يتفاعَلُ الكثيرُ من سُكَّانِ العالم مع مباريات كرة القدم، وخَاصَّة أثناء كأس العالم، والبعضُ يعتبرُ الفوزَ في المباريات انتصاراتٍ وطنيةً وقوميةً كبيرةً، وبعد فوز منتخب السعوديّة في أول مباراة له في مونديال قطر وجدنا الكثيرَ من القنوات العربية ووسائل التواصل الاجتماعي تقدم ذلك الفوزَ كأنه نصرٌ للإسلام وفوزٌ للأُمَّـة العربية، وبدأت هذه القنوات تطلقُ على المنتخَبِ الألقابَ الرنَّانةَ التي لا تُطلَقُ إلَّا على مَن قدَّم للأُمَّـة مواقفَ عظيمةً في قضاياها المصيرية مثل قضية فلسطين أَو مواجهة الأُمَّــة مع الاستكبار الأمريكي.
وذلك في محاولة من هذه القنوات لتجاوُزِ المواقفِ المخزيةِ للسعوديّة في القضايا المصيرية للشعوب العربية والإسلامية، ففي السنوات الماضية ظهرت إلى السطحِ المواقفُ الحقيقيةُ للسعوديّة من القضية الفلسطينية، ففي هذا الموضوع اتضح تشجيعُها الدولَ العربيةَ والإسلاميةَ للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
كما اتخذت السعوديّة خطواتٍ كبيرةً نحوَ التطبيع مقابلَ اتِّخاذها خطواتٍ نحو التضييقِ على حركات المقاومة الفلسطينية مثل وقف الدعم المالي للمناطق التي تسيطرُ عليها، أَو قيامها بسجن ممثلي حركة حماس لديها بتهمة الإرهاب، وفي الوقت نفسه سمحت لسياسيين وصحفيين ورجالِ أعمال صهاينة بالدخول إلى أراضيها والتجول فيها!، حتى أن البعضَ منهم وصلوا إلى الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة.
ومن خلال فوز في مباراة يريدون من الأُمَّــة أن تنسى ما جرى لها؛ بسَببِ السياسات السعوديّة في البلاد العربية والإسلامية.
وتريد السعوديّةُ أَيْـضاً أن تستغلَّ ذلك الفوزَ لمسح وتصفير السجلِ الإجرامي للأمير المجرم محمد بن سلمان الذي ارتكب جرائمَ عديدةً بحق شعبه وبحق الشعوب الأُخرى، وما زالت جريمة تقطيع خاشقجي ماثلةً للعيان، وما زال التضييقُ على العلماء وسجنهم قائماً، والإعدامات للنشطاء السياسيين مُستمرّةً.
أَمَّـا في اليمن فالشعبُ اليمني مع السعوديّة وأميرها حسابٌ خاصٌّ لا يمكن أن ننساه مهما تغيَّرت الظروف، ولا يمكنُ لفوزٍ في مباراة أن يمحوَ جرائمَ ارتكبتها السعوديّةُ في اليمن خلال ثماني سنوات، وما زالت مُستمرّة إلى اليوم، في حق الأطفال والنساء والأعيان المدنية، والحساب قادم.
ولا يمنعُ أن يُشاهِدَ الإنسانُ المبارياتِ التي يريدُ إذَا أتيحت له الفرصة، ولكن لا يمكنُ أن يكونَ المواطنُ العربيُّ أَو المسلمُ ساذجاً، بحيث يتأثر بنتيجةِ مباراةٍ وينسى المآسي التي تعيشُها الأُمَّــة ومَن تسبَّب فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي