منذ بداية العدوان على اليمن سعى الإماراتيون بشكل خاص للاستيلاء على ميناء عدن واحتلال جزيرة سقطرى للتسلل إلى منطقة باب المندب والاستمرار في الهيمنة على ساحل البحر الأحمر وصولاً إلى ميناء الحديدة الدولي. حيث كثف النظام الإماراتي جهوده لتثبيت موقعه في جزيرة سقطرى و بناء مطار فيها، وأشارت التقاريير إلى أنه جرى بناء مدارج بطول 540 مترا وعرض 30 مترا في هذه المنطقة.
في هذا السياق لقد مهّد النظام الإمارتي، خلال مغامراته الإقليمية، الطريق لوجود مستشارين عسكريين إسرائيليين في هذه الجزيرة لمراقبة تحركات السفن التجارية في المنطقة. وتشير مراقبة التطورات إلى أن الكيان الصهيوني يعتزم في نهاية المطاف زيادة نشاطه التجسسي من خلال توسيع نفوذه ووجوده على سواحل وجزر اليمن، واحتلال أهم طرق الملاحة في العالم على طول هذا المحور.
وتظهر المؤشرات جيداً أنه منذ بداية الحرب ضد الشعب اليمني، لم يقم الإماراتيون فقط بشراء أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات من الشركات متعددة الجنسيات في الغرب والشرق، بل تابعوا بالتزامن مع أطماعهم الاقتصادية بدافع إبراز الدور الإقليمي لإمارة أبوظبي.
إعادة تموضع جديد للإمارات.. جزيرة ميون
إن التركيز الإماراتي على المناطق الجنوبية لليمن غير طبيعي فمرة أخرى تعود التساؤلات حول النشاط الإماراتي في الجزر اليمنية، على الرغم من إعلان أبوظبي سحب قواتها عام 2019، حيث تشير كل المؤشرات إلى استمرار وجود أبوظبي في السواحل اليمنية وجزرها وبشكل مكثف خلال العامين الأخيرين.وبعد عام ونصف العام من كشف وسائل إعلام دولية عن بناء قاعدة جوية في جزيرة “ميون” الاستراتيجية اليمنية القريبة من “باب المندب”، إحدى أهم بوابات العالم المائية، أعلن مؤخراً عن اعتزام أبوظبي بناء مدينة سكنية في الجزيرة ذاتها التي تعد إحدى أهم الجزر اليمنية.فما الهدف الرئيس من وراء الإعلان عن إنشاء المدينة السكنية؟وما سر هذا الإعلان في هذا الوقت؟
إن الخطوة الإماراتية الحديثة باليمن، والتي نقلتها وسائل إعلام يمنية، عن مكتب محافظ عدن أحمد لملس، قوله إنه وقّع (30 أكتوبر 2022)، مع صالح علي سعيد الخرور، شيخ الجزيرة، على المرحلة الأولى من إنشاء وتعمير مدينة سكنية متكاملة مقدمة من الإمارات لأبناء ميون. وحسب البيان، “يشمل المشروع 140 وحدة سكنية.
إضافة إلى مشاريع البنية التحتية للمشروع والخدمات الملحقة كافة من مدارس ووحدات صحية وغيرها من المرافق الخدمية للمشروع، سيتم تنفيذها على مراحل متزامنة”.من جهةٍ اخرى فإن الغريب في الامر أنه لم يصدر أي تعليق من قبل ما يسمى مجلس القيادة على هذا الاتفاق الجديد في جزيرة ميون.
الهدف من الوجود الإماراتي في باب المندب
لا يخفى على أحد أن الهدف من الوجود الإماراتي في الجزر اليمنية وخاصