نظمت دائرة التوجيه المعنوي اليوم فعالية إشهار الطبعة الثالثة من كتاب فتنة ديسمبر، بحضور عدد من الباحثين والمحللين العسكريين.
وفي الفعالية أوضح نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي العميد عبدالله بن عامر، أن الطبعة الثالثة من الكتاب تم تنقيحها ببعض المعلومات الجديدة حول أحداث الفتنة.
وأشار إلى أن الكتاب بما تضمنه من وثائق وتوثيق لأحداث الفتنة في ديسمبر 2017م يعد ضمن السرد التاريخي الذي يجب أن يطلع عليه الشعب لمعرفة خفايا وتداعيات الفتنة والارتباطات بقوى العدوان وخصوصا من قبل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وانقلابه على القوى الوطنية المواجهة للعدوان في سابقة خطيرة كانت ستؤدي عواقبها لإراقة دماء كثير من أبناء الشعب لولا عناية الله ويقظة الأجهزة الأمنية والوعي الشعبي الذي أفشل المؤامرة وتم وأد الفتنة خلال 72 ساعة.
وفي الفعالية أوضح الدكتور فؤاد الشامي، أن الكتاب بما تضمنه من وثائق وتوضيح لأحداث الفتنة كشف القناع الذي كان يختفي خلفه الرئيس الأسبق بارتكابه جرائم الخيانة العظمى بحق الشعب والوطن بالتعاون مع أعداء الوطن والشعب.
فيما أشار مساعد مدير دائرة التوجيه المعنوي العميد الركن عابد الثور، إلى أن صالح ارتبط بدول تحالف العدوان وجعل أمن اليمن الوطني والقومي مستباحا لأمريكا والسعودية والإمارات.
وبين أن من أسباب فشل الفتنة هو افتقاد صالح لعملاء وخونة في صفوف الجيش واللجان الشعبية ورفض الشعب لما قام به من تمرد ومحاولة إشعاله لفتنة تداركتها القيادة الثورية والسياسية العليا بحكمة ووعي فوتت الفرصة على أعداء الشعب والوطن.
من جانبه تطرق المحلل العسكري العميد عبدالغني الزبيدي، إلى مجمل الأحداث التي كانت أبرز العوامل المساندة للأجهزة الأمنية في إفشال مخططات الفتنة ومنها إدراك القيادات الوطنية ومنها قيادات المؤتمر الشعبي العام الذين رفضوا بشكل واضح ما أقدم عليه الرئيس الأسبق صالح من إشعال لفتنة دموية أفشلت بفضل التلاحم الشعبي والقيادات الوطنية مع القوى الوطنية المواجهة للعدوان.
إلى ذلك أوضح الباحث مجيب شمسان، أن التخطيط لإشعال فتنة ديسمبر كان يمثل تهديدا استراتيجيا لليمن لارتباط قيادة الانقلاب والفتنة بقوى إقليمية ودولية ظهرت تحركاتها قبل وأثناء الفتنة بشكل واضح.
وخلال الفعالية تم مناقشة عدد من المواضيع التي احتواها الكتاب في فصوله ومنها ما جرى خلال العام 2017م منذ لقاء العاشر من رمضان وحتى أحداث أغسطس وصولا إلى أحداث فتنة ديسمبر وما تبعها.
حيث تضمن الكتاب في الفصل الأول منه قصة صعود صالح للسلطة في يوليو 1978م ووقوف الملحق العسكري السعودي خلف وصوله إلى السلطة وفرضه على الجميع رغم المعارضة وقتها.
ويتحدث الكتاب عن علاقات صالح بالقوى المختلفة وكيف كان يتخذ من الآخرين أدوات سرعان ما ينقلب عليهم رغم الاتفاقات المبرمة بين تلك القوى والسلطة إلا أن صالح كان لا يضع أي اعتبار لأية اتفاقات أو تفاهمات بل إنه في اللحظة التي يوقع فيها مع أي طرف آخر يكون قد فكر ألف مرة في كيفية الانقلاب على ذلك الاتفاق، وخير مثال ذلك مشروع الوحدة وما أعقبه من صراع بين شريكي الوحدة، حيث عمل صالح والمتحالفون معه على الإطاحة بشريك الوحدة واستهداف قياداته بالتصفيات والاغتيالات قبل دفعه إلى زاوية التراجع عن خيار الوحدة وبالتالي شن الحرب في 1994م.
وبين الكتاب في طياته أن صالح :
– لم يحترم صالح أي اتفاق مع أي مكون أو طرف وكان من السهولة عليه التراجع عن أي التزام وهو ما اشتهر به طوال سنوات حكمه حتى مع من عملوا معه واستخدمهم لضرب بقية الخصوم كالإخوان وغيرهم وظل على هذا النهج مع الجميع حتى جاء العام 2015م وفيه تعرض اليمن لعدوان همجي وحصار ظالم من قبل تحالف العدوان فما كان من صالح في اللحظات الأولى لهذا العدوان إلا أن حاول تقديم مقترحات استسلامية لكنه عندما أدرك أن الآخرين قرروا الصمود ومعهم الشعب تراجع عن إعلان ذلك وعمل على التظاهر بأنه بالفعل يقف مع الشعب ضد العدوان فيما الحقيقة أنه ظل يحاول فتح قنوات اتصال مع دول العدوان وعلى رأسها السعودية وكذلك الإمارات مؤكدا انه الجواد الرابح وعلى تلك الدول أن تراهن عليه وليس على مرتزقتها الآخرين.
– كان يتحدث بذلك علناً حتى في المقابلات التلفزيونية، مؤكدا أن السعودية راهنت على جواد خاسر وظل يقدم نفسه على أنه القادر على تحقيق أهداف العدوان وهذا لم يعد خافياً على أحد لاسيما على أولئك الذين عملوا على نقل الرسائل بينه وبين تلك الدول.
– ومع إغلاق الأبواب أمامه تقدم خطوة للأمام ضمن مناوراته وذلك باتفاق التحالف بين المؤتمر وانصار الله وتشكيل المجلس السياسي الأعلى وحينها عبر الكثير من اليمنيين عن سعادتهم بما وصلت اليه الجبهة الداخلية من وحدة وتماسك غير أن تلك الخطوة بالنسبة لصالح لم تكن إلا وسيلة للمناورة ومحاولة للتأكيد لدول العدوان بأنه يقف خلف الصمود اليمني وقد استمرت الرسائل بينه وبين الإمارات التي بدأت تحاول استخدامه ضد الجبهة الداخلية بعد أن استخدمته بالفعل قبل ذلك.
ويقدم الكتاب من خلال الوثائق بعضا من تفاصيل العلاقة مع الإمارات وطلب صالح مبالغ مالية كبيرة إضافة إلى الأسلحة مع مشروع اتفاق بين الجانبين، فكيف بمن يقدم نفسه بأنه ضد العدوان وفي نفس الوقت يحاول فتح قناة اتصال مع ذلك العدوان بل واتفاق سري الهدف منه النيل من صمود الشعب اليمني .. أليست هذه خيانة وطنية واضحة.
ويوضح الكتاب، أن العدوان حاول اختبار صالح فوضعه أمام مخطط الانقلاب على الشراكة والتحالف واتخاذ المؤتمر الشعبي العام أداة لتنفيذ المخطط فكان الإعداد للمؤامرة في أغسطس إلا أن يقظة الشعب وقيادته الحكيمة أفشلت تلك المؤامرة ليضطر صالح إلى التراجع عنها في اللحظات الأخيرة فانحنى للعاصفة لكنه لم يتوقف عن محاولات الخيانة والتآمر متحيناً فرصة أخرى لتنفيذ الأوامر الأجنبية.
