدة من الحكم، باسم الثورة، يقودها شركاء ما قبل فبراير 2011، بقيادة نائب الرئيس آنذاك عبد ربه هادي، مع الاحتفاظ بكل أركان النظام الفاسد. أثناء ذلك كان أبناء عفاش يبنون امبراطورياتهم الخاصة إلى جانب تلك التي بناها والدهم، وتقدرها إحصائيات دولية بقرابة 60 مليار دولار، ومثلهم الكثير ممن سخروا سلطتهم لرفد خزاناتهم بالمال العام.
إمبراطورية في عامين
مع إدراك عفاش وأبناؤه قرب موعد رحيلهم عن السلطة التي تشبثوا بها لثلاثة عقود وبضع سنوات، استنفروا طاقاتهم لنهب الوطن، رغم علمهم بأنهم صاروا تحت مجهر الباحثين عن قضايا فساد النظام وأركانه، إلا أنهم كانوا يثقون في قدرتهم على التخفي والنجاة، لكن تلك الأحلام التي أمنتها لهم ما عرفت لاحقا بالمبادرة الخليجية، تلاشت بعد العدوان على اليمن وارتماء أركان الأسرة في أحضان المعتدين.
على خلاف والده، بقي سر ثروة وأملاك أحمد علي عفاش طي الغيب، فالشاب الذي اشتهر بضعف شخصيته يتمتع بثروة هائلة لا تعرف الصحافة أسرارها، لكن “الثورة” حصلت على وثائق يعود تاريخها إلى عام الثورة الشبابية، يمكن من خلالها معرفة جزء يسير من أملاك قائد الحرس الجمهوري وكيف حصل عليها.
خلال الفترة من سبتمبر 2011 إلى ديسمبر 2012، نفذت شركة “المجموعة المعمارية اليمنية” (شركة مقاولات عامة) أعمالاً إنشائية في فيلا فاهم وبيت الأحمر والثنية، بقيمة ثلاثة ملايين و146 ألفاً و139 دولاراً، دفعت للشركة على ست دفعٍ كان آخرها مبلغ 500 ألف دولار إلى يد المهندس التابع للشركة زهير عبد الرحمن الزين، بتاريخ 9 مايو 2013، كما توضح وثيقة صادرة عن السكرتير الخاص للعميد أحمد علي عفاش، مرفقة بكشف الدفعات.
إلى جانب ذلك تظهر وثائق صرف مبالغ أخرى للأعمال في كل من فيلا الجنيد، وفيلا الكبسي وفيلا المؤيد، والجزائر وعطان والسبعين، إضافة إلى مكاتب أحمد علي، حيث تكشف وثيقة رفع بها المهندس الاستشاري أحمد إسماعيل باسلامة إلى أحمد عفاش بتاريخ 7 يونيو 2011، بناء على مذكرة المجموعة المعمارية اليمنية التي تطالب فيها بدفع مستخلص الأعمال المنفذة في غرفة الخدمات والأعمال الداخلية في فيلا الجنيد، والتي بلغت 132 ألفاً و408 دولارات أمريكية.
وتظهر وثيقة استلام حررت بتاريخ 9 يونيو 2010، أن محمد عز الدين (سمسار) استلم من أحمد عفاش مبلغا قدره نصف مليون دولار كاستقطاع من حساب العمل في عمارة بغداد، إضافة إلى وثيقة أخرى تبيّن استلام مدين ياسين، وهو مالك عقارات، مبلغاً قدره 50 ألف دولار من محمد عز الدين كتتممة لقيمة البنايتين اللتين شراهما الأول لأحمد عفاش، كما تبين ذلك وثيقة بتاريخ 25 يناير 2010، علاوة على وثيقة سابقة تكشف استلام مدين من عز الدين 700 ألف دولار ضمن قيمة البنايتين، فيما تبين وثيقة أخرى حصول محمد عز على مبلغ قدره 200 ألف دولار للقيام بتشطيب بعض بنايات العميد الذي أصبح مستثمرا في الإمارات.
وفي وثيقة أخرى- صادرة بتاريخ 19 مايو 2011- رفع المهندس باسلامة إلى أحمد عفاش طلبا بصرف المستخلص الثالث لشركة “الاصابع السحرية للتجارة والمقاولات” بقيمة مليونين و528 ألفاً و600 ريال، من المبلغ الإجمالي المقدر بـ 18 مليوناً و933 ألفاً و312 ريالاً، كما يوضح جدول الأعمال المنفذة.
من خلال ما ضمته الوثائق التي استند التحقيق عليها، يبدو جلياً مسارعة نجل عفاش إلى بناء امبراطوريته الخاصة قبل مغادرته منصبه، وفي الوقت ذاته قد توحي الوثائق بطريقة غير مباشرة بامتلاك أحمد علي تركة هائلة من العقارات، ظل يجمعها خلال فترة توليه قيادة الحرس الجمهوري واستناداً إلى سلطة والده، خاصة أن وثائق امتلاك عقارات ما بعد الثورة الشبابية – على رغم كثرتها – جاءت في الوقت الذي أصبح فيه كل أركان نظام عفاش تحت المراقبة، الأمر الذي قلّص من حجم الشراء والبناء للعقارات والقصور؛ خوفا من المحاكمة الشعبية أو الفضيحة الإعلامية.
أعمال داخلية
في الـ 17 من فبراير 2011، بعثت شركة “العريقي للمقاولات” إلى طارق الرضي (وكيل مقرب من أحمد علي) بمذكرة تطالبه بصرف ما تبقى من مستحقات الشركة مقابل الأعمال الحديدية المنفذة لسور فيلا عطان، بمبلغ قدره 20 مليوناً و379 ألف ريال، كما يوضح سند استلام موقع بقلم قائد القوات الخاصة قائد الحرس الجمهوري آنذاك، استلام شركة العريقي من عبد العزيز الروسي (سمسار) مبلغ وقدره خمسة ملايين ريال كدفعة ثانية من الأعمال في فيلا عطان.
وتبين إحدى الوثائق المرفوعة من المهندس الاستشاري أحمد باسلامة إلى أحمد عفاش، مطالبة الأول بصرف مبلغ 10 آلاف و447 دولاراً لشركة المجموعة المعمارية اليمنية مقابل أعمال الدربزين الحجر مقابل شلال فيلا عطان، إضافة إلى دفع مبلغ وقدره 3 آلاف و325 دولاراً، مقابل أعمال تكسير وإخراج المخلفات ورفع سقف غرفة الحارسة.
من ضمن الأعمال الداخلية في فيلا أحمد علي عفاش تظهر وثيقة أخرى بتاريخ 19 مايو 2013 استلام المقاول صالح علي حسن غازي من عبد العزيز الروسي مبلغ قدره 345 ألفاً و270 دولاراً، قيمة المستخلص النهائي لمشروع المخزن في ريمة حميد، من إجمالي المبلغ الكلي البالغ قدره 670 ألفاً و851 دولاراً، كما تبين ذلك وثيقة رفع بها المهندس الاستشاري إلى أحمد علي عفاش في أبريل من العام ذاته.
وفي مايو من عام الثورة الشبابية رفع المهندس باسلامة بمذكرة صرف إلى نجل عفاش تضم مبلغاً يقارب ثلاثة ملايين ريال ونصف، مقابل أعمال شبك الحماية للشبابيك والبلكونات المنفذة في فيلا الأولاد، المنفذة من قبل المقاول “ورشة الوفاء”.
فرن ومطبخ
تبين بعض الوثائق حجم الترف الذي كان فيه نجل عفاش الأكبر، في الوقت الذي تشير فيه إلى اللامبالاة في إهدار أموال الدولة بمئات الآلاف من الدولارات مقابل أعمال بسيطة، ذاك أن عفاش ونجله- وجملة من القيادات التي حكمت في عهده- ظلوا ينظرون إلى خزينة الدولة باعتبارها مزرعة خاصة تجني أرباح ثمارها إلى جيوبهم الخاصة.
في كشف لحساب الأعمال المنفذة من قبل المهندس زهير الزين، بلغت قيمة الأعمال المنفذة في الثنية وفيلا فاهم وبيت الأحمر أكثر من مليون و247 ألف دولار، من بينها أكثر من نصف مليون دولار قيمة أعمال الفرن والمطبخ الخاص بفيلا بيت الأحمر.
إلى جانب ذلك يوضح كشف آخر أن قيمة الأعمال المنفذة من فبراير إلى سبتمبر من عام 2012 في فيلتي عطان والسبعين مع مكتبي 48 والخاصة، بلغت نحو مليون و347 ألف دولار، بينما بلغت أعمال الثنية وريمة حُميد والصالح والسبعين وعطان والجزائر نحو نصف مليون دولار، خلال الفترة أكتوبر- نوفمبر من العام ذاته.
وتوضح إحدى الوثائق أن إجمالي قيمة المناقصة المقدمة لشراء بعض الأثاث لإحدى فلل نجل عفاش بلغ نحو 646 ألفاً و778 دولاراً، وهي عبارة عن ستائر أمريكية ولوحات جدارية إلى جانب أباجورات ومفارش طاولات وفازات، وغرف نوم ولواصق قماشية للجدران.. إلخ من أغراض التأثيث الملائم لحياة الترف المرجوة، من بينها 92 ألفاً و600 دولار لفيلا الثنية.
