إن وضع الفلسطينيين المعتقلين في سجون الكيان الصهيوني غير موات. لقد تم اعتقال بعض الأسرى الفلسطينيين عدة مرات، ويبدو أن هذه العملية ستتكرر مع بعضهم. ومن بينهم عبد الباسط موتن، وهو أب لأربعة أطفال، وحُكم عليه بالسجن الإداري لمدة ستة أشهر للمرة الثانية في يوليو/تموز. وأطلق سراحه قبل ثلاثة أشهر من اعتقال إداري دام ستة أشهر.
وفي هذا الصدد، أفاد موقع العربي الجديد، نقلاً عن نادي الأسير الفلسطيني، بأن عبد الباسط موتن مصاب بسرطان القولون، وحالته تتدهور باستمرار في السجن. كما أعلنت مجموعة مدافعة عن حقوق الأسرى الفلسطينيين، الاثنين الماضي، أن أحد الأسرى ما زال رهن الاعتقال الإداري للکيان الصهيوني، على الرغم من إصابته بالسرطان ورغم أن الأطباء يقولون إنه بحاجة إلى علاج عاجل.
وقال نادي الأسير الفلسطيني إن عبد الباسط موتن البالغ من العمر 48 عامًا يعاني من سرطان القولون، وحالته تزداد سوءًا. ويعتبر نادي الأسير الفلسطيني أن الإهمال الطبي من قبل سلطات السجون الإسرائيلية هو سبب تدهور وحتى استشهاد الأسرى الموجودين في السجن.
الاعتقال الإداري أو التعذيب المنهجي
تشير التقارير إلى وفاة 73 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967، بسبب الإهمال الطبي. وأعلن نادي الأسير الفلسطيني عن هذه الإحصائية وطالب، من بين أمور أخرى، بالإفراج الفوري عن عبد الباسط موتن من أجل الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.
تم سجن موتن في الکيان الإسرائيلي لما مجموعه تسع سنوات، معظمها کان رهن الاعتقال الإداري. المعتقلون الإداريون ليسوا متهمين بارتكاب جريمة، ولا يحاكَمون، وحتى محاموهم محرومون من الاطلاع على أدلتهم وملفاتهم.
تستمر أوامر الاعتقال الإداري عادةً ما بين ثلاثة وستة أشهر، ويمكن تمديدها إلى أجل غير مسمى. وتعرضت ممارسة الاعتقال الإداري لانتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان، ويعتبر نشطاء حقوق الإنسان مثل هذه الاعتقالات انتهاكًا للإجراءات القانونية، لكن حتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراء لوقف هذه الممارسة اللاإنسانية.
وفي بعض الحالات، حتى معارضة الأسرى لعقد محكمة عسكرية وطلبهم عقد محاكم عادية، تؤدي إلى تمديد أوامر الاعتقال الإداري والمؤقت للسجناء الفلسطينيين. على سبيل المثال، أعلنت مجموعة مناصرة للأسرى تمديد فترة الاعتقال الإداري لسجين فلسطيني من قبل الکيان الإسرائيلي، بسبب معارضته لأمر محكمة عسكرية.
کذلك، أكدت مجموعة حقوقية في تل أبيب تُدعى “بتسيلم”(B’Tselem) الوضع القضائي غير المواتي في الأراضي المحتلة، وقالت إن سلطات الکيان تستخدم الاعتقال الإداري على نطاق واسع ضد الفلسطينيين، بغض النظر عن الانتقادات الدولية.
تقرير منظمة العفو الدولية في فبراير، أي قبل حوالي 8 أشهر، يعترف بوضوح بوجود نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ويعتبر الاعتقال الإداري أكثر الممارسات فظاعةً ضد حقوق الإنسان في النظام القضائي للکيان الصهيوني.
وتجدر الإشارة إلى أن المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون بشكل غير قانوني في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، يحاكَمون بموجب القوانين المدنية، لكن الفلسطينيين، بصفتهم السكان الأصليين للضفة الغربية، يحاكَمون بموجب نظام قانوني عسكري ومحاكم عسكرية صارمة.
وبغض النظر عن حقيقة أن احتلال الضفة الغربية غير قانوني بشكل عام، فإن التمييز العنصري بارز أيضًا في هذا الجزء من فلسطين من قبل الصهاينة.
الجحيم في السجون الإسرائيلية
بصفته کيان احتلال، ينتهك الکيان الإسرائيلي التزاماته بموجب القانون الدولي بتوفير الرعاية الصحية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. وقد تجلى ذلك بوضوح في معاملتهم اللاإنسانية للسجناء الفلسطينيين، والإهمال الطبي ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية أثناء جائحة فيروس كورونا. وحسب إحصائيات موقع “امبکت بالیسیز”، فإنه منذ احتلال الکيان الصهيوني للضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967، اعتقل الجيش الصهيوني أكثر من 800 ألف فلسطيني، أي ما يقرب من 20٪ من إجمالي سكان فلسطين.
ومنذ عام 2000، اعتقلت القوات الإسرائيلية حوالي 8000 طفل فلسطيني. ووفقًا لموقع أدمير الالکتروني، كان هناك 4500 فلسطيني في السجون الإسرائيلية حتى آب/أغسطس من هذا العام، منهم 340 أسيرًا إداريًا، و 140 طفلاً، و 41 امرأة. يُحتجز الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في ظروف مزرية في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك التعذيب والاكتظاظ والعزل والتهديد لأقاربهم، وفي بعض الحالات الحرمان من الزيارات العائلية.
بالطبع، احتجّ السجناء على هذه الأوضاع في إضراب جماعي عن الطعام لسنوات عديدة، لكن هذه الظروف اللاإنسانية مستمرة. كما تؤدي هذه الإضرابات عن الطعام إلى العديد من الأمراض، من الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي إلى فقر الدم وأمراض القلب والفشل الكلوي، والعديد من مشاكل الكلى والأمعاء التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون، هي نتيجة هذا الإضراب المتكرر عن الطعام.
حتى الأسيرات الفلسطينيات يتم احتجازهن في ظروف غير إنسانية، ويشمل استجواب النساء عصب أعينهن وتقييد أيديهن وربطهن بالكرسي. وغالبًا ما يُمنعن من تغيير الملابس لأسابيع، ولديهن وصول محدود إلى دورات المياه، ويتعرضن للإساءة اللفظية والجنسية.
ومن عواقب هذا السلوك الوحشي والشرير على الصحة النفسية، يمكن أن نذكر القلق والأرق ومحاولات الانتحار والاكتئاب الحاد والهيستيريا بين السجينات. كما أن بعض الأطفال المسجونين يحتجزون في الحبس الانفرادي لمدة تصل إلى شهر، وأحيانًا يتم احتجازهم دون طعام أو بطانيات أو حرارة كافية وبخوف شديد ووحدة واضطرابات عاطفية وتوتر.