ويكشف تفاصيل أحداث أغسطس وما تلا تلك الأحداث من محاولات لرأب الصدع وحل الخلاف والتواصل بين الجانبين وبعض اللقاءات وكيف كان صالح يصل إلى مرحلة يؤكد فيها على انه ملتزم بالاتفاقات والتفاهمات لكنه عمليا لا يلتزم بأي شيء.
وبحسب الكتاب، لاقت السياسة المتبعة من قبله استهجان القيادات الوطنية المخلصة في المؤتمر الشعبي العام والتي حاولت إثنائه عن المضي في مخطط الخيانة وهو المخطط الذي يكشفه الكتاب بكافة مساراته منها الأمنية كتقسيم صنعاء إلى مربعات وكذلك اتخاذ أسماء وشعارات كتغطية على حقيقة النشاط المسلح لاتباعه وتخزين الأسلحة في بعض المقرات وحشد المسلحين ووصول أموال وأسلحة من دول العدوان.
ويؤكد الكتاب أن التوجه إلى الخيانة كان واضحا ولهذا هب الشرفاء من أبناء اليمن من مشايخ ووجاهات وقيادات ومواطنين إلى محاولة الحيلولة دون ذلك فكانت الوساطات مدعومة من قيادة أنصار الله وقيادة الدولة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها وكانت المكاشفات واللقاءات بما فيها لقاءات تم الكشف فيها عن المخطط حتى يتوقف صالح عن تنفيذه وحينها انحازت الكثير من القيادات التي كان صالح يعول ويراهن عليها إلى الصف الوطني بعد أن اتضحت لها الحقائق.
لقد كان السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حريصاً على وحدة وتماسك الجبهة الداخلية ولهذا وجه الرسائل المختلفة ومنح الوساطات الفرصة تلو الأخرى لعل وعسى .. بل حدث تواصل بينه وبين صالح وكل ذلك ضمن جهود إحباط وإفشال المؤامرة التي تحاك ضد البلد والشعب وضد صمود اليمنيين وتضحياتهم.
يقدم الكتاب بعد استعراضه للمخطط، توثيقا عن أحداث ديسمبر والبداية بأحداث أواخر شهر نوفمبر ومحاولات استفزاز المشاركين بفعالية المولد النبوي وما تبع ذلك من أحداث بلغت حد إعلان صالح الخيانة الواضحة وقد جاء الإعلان بعد وقت قصير من خطاب ألقاه السيد عبدالملك الحوثي ناشد فيه صالح بالتراجع إلا أن الأخير اعتقد أن هذا الموقف الحريص والمسؤول موقف ضعف، فمضى في مخططه لتشهد عدة مناطق أحداثا مؤسفة تسببت بها المليشيات المسلحة التابعة لصالح ومن حركها من عصابات مسلحة وهي التي مارست القتل والاعتداء بحق الأجهزة الأمنية وأقسام الشرطة واختطفت عدداً من المجاهدين وكانت الجريمة الأكبر تتمثل في محاولة قطع الطرقات إلى الجبهات ضمن مخطط تآمري خياني يخدم العدوان ويهيئ الطريق لهذا العدوان المجرم للوصول إلى صنعاء.
لقد أدت تلك الأحداث إلى استشهاد وإصابة العشرات من الأجهزة الأمنية ومن الجيش ومن المواطنين فصالح لم يتردد في محاولة تفجير الوضع في الأحياء السكنية المكتظة بالسكان في العاصمة، التي ظلت تتعرض للعدوان والقصف والتدمير طوال السنوات الماضية قبل أن ينضم صالح لهذا العدوان فيطعن اليمنيين ويغدر بهم من خلال مواجهات داخل صنعاء، فكان العدوان أكبر المهللين وكانوا اتباعه سعداء بما يجري.
وبعد التحرك الخبيث لصالح واتباعه كان لابد من التصدي وإفشال المخطط فكان الخطاب الثاني للسيد عبدالملك الحوثي خلال أقل من 24 ساعة وفيه حدد مسارات التصدي وبالفعل تحرك الشعب للدفاع عن صموده وعن تضحياته رفضاً للخيانة والعمالة والفتنة وما هي إلا ساعات حتى بدأت الأجهزة الأمنية تضيق الخناق على تلك العصابات الإجرامية وتم إفشال محاولات قطع الطرقات بين المحافظات وقطع طرق الإمداد إلى الجبهات.
وأكد الكتاب أن أبواب الوساطة ظلت مفتوحة رغم كل ما كان يحدث إلا أن صالح واتباعه وبدعم من العدوان استمروا في أعمالهم، فكان القرار بتدخل وحدات نوعية من القوات المسلحة دعماً وإسناداً للأجهزة الأمنية، وبالفعل وبعون الله تعالى نجحت الأجهزة الأمنية وبمساندة القوات المسلحة في إلقاء القبض على المئات من العناصر المسلحة قبل أن تنجح بعون الله في حسم الكثير من المعارك بعد محاصرة تلك العصابات في نطاقات ضيقة في العاصمة حتى لا تتوسع المواجهات وحتى يتم حسم المعركة خلال أسرع وقت.
يسرد الكتاب نتائج تلك الأحداث، منها تداعيات اعتداءات العصابات المسلحة على ممتلكات المواطنين في العاصمة صنعاء وغيرها وتحركات الجهات الرسمية والتحرك الشجاع للرئيس الشهيد صالح الصماد الذي كان يزور الأحياء التي شهدت المواجهات وكانت التوجيهات بسرعة إعادة تطبيع الحياة، وخلال 72 ساعة حسمت المعركة وتم إفشال المخطط ولقي صالح مصرعه وتم إعادة تطبيع الحياة.
لقد عبر الشعب اليمني عن موقفه ضد أي خيانة وأي عمالة واي محاولة لاستهداف الجبهة الداخلية.
ويستعرض الكتاب تحركات الجهات الرسمية وتوجيهات القيادة الحكيمة التي أدت إلى معالجة سريعة لما حدث وإعلان العفو عن عناصر تلك العصابات بل وسارعت الجهات المختصة إلى الإفراج عن معظم تلك العناصر خلال شهرين فقط من تلك الأحداث.
يكشف الكتاب أيضا اعترافات العشرات من تلك العناصر حول نشاطهم المسلح من مرحلة حشد المقاتلين باسم الحشد للجبهات وكذلك الأسلحة وتوزيعها على مقرات في العاصمة ثم استهداف الأجهزة الأمنية وصولا إلى اعترافات من كانوا مع صالح حتى مقتله في منطقة بيت الجحشي بعد خروجه من العاصمة.
ويتضمن الكتاب خطابات قائد الثورة والرئيس صالح الصماد وبيانات الجهات الرسمية واحاديث لمن شارك في لجان الوساطة ويقدم المزيد من الحقائق للباحثين والمهتمين.
كما يوثق أبرز ما حدث في ذلك العام منذ لقاء العاشر من رمضان وهو اللقاء الذي حاولت فيه القوى الوطنية بعث رسائل تحذيرية لصالح بعد أن كانت الأجهزة الأمنية قد رصدت تواصله مع دول العدوان وتآمره على الشعب اليمني وحتى أحداث أغسطس والقصف العدواني الذي استهدف النقاط حول العاصمة ضمن مخطط خطير وواضح وصولاً إلى أحداث ديسمبر بما في ذلك مواقف دول العدوان المساندة لصالح.
لقد شكل الرابع من ديسمبر يوم سقوط المؤامرة فكان ذلك اليوم كما وصفه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي باليوم الأسود على دول العدوان لأن مخططها فشل ولأن آمالها في تركيع الشعب اليمني وإخضاعه فشلت وأحبطت.