أكدت مجلة فورين أفير المتخصصة في الشئون العسكرية التراجع الكبير في القوات البحرية الامريكية من حيث الكفاءة القتالية وتوجيه الطاقات. وأشار مقال للكاتبة “كوري شاك” في الصحيفة الى أن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية الحالية تفرض ضغوطاً كبيرة على قواتها البحرية في ضوء استعداد واشنطن لصراع محتمل مع الصين، والتزاماتها بالدفاع عن حلفائها في حلف الناتو، واستخدامها المناورات البحرية لتعزيز علاقاتها مع شركائها الدوليين.
وكل ذلك أدى إلى إجهاد البحرية الأمريكية إلى حد كبير، انعكس في زيادة عدد الحوادث البحرية وتراجع أعداد الطواقم ونقص التدريب. وقد وجد تقييم داخلي للبحرية أن 85% من صغار الضباط يعانون نقصاً في المهارات الضرورية للتعامل مع السفن.
ثم تنتقل الكاتبة للإشارة إلى المشكلة الثانية التي تعانيها القوات البحرية الأمريكية بشكل عام، والتي تتمثل في عدم الانتباه إلى الكفاءة القتالية، وتوجيه الطاقات إلى أولويات أخرى؛ مثل مواجهة الأوبئة والتراجع الاقتصادي والعدالة العرقية وتغير المناخ. وتقول شاك: لا شك أن هذه القضايا مهمة للغاية؛ ولكنها ليست الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تمتلك جيشاً قوياً. وترى أن تبني البنتاغون استراتيجية “الردع المتكامل” التي تركز على الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية للدفاع، يبدو إلى حد كبير كمبرر لعدم الاهتمام بالقوة العسكرية لردع الخصوم.
لقد كانت وزارة الدفاع هي الوكالة الفيدرالية الوحيدة التي لم تشهد ارتفاعاً في تمويلها في ميزانية عام 2022 التي اقترحتها إدارة بايدن؛ مما دفع الكونغرس إلى إضافة 24 مليار دولار إلى المبلغ الذي طلبته الإدارة. ولكن حتى مع هذه الزيادة، فإن الميزانية لا تقترب من المستوى المطلوب لتنفيذ الالتزامات التي تفرضها الاستراتيجية الأمريكية التي تتطلب ميزانية دفاعية تصل إلى تريليون دولار سنوياً.
وإذا لم تخصص إدارة بايدن زيادة كبيرة جداً في تمويل الجيش الأمريكي بأكمله، فلا بد من إعادة توزيع الإنفاق الدفاعي؛ بحيث يتم إعطاء الأولوية للبحرية قبل القوات البرية والجوية. ففي غياب قوات بحرية قادرة ومجهزة بالموارد الضرورية، لن تتمكن الولايات المتحدة من الدفاع عن حلفائها في اليابان والفلبين أو تأمين مسرح عمليات أوسع في حال نشوب صراع مسلح.
وتخلص شاك إلى أن تضاؤل اهتمام واشنطن بقوتها البحرية يعطي رسالة خاطئة إلى حلفائها وشركائها. وتقول: إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في الحفاظ على كونها القوة التي تضع قواعد النظام الدولي وتطبق هذه القواعد، فعليها أن تعمل بالنصيحة القديمة “لا تدر ظهرك أبداً للمحيط”.