هدد رشاد العليمي، رئيس سلطة المجلس الرئاسي، السبت، بالاستقالة من منصبه، يأتي ذلك على خلفية ضغوط لإقالة رئيس حكومته معين عبدالملك.
وأفادت مصادر في حكومة معين برفض العليمي الذي استدعته السعودية نهاية الأسبوع الماضي من مقر إقامته المؤقت في القاهرة مناقشة قضية إقالة معين في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن العليمي الذي يعتكف حاليا في أحد فنادق الرياض هدد بالاستقالة من منصبه ورفض ما اعتبره “لي ذراع ” من قبل الانتقالي.
وكان السفير السعودي أبلغ العليمي بضرورة إقالة معين بآخر جنوبي لتهدئة انصار الانتقالي، الذي سيتم تجريده من معقله الأبرز في عدن وتفكيك فصائله.. ويعتبر العليمي اقالة معين في هذا التوقيت محاولة من الانتقالي لفرض سيطرته على قرار الحكومة وتعزيز سلطة الزبيدي على حساب بقية الأعضاء.
ويشهد المجلس الرئاسي حاليا أزمة جديدة حالت دون عقد جلسة كانت ترتب لها السعودية في الرياض، وفق ما نقلته صحيفة “أخبار اليوم” لسان الإصلاح وعلي محسن، النائب السابق لما كانت تسمى بـ”الشرعية”. وأشارت المصادر إلى أن الازمات داخل المجلس اتسعت مع رفض العليمي إقالة معين وعدم إقالة محافظ شبوة إضافة إلى ضغوط لإقالة محافظ مأرب.
ووصفت الصحيفة الحالة التي يمر بها المجلس بـ”العاصفة” متوقعة تفككه ومستشهدة بتصريحات للقيادي في الانتقالي ناصر الخبجي والتي توقع فيها عدم عودة العليمي إلى عدن في تأكيد عن انتهاء سلطة المجلس.
ترتيبات إقالة محافظ عدن
بدأ المجلس الانتقالي، المنادي بانفصال جنوب اليمن، السبت، الترتيبات النهائية لتسليم مدينة عدن، أهم معاقله. ويستعد المجلس لاجراء تغييرات واسعة على مستوى المكتب التنفيذي للسلطة المحلية في عدن.
ونقل موقع “عدن الغد” الصادر من عدن عن مصدر في محلية عدن قوله إن التغييرات ستشمل كافة المكاتب التنفيذية ومدراء المديريات.
والتغييرات المرتقبة تتزامن مع ترتيبات لإقالة محافظ الانتقالي أحمد لملس ما يشير إلى محاولة المجلس تشديد قبضته على السلطة التنفيذية استعدادا لمرحلة ما بعد تعيين محافظ من خارج دائرة المجلس. وترتيبات إقالة المحافظ جزء من سيناريو تقوده السعودية ويهدف لانتزاع عدن لصالح خصوم الانتقالي.
استدعاء سعودي للانفصال
بصورة غير معهودة، بدأت السعودية تبني مطالب انفصال جنوب اليمن، فما أبعاد هذا التوجه في هذا التوقيت ؟
السعودية التي ظلت على مدى السنوات الماضية من حربها على اليمن تبدي في بياناتها تظليلا بشأن تمسكها بوحدة اليمن وسياداته، بدأت تغيير دفة التوجه العام لنخبتها ومنظري سياستها نحو مهاجمة الوحدة اليمنية، وآخر هؤلاء المهرجين العقيد في الجيش السعودي احمد ضيف الله القرني وقد خرج بتغريدة لأول مرة منذ ثمان سنوات مضت يتحدث فيها بأن الوحدة كانت خطا كارثي وانها سبب الفوضى التي تراها بلاده اليوم.
هذا التوجه الجديد انعكاس طبيعي للمتغيرات التي تشهدها اليمن سواء فيما يتعلق بالوضع جنوبا أو شمالا، فعلى الصعيد الجنوبي يبدو بأن السعودية التي فشلت في لملمة صفوف القوى التابعة لها تحاول مجاراة المجلس الانتقالي، الحامل للواء القضية الجنوبية واستعادة ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية جنوبا.
خصوصا وان استدعاء جزئية الانفصال تزامن مع ضغوط سعودية على الانتقالي لتسليم عدن لخصومه وتفكيك فصائله الجنوبية عبر دمجها بالدفاع والداخلية، وهي خطوة ذكية قد تضع الانتقالي الذي بدأ فعليا بإخراج فصائله والاستسلام للمطالب السعودية في مستنقع الامل الكاذب، ليتم فرض واقع جديد عليه متى ما تمكنت السعودية من استنزاف قواته جنوبا.
لكن هذا لا يعني بان السعودية التي ظلت منذ ثلاثينات القرن الماضي تستخدم استراتيجية الشمال ضد الجنوب والعكس، لا تضع في الحسبان انفصال جنوب اليمن او بالأحرى إعادة البلد إلى ما قبل تسعينيات القرن الماضي، كورقة مناورة في وجه الشمال وتحديدا القوى الموالية لها كالإصلاح وطارق صالح وقوى أخرى تطالب باستعادة عدن أولا.
فتزامن استدعاء الانفصال مع أنباء تتحدث عن تفكك مرتقب للمجلس الرئاسي، السلطة التي شكلتها السعودية مؤخرا، في ظل رفض قيادات الشمال الخضوع لأجندة السعودية الهادفة لتمكين الانتقالي على حساب بقية القوى داخل السلطة التابعة لها.
وتأريخيا لا يبدو بأن السعودية ستفرط بيمن موحدة وأن حرصت على استمرار الصراع بين أبنائه وقواه تحت خطوط مذهبية ومناطقية، فبقاء اليمن موحد غارق بالصراعات ضمن الاستراتيجية السعودية الهادفة لابتلاع ثروات البلد الأكبر والأهم.