في تأكيد عملي إضافي على التمسك بمعادلة حماية الثروات ومنع تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي من سرقتها واستخدامها كسلاح حرب، أعلنت القوات المسلحة عن تنفيذ عملية جديدة تمكّنت فيها من إفشال محاولة جديدة من قبل العدوّ لتهريب شحنة من النفط الخام عبر ميناء قنا في محافظة شبوة.
الأمر الذي حمل عدة رسائل مهمة لتحالف العدوان ورعاته، أهمها أن محاولات ترهيب صنعاء والضغط عليها لن تؤثر على موقفها، وأن استمرار التعنت إزاء مطالب الشعب اليمني واستحقاقاته الإنسانية والقانونية سيؤدي حتماً إلى انفجار الأوضاع؛ لأَنَّ حالة اللا حرب واللا سلام غير مقبولة.
وأعلن المتحدِّثُ باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع أنه تم إفشالُ محاولة جديدة لنهب النفط الخام عبر ميناء قنا الذي يستخدمه العدوّ ومرتزِقته للتهريب. وأوضح أن سفينة نفطية كانت قد وصلت إلى الميناء لنهبِ شحنة من النفط الخام وتهريبها، لكن القوات المسلحة نجحت في منعها بعد أن وجهت لها عدة رسائل تحذيرية.
وأشَارَت مصادرُ إعلامية إلى أن العمليةَ نُفِّذت بطريقة مشابهة للعملية التحذيرية التي نفذتها القوات المسلحة في وقت سابق بميناء الضبة في حضرموت، حَيثُ تم تنفيذُ ضربة دقيقة؛ بهَدفِ إجبارِ السفينة على التراجع، مع الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على البنية التحتية، وكذلك الحفاظ على سلامة السفينة وطاقمها.
وَأَضَـافَ العميد يحيى سريع أن “القوات المسلحة تجدِّدُ التأكيدَ على الالتزامِ بحماية الثروة الوطنية السيادية؛ باعتبَارها من حقوق شعبنا المظلوم وعلى رأس تلك الحقوق مرتبات موظفي الدولة في كُـلّ المناطق اليمنية”.
وجاءت العمليةُ في الوقت الذي تحاول فيه دول العدوان ورعاتها الضغط على صنعاء وترهيبها للتخلي عن مسار حماية الثروات ومنع نهبها؛ مِن أجلِ مواصلة استخدامها كسلاح حرب وورقة ابتزاز، بدلا عن استخدامها لصرف مرتبات الموظفين كما تطالب صنعاء.
وفي هذا السياق أصدر سفراءُ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الخميس، بيانا مشتركا أدان العمليةَ الجديدةَ للقوات المسلحة، وزعم أنها تشكِّلُ خطراً على خطوط الملاحة البحرية، في محاولة لتضليل الرأي العام الدولي والمحلي وتحشيد الضغوط ضد صنعاء، كما هدّد البيانُ بفرض قيود إضافية على وصول السلع، وهو ما يؤكّـد تمسك الرعاة الدوليين للعدوان باستمرار الحصار ومواصلة نهب الثروات الوطنية.
وكان الرئيس المشاط قد كشف مؤخّراً أن الولاياتِ المتحدة أفشلت تفاهماتٍ جيدةً كانت قد أُنجزت خلال المفاوضات الأخيرة، بشأن صرف المرتبات ومنع نهب الموارد.
ووصف نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي، البيانَ الأمريكي الفرنسي البريطاني المشترك بـالسخيف وغير المنطقي؛ لأَنَّه أدان حماية ثروات الشعب اليمني بدل أن يدين سرقتها. وأَضـاف العزي أن البيان ليس مستغرباً؛ باعتبَاره صادراً عن دول متورطة في كُـلّ جرائم الحرب والحصار التي طالت بلادنا” مؤكّـداً أن صنعاء ستستمر في حماية ثروات الشعب ولن تتوقف حتى تتوقف وتختفي للأبد كُـلّ عمليات النهب والسرقة.
وأكّـد العزي أن الحل يتمثل بتوريد مبيعات النفط والغاز لحساب جميع محافظات اليمن طبقا لنسبة كُـلّ محافظة من موازنة العام2014 لصالح رواتب كُـلّ الموظفين. وأضاف: “أنصحُ أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالحرصِ على تجنب استفزاز شعبنا وعدم تكرار مثل هذا البيان المثير للعار”.
تحذيرٌ جديد: مواجهةٌ بحرية محتملة
البيانُ الأمريكي البريطاني الفرنسي لم يكشف فقط أن الإدارةَ الدوليةَ للعدوان مُصِرَّةٌ على استمرار نهب الثروات؛ باعتبَار ذلك وسيلةً من وسائل الضغط والابتزاز، بل أكّـد بشكل جلي أن الغرب حريص على عدم السماح لمسار التهدئة بالوصول إلى أية حلول حقيقية تمهد للتوجّـه نحو السلام الفعلي، وبعبارة أُخرى: حريص على تكريس وضع “اللا حرب واللا سلام” كحالة دائمة، تبقى فيها كُـلّ الأمور معلقة ومرهونة برغبات ومصالح واشنطن ولندن وباريس وبقية عناصر معسكر تحالف العدوان.
وفي هذا السياق، وجهت صنعاء لدول العدوان ورعاتها رسائل إنذار جديدة -توازياً مع عملية ميناء قنا- تضمنت تحذيراً شديد اللهجة من “مواجهة بحرية متوقعة” أكّـد رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء عبد الله الحاكم أنها “ستكون من أشد من المعارك مع تحالف العدوان” في حال أصر الأخير على التعنت.
وأوضح الحاكم أن العمليتين اللتين نفّذتهما القواتُ المسلحة لمنع نهب النفط من مينائي الضبة وقنا كانتا “رسالتين بحريتين مفادهما أننا لن نبقى صامتين على معاناة الشعب اليمني وبقاء الحصار” مُضيفاً أن “الرسائل القادمة ستكون أشد وأنكى”.
وأكّـد الحاكم أن “العدوّ لم يصل نقطة السلام في اليمن ولا زال يسعى لتحقيق أطماعه” مُشيراً إلى أن القوات المسلحة تواصل رفع مستوى قدراتها البحرية وتعزيز أنظمة وأدوات الردع، وأن صنعاء لا تعول على الهُــدنة.
هذه الرسائلُ تؤكّـدُ أن الوضعَ القائمَ (برغم الهدوء النسبي المُستمرّ) ليس مضمونا، وأن محاولة كسب الوقت سواء عن طريق المفاوضات أَو عن طريق الضغوط والتهديدات لن تؤدي إلا إلى انفجار جديد؛ لأَنَّه لا قيمة لأية تحَرّكات بدون ضمان حقوق الشعب اليمني ومطالبه الإنسانية والقانونية.
حالةُ “اللا حرب واللا سلام” تهديدٌ يجب مواجهته
في السياق نفسه أَيْـضاً أكّـد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن الفريق جلال الرويشان أن صنعاء تعتبر “حالة اللا حرب واللا سلام تهديد قائم” تجب مواجهته، مُشيراً إلى أن أبرز أهداف هذه الحالة هو “إنهاك اليمن اقتصاديًّا وسياسيًّا”. وَأَضَـافَ الرويشان أن “هذا لن يتأتى لقوى العدوان” وأن على العدوّ أن “يدرك بأن مد يد السلام لا يعني التخلي عن الزناد”.
هذه التحذيراتُ تذكّرُ بأُخرى مشابهة وجّهتها صنعاءُ في مراحلَ سابقةٍ كان تحالف العدوان يعول فيها على ضغوط الرعاة الدوليين وعلى الحيل التفاوضية، لكن كان يصطدم دائماً بتصعيد جديد تثبت فيه صنعاء أن خياراتها العسكرية، بما في ذلك خيار تنفيذ ضربات قاسية عبر الحدود، لا تخضع لأية ضغوط أَو تهديدات، بل أن تلك الخيارات تمضي في مستوى تصاعدي مع مرور الوقت.
وقد حملت عملية ميناء قنا هذه الرسالة؛ لأَنَّها تزامنت مع الزيارات الأمريكية العسكرية والدبلوماسية لمحافظة حضرموت، ومحاولات الولايات المتحدة لترهيب صنعاء بشأن الاستمرار بمنع نهب الثروات الوطنية، حَيثُ اعتبر مراقبون أن تنفيذ العملية مثّل ردًّا شجاعًا وتأكيدًا مباشرًا على أنه لا قيمة لأية محاولات غربية ودولية لتقييد خيارات صنعاء طالما استمر التعنت إزاء المطالب المشروعة.
ويوضح الفريق الرويشان في هذا السياق أن “المجتمعَ الدولي لم يستوعبْ بعدُ سياسةَ صنعاء في هذه المرحلة وقد يفوته ذلك”، في إشارة إلى أن الغرب لا زال يعتمد على حسابات قديمة سبق أن أثبتت صنعاء خطأها.
إجمالاً، توضحُ العمليةُ الجديدةُ للقوات المسلحة والرسائل المصاحبة لها أن محاولاتِ العدوّ للتحكُّم بالمشهد وتشكيله وفقاً لمصالحه ورغباته، ليست سوى محاولات للهروب من الواقع، وأن هذه المحاولات لن يكونَ لها قيمةٌ عندما تقرّر صنعاء اتِّخاذَ المزيد من الخطوات الضاغطة؛ لأَنَّ قدرتها على اتِّخاذ هذه الخطوات أمر واقع وله تأثيرات فورية وواسعة، على عكس محاولات الضغط والترهيب التي يمارسها العدوُّ وُرعاتُه.