استقدام خارجي
لعل ما يثير الشكوك حول انتماء نجل عفاش لليمن، وثيقة تبين استقدام عفاش الصغير للعاملات الأجنبيات والمزارعين الأجانب للعمل لديه، حيث تكشف وثيقة رفع بها المهندس زهير الزين إلى العميد آنذاك لصرف مبلغ 52 ألف دولار مقابل استقدام 12 شغالة أجنبية وأربعة مزارعين، خارج حساب الراتب الشهري الذي سيتقاضاه كل واحد منهم.
هكذا ظل سفير هادي في الإمارات وقائد حرس وقوات والده أحمد عفاش يعيش حياة مترفة في الوقت الذي كان اليمنيون فيه يعيشون حياة بائسة تفاقمت في الوقت الحالي نتيجة العدوان على اليمن، وفي الوقت ذاته كان مئات الآلاف من الكفاءات اليمنية تغادر الوطن بحثا عن مصدر دخل في مكان ما من العالم، بينما تضم الخدمة المدنية مئات الآلاف من ملفات الشباب خريجي الجامعات الراغبين بالحصول على وظيفة في بلد جعلته عصابة عفاش مصدر دخل حصرياً لها دون سواها.
أراضي السفير
وفي ما يتعلق بالأراضي، تكشف وثائق بعض أملاك أحمد عفاش في عدد من المناطق جراء شراء بعضها من أموال الجيش اليمني.. تشير إحدى الوثائق المؤرخة بـ 7 يوليو 2010 إلى استلام محمد عز الدين (سمسار) مبلغاً قدره مليوني دولار أمريكي من أحمد علي، لحساب شراء الأرض من بيت النهمي في منطقة شيراتون، فيما تشير أخرى إلى استلام الشخص ذاته مليون دولار أمريكي من طارق الرضي كدفعة ثانية من قيمة الأرض.
وتتضمن وثيقة ثالثة كشف حساب محمد عز الدين لدى نجل عفاش من مطلع 2009 حتى 19 مايو 2010 (إلى ما قبل تاريخ الوثيقة الأولى بشهرين)، حيث يبين الكشف ما مقداره 40 مليون ريال يمني كدفعة أولى من قيمة الأرض ذاتها جرى استلامها من قبل عبد العزيز الروسي في سند استلام آخر، إلى جانب نصف مليون دولار أمريكي كدفعة ثانية، يليها مليون دولار بواسطة طارق الرضي، لتصبح قيمة الأرض بالاستناد إلى الوثائق المتوفرة 3.5 مليون دولار أمريكي و40 مليون ريال يمني.
الأموال المدفوعة بالعملة الوطنية في كومة من الوثائق المشتملة على ملايين الدولارات تلفت الانتباه إلى وثيقة أخرى تتضمن المبلغ والتاريخ ذاتهما وتزيح الستار عن مصدرها، وهو واحد من بين عدد من المصادر التي تتدفق عبرها الأموال للأسرة الحاكمة في زمن التجويع المتعمد للشعب.. إذ تبين الوثيقة الأخرى، وهو شيك صرف من حساب وزارة الدفاع في البنك المركزي اليمني بصنعاء إلى قيادة الحرس الجمهوري الذي يتربع على كرسيه أحمد علي، يتضمن مبلغ 40 مليون ريال، بتاريخ 12 يناير 2010 ، وهو تاريخ استلام عز الدين للمبلغ ذاته بواسطة عبد العزيز الروسي.
لم يأت هذا التشابه بين التاريخ والمبلغ في الوثيقتين على سبيل المصادفة، بل يأتي كدليل لا يدع مجالا للشك على استغلال أسرة عفاش لنفوذها في جني الأموال وبناء امبراطورياتهم الفاخرة، وعلى الرغم من أن لعنة الخيانة التي أصابت والدهم فكانت سببا في خسرانهم الكثير من الأملاك والأموال إلا أنهم لا يزالون ويتنعمون بأملاك هائلة واستثمارات طائلة في كثير من دول العالم.
وكيل واحد
بالعودة إلى الوثائق التي يستند إليها التحقيق، ثمة وثيقة تتعلق بالوكيل محمد عز الدين، يعود تاريخها إلى ما قبل الوثائق المذكورة آنفا بخمس سنوات (28 يونيو 2004)، وفيها يوقع المذكور على استلام مبلغ 300 ألف دولار أمريكي، من أحمد علي عفاش مقابل شراء أرض في أرتل والعشاش.
حساب عز الدين لد العميد الشاب مليء بملايين الدولارات والريالات، فإلى جانب ما سبق ذكره، تبيّن بعض الوثائق استلام الوكيل بتاريخ 30 نوفمبر 2010 مبلغ 150 مليون ريال يمني مقابل شراء أحمد لطف الكبسي (سمسار) أرضية للقائد، بينما تبين وثيقة أخرى استلام الوكيل مبلغ نصف مليون دولار من حساب العمل في عمارة بغداد (شارع وسط صنعاء).
وفي كشف للأموال التي استلمها عز الدين خلال يناير 2009 ومايو 2010 من العميد لقاء شراء أراض وعقارات في صنعاء تكشف مصفوفة الوثيقة استلام الأول 700 ألف دولار كدفعة أولى وكذا مبلغ 2.4 مليون دولار دفعة ثانية وأخيرة من حساب العقارين اللذين تبينهما وثيقة أخرى بالعمارتين المشتراة من مدين ياسين، مضاف لها 50 ألف دولار كتوفية لصاحب العقارين، علاوة على 1.2 مليون دولار لتشطيب العقارين، بحسب ما ورد في المصفوفة التي تتضمن استلام عز الدين مبلغ مليون دولار لاستثمارها في شراء الأراضي و400 ألف دولار لشراء أرض في ريد (إحدى قرى عزلة شهاب الأسفل بمديرية بني مطر التابعة لمحافظة صنعاء).
بحسب الوثائق المتوافرة لدينا، فإن مجموع ما تسلمه محمد محمد عز الدين من العميد أحمد عفاش من أموال لشراء الأراضي والعقارات في صنعاء خلال 2009 و2010، مع ما ورد بتاريخ 2004 يصل إلى 10 ملايين و50 ألف دولار أمريكي و190 مليون ريال يمني، وبين التاريخين (2004-2009) أسرار للتعاون بين أحمد علي ومحمد عز الدين لا يتضمن التحقيق معلومات حولها، على أن الأرقام الكبيرة التي تبينها الوثائق تعطي صورة كاملة عن القصة.
خطوط متعددة
لم يقتصر شراء أحمد علي للأراضي والعقارات على وكيله عز الدين، كما لم يقتصر الشراء على ما قبل الثورة الشبابية (11 فبراير 2011)، بل فتح نجل الرئيس المخلوع يديه على أطراف مختلفة حتى ما بعد الثورة التي استطاعت دول الخليج والقوى الدولية الالتفاف عليها وسلب أهدافها، ففي وثيقة يعود تاريخها إلى 7 أكتوبر 2013، رسالة من محمد بن عبد القدوس الوزير إلى صلاح بن طه مفضل المقرب من أحمد علي، يعلمه فيها بموافقة ورثة أخيه عبد الكريم الوزير على بيع منزلهم والأرضية التابعة له مقابل ستة ملايين ريال للبنة الواحدة.
ولمعرفة التفاصيل تبين وثيقة أخرى تتضمن كشفا بعدد من العقارات التي اشتراها نجل عفاش، أن مساحة البيت الذي اشتراه من ورثة عبد الكريم الوزير تبلغ مساحته 28 لبنة بلغت قيمتها 168 مليون ريال، فيما بلغت قيمة العقارات المبتاعة من إبراهيم الوزير نحو 546 مليون ريال يمني لما مساحته 78 لبنة بواقع 7 ملايين ريال للبنة الواحدة، بحسب الكشف الذي يرصد أيضا 135 مليون ريال قيمة عقار محمد الخاوي بمساحة 27 لبنة، و100 مليون ريال قيمة بيت بلس، خلف بيت القطاع، بمساحة 20 لبنة، و25 مليون ريال قيمة عقار المساجدي جوار بيت القطاع بمساحة خمس لبن، إلى جانب مليوني دولار قيمة عقار القاضي الربيع بمساحة 36 لبنة، و900 ألف دولار قيمة عمارة المعمري ذات الأربعة طوابق بجوار بيت الكبوس.
إلى ذلك تكشف وثيقة أخرى وهي عقد بيع، شراء أحمد علي عفاش فيلا من ورثة جميل عبد الحميد إسماعيل بمساحة 473.64 متراً مربع في مدينة التواهي بمحافظة عدن بقيمة 80 مليون ريال يمني، ليصل إجمالي ما تضمنته الوثائق المتوافرة لدينا حول ما اشتراه قائد الحرس الجمهوري من عقارات بأموال اليمنيين إلى نحو 12 مليوناً و950 ألف دولار أمريكي إلى جانب مليار و244 مليون ريال يمني، وبهذا تكون قيمة العقارات المذكورة 9 مليارات و14 مليون ريال يمني.
مزارع في كل مكان
امتدادا للأراضي والعقارات، تكشف وثائق تتوزع فيها مناطق الشراء بين صنعاء وحجة والحديدة وأبين، وتشير إلى شراء العميد خلال 2001-20045، مزرعة بيت الشاطبي في سنحان من 24 بائع عبر حسين علي محسن وعلي بن علي مقصع، بمساحة 5316 لبنة بقيمة 64 مليوناً و920 ألفاً و756 ريالاً، وفي 2002 اشترى العميد مزرعة الجر في مديرية عبس بمحافظة حجة من أربعة بائعين عن طريق شخص يدعى شرف الكحلاني، وتبلغ مساحتها 707.5 معاد بمبلغ 43 مليوناً و350 ألف ريال يمني.
أما في الحديدة فتبين الوثيقة شراء أحمد علي مزرعة باجل من مواطن واحد عبر شخص يدعى علي الكحلاني، غير أن اللافت في الأمر عدم توفر البيانات حول مساحتها، فيما بلغت القيمة الواردة في الوثيقة 250 ألف ريال فقط، وهو ما يثير الشكوك حول دفع قيمتها لمالكها؛ إذ لطالما عرف عهد عفاش بتسلط النافذين على أراضي ومزارع أبناء الحديدة، بما فيها الأراضي التي جرى نهبها وتحويلها إلى مناطق عسكرية تتبع الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر الذي عرف هو الآخر بامتلاكه العقارات والاستثمارات من أموال القوات المسلحة لصالحه الشخصي.
في السياق تبين وثيقة أخرى شراء أحمد علي عفاش مزرعة في محافظة أبين تبلغ مساحتها 271 فداناً بقيمة 76 مليوناً و795 ألف ريال، من 13 بائعا بواسطة وكيله علي الكحلاني، ليكون إجمالي المبالغ التي اشترى بها نجل عفاش المزارع المذكورة في الوثائق نحو 185 مليوناً و 315 ألفاً و756 ريالاً يمنياً.
100 مليون دولار
وفي مجال الاستثمار، تبين الوثائق امتلاك علي بن علي مقصع- وهو وكيل أحمد علي عفاش (وتربطهما علاقة نسب)- لأسهم واستثمارات لدى رجل الأعمال المتوفي شاهر عبد الحق إلى جانب شركة واعد جروب، إذ تكشف وثيقة خطها رجل الأعمال اليمني المتوفي شاهر عبد الحق بتاريخ 21 أبريل 2004، كضمانة على مساهمة الوكيل مقصع في شركة “بلو نايل القابضة والمالكة لترخيص 65m السودان”، كما جاء في الضمانة التي تبين مساهمة مقصع بمبلغ 96 مليون دولار أمريكي وزعت على قسطين: الأول بقيمة 48 مليون دولار مع مليونين دولار فوائد، والثاني بنفس القيمة والفوائد.
وتكشف وثيقة أخرى مساهمة وكيل أحمد علي (مقصع) بما نسبته 5 في المئة من مقدار مساهمة شركة “واعد جروب للتجارة والخدمات النفطية” في رأس مال شركة شركة هيتس يونيل للاتصالات (واي).
إلى ذلك تبين وثيقة أقر فيها الوكيل طارق الرضي باستلامه مبلغ مليون دولار من أحمد علي بتاريخ 22 أغسطس 2008؛ لاستثمارها لدى رجل الأعمال اليمني محمد عبد الله الحظا، فيما يؤكد عقد اتفاق مضاربة تجارية بين طارق الرضي كطرف أول والحظا كطرف ثاني ومدير عام لشركة الحظا للتجارة والوكالات العامة، حيث ينص العقد على استثمار المبلغ في شراء حصص في مشروع شركة بوليفارد العرين للتطوير العقاري.
هذه الأموال التي يصعب حصرها هي جزء من تركة أحد أبناء علي عبد الله صالح الذي ظل يحكم اليمن لـ 33 سنة وصل فيها منسوب الفقر والبطالة إلى أعلى مستوى، فيما ظل هو وأولاده وأركان نظامه يبنون ممالكهم الخاصة، وكما تناول التحقيق بعضا من أملاك قائد الحرس الجمهوري سابقا، كنوع من إظهار الحقيقة للمواطن اليمني، فإن من الضروري استعراض بعض من أملاك والده في تحقيق قادم ينشر الأسبوع المقبل في الموعد ذاته.