منذ بداية العدوان السعودي الإماراتي على اليمن ظهر بشكل واضح أن أطراف التحالف السعودي الإماراتي ممزقة بسبب الخلافات والانقسامات الحادة بينهم. لطالما حاول التحالف السعودي التستر على تلك الخلافات التي عصفت به بسبب تضارب المصالح بين الدول المشاركة بالعدوان على اليمن وسعي كل منها لتحقيق اكبر قدر من المنفعة الخاصة لها.
خلال الايام الاخيرة عادت الخلافات داخل التحالف السعودي إلى الظهور للعلن من جديد، فبعد ثماني سنوات من العدوان على اليمن، تظهر قوى التحالف السعودي أكثر تقهقراً وأكثر بعداً عن تحقيق الأهداف المرسومة لعدوانها، بينما تبدو قوات صنعاء متماسكة مع قدراتٍ سياسية وعسكرية أكبر. وفي هذا الصدد يبدو أن الخلاف بين القوات التابعة للتحالف السعودي التي تعاني هذه الأيام من تخبط واضح ظهر موخراً إلى العلن.
الخلافات والانشقاقات التي ظهرت موخراً للسطح بشكل علني وغير مسبوق لم تكن كما هي الخلافات السابقة والتي كانت تحدث بين المجموعات التي تنفذ أجندة دول التحالف السعودي. بل إن الخلافات هذه المرة حدثت داخل المجموعة الواحدة نفسها وهذا يدل على مدى الانقسامات التي أصابت مجموعات التحالف السعودي.
في هذا السياق سبق وأن صدرت العديد من التصريحات من قادة مجموعات تنطوي تحت ما يسمى التحالف السعودي، التصريحات أفادت بأن تلك القوات لن تكون جزءا من أي معركة قادمة، وما تجدر الإشارة اليه أن هذه التصريحات أثارت العديد من التساؤلات لدى المراقبين للشأن اليمني بما ستؤول إليه الأمور في قادم الأيام.
انقسامات بين قيادات الانتقالي
في الوقت الذي يمر على التدخل العسكري لما يسمى “التحالف العربي” بقيادة السعودية عامه الثامن، ولم يحقق هذا التدخل هدفه المعلَن، أصبح التحالف السعودي مُفككاً بسبب صراعات المصالح حيث كشفت الانشقاقات الاخيرة والموقف الصادر عن قادة في المجلس الانتقالي الجنوبي ضعف الاستراتيجية لدى التحالف السعودي ومجلس القيادة الرئاسي .حيث إن الوقائع والاحداث يوماً بعد آخر تثبت عدم وجود أي شرعية لهذا التحالف.
موخراً اعترف أحد قادة المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات ، بحدوث انقسامات كبيرة داخل المجلس، حيث احتدمت الخلافات بين قادة هذا المجلس حتي وصلت إلى ذوتها خلال الأيام الماضية. وحسب ما أوردته الوكلات الإخبارية ، فإن قادة المجموعات المسلحة والتي تعرف باسم قوات الحزام الامني والتي تنطوي تحت قيادة المجلس الانتقالي للجنوبي التابع للإمارات، اعترفوا بشكل واضح بتزايد الانقسامات والخلافات.
وفي هذا الصدد قالت المصادر إن السعودية عارضت وجود تلك القوات في مدينة عدن واستبدلتهم بقوات “طارق صالح” ومن جهةٍ اخرى تحدث عبد الله مبارك الغيثي عن القوات التابعة للمجلس الانتقالي في حضرموت على حسابه على تويتر: “يجري تشكيل المجلس الانتقالي لفصيل” هادي “الجنوبي و” علي ناصر محمد “. وأضاف: “سينضم ما بين 5 و 8 من القيادات الحالية لأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي إلى هذا المجلس”.
اغتيالات وتصفيات في مناطق سيطرة التحالف السعودي
شهدت المناطق التي تخضع لسيطرة المجموعات التابعة للتحالف السعودي حالة انفلات وفوضى، حيث إن تلك المناطق تفتقر إلى وجود القانون، فحالة الاغتيالات وخلال كل الفترة الماضية أحدثت حالة من القلق واربكت السكينة العامة للمواطنيين وفي هذ الصدد اتهم الغيثي حزب الإصلاح بتصفية واغتيال قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي على غرار الاغتيالات التي تعرض لها قادة الحزب الاشتراكي بعد توحيد اليمن على يد علي عبد الله صالح وقال الغيثي : “بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، تعرضت القوات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لعمليات إرهابية جسدية باسم القاعدة وداعش. هذه بالضبط نفس النسخة التي تم إقصاء ضباط الحزب الاشتراكي بهذه الطريقة بعد توحيد اليمن (الشمال والجنوب).
وهنا لابد من الإشارة إلى أن السعودية وبضوء أخضر من الولايات المتحدة الامريكية، شكلت تحالفاً ضم دولا عربية ومرتزقة وقامت بهجمات واسعة النطاق ضد اليمن. بحجة عودة رئيس هذا البلد المستقيل والهارب “عبد ربه منصور هادي” إلى سدة الحكم ولكن عملياً كانت هذه مجرد حجة للتحالف من أجل شن العمليات العسكرية على اليمن.
وما تجدر الإشارة اليه أنه ونتيجة هذا العدوان من قبل التحالف السعودي استشهد وجرح آلاف اليمنيين حتى الآن. ودمرت المنشآت الحيوية للبلد ونهبت الثروات وعاش اليمن في ظل حصار خانق ومازال قائماً إلى اليوم إضافة إلى ذلك فقد تم تقسيم اليمن عمليًا إلى عدة أجزاء.
حيث تتواجد حكومة الإنقاذ الوطني وأنصار الله في الشمال الغربي حتى قرب تعز، ومن الجنوب الغربي ومضيق باب المندب إلى محافظة شبوة، أصبحت الميليشيات المعروفة باسم المجلس الانتقالي التابعة للإمارات تسيطر على تلك المناطق. كما أن المحافظات الشرقية في يد الحكومة المستقيلة التي دعمتها الرياض وسلمت الميدان عملياً إلى المجلس الانتقالي الجنوبي في السنوات الأخيرة.
في الختام يبدو أن التحالف السعودي اليوم يمر بأسوأ حالاته حيث إن الانشقاقات في صفوف التحالف السعودي ستربك التحالف أكثر وستسقط شرعية العدوان التي طالما حاول التستر بها لاستمرار عدوانه على اليمن، من جهةٍ اخرى يرى قادة المجلس الانتقالي الجنوبي أن السعودية خذلته ولم تتعامل معه بالشكل المطلوب.
حيث إن أحد أسباب احتداد الصراعات بين المجلس الانتقالي، ومجلس القيادة الرئاسي، هي التغييرات الواسعة التي طالت بشكل خاص العمليات العسكرية التي جرت في شبوة وأبين والتي كانت سبباً إضافياً لتزايد الانقسامات داخل التحالف والتي هي موجودة من البداية ولكن يبدو أن تلك الخلافات التي كانت موجودة بالاصل وصلت إلى ذروتها هذه الأيام.