أمريكا قادمةٌ في الأيّام القلائل القادمة على انتخابات نصفية يتم خلالها انتخابُ ثُلث أعضاء مجلس الشيوخ وكل أعضاء مجلس النواب.
ومع اقتراب أية انتخابات أمريكية تتواترُ معظمُ الدول والقوى السياسية في العالم الخاضع للهيمنة الأمريكية؛ بسَببِ تأثرها بتغيير التركيبة السياسية في أمريكا؛ ولذلك فَـإنَّ الكثيرَ من القادة والسياسيين العرب ينظرون بقلق كبير إلى الانتخابات القادمة.
وتبدأ التوقعات بالنسبة لنتائج تلك الانتخابات، حَيثُ يذكر بعضُ المحللين أن الديمقراطيين إذَا استمروا في السيطرة على مجلسَي الشيوخ والنواب فسوف يؤثر ذلك إيجابيًّا على السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، وأما إذَا سيطر الجمهوريون على المجلسَين أَو على أحدهما فسيكون ذلك في صالح السعوديّة والكيان الإسرائيلي والمطبِّعين، وهكذا تتحدث التحليلات، ولكن في الواقع أن السياسة الأمريكية الخارجية ثابتة تحكمها مصالحها ولكن التغيير يتم في الأساليب فقط خَاصَّة بالنسبة للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأما بالنسبة للقضية اليمنية التي هي مُستمرّة منذ عام 2015م إلى يومنا هذا، فقد بدا العدوان على اليمن في عهد الرئيس الديمقراطي أوباما، وكانت أشد الضربات على البنية التحتية وأبشع المجازر ارتُكبت في عهده، واستمر العدوانُ حتى جاء الرئيس الجمهوري ترمب ولم يؤثر ذلك التغيير على مجريات العدوان رغم أن سقف التوقعات السعوديّة انخفض، وبدأت المفاوضاتُ بين حكومة الإنقاذ وحكومة المرتزِقة وانتهت باتّفاق ستوكهولم، واستمر الوضع كما هو حتى عاد الديمقراطيون إلى الحكم بقيادة بايدن الذي أعلن رغبتَه بإنهاء الحرب في اليمن ولكن في الواقع لم يحدث شيءٌ سواء إعلان هُــدنة مؤقتة فرضتها صنعاء بشروطها.
وعندما نستعرِضُ مشاريعَ القرارات التي قدّمها المشرِّعون الأمريكيون إلى مجلسَي النواب والشيوخ والتي هي في اتّجاه إنهاء العدوان أَو معاقبة السعوديّة، نجد أن معظمَها تم تقديمُه في العهد الجمهوري، وفي عهد بايدن لم يُقدَّم أي مشروع في هذا الاتّجاه باستثناء قرار رفع أنصار الله من قائمة الإرهاب الذي أدخلهم فيها ترمب في أيامه الأخيرة نكايةً بالديمقراطيين.
ومما سبق نجد أن السياسةَ الأمريكية الخارجية ومواقفَها من القضايا الراهنة تمليها مصالحُها، وأن استخدامَها للحرب أَو تلويحها بدعم السلام هدفُه تمريرُ مصالحها فقط بغَضِّ النظر عَمَّا يترتبُ على قرارها من مآسٍ للشعوب الأُخرى، ونحن في اليمن استوعبنا هذه الحقيقة مبكراً، ولذلك لم تتأثر مواقفُنا بما يجري داخلَ أمريكا، واستمر موقفُنا من أمريكا ثابتاً بأنها عدوٌّ مستكبرٌ بغَضِّ النظر عَمَّن يحكُمُها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د/ فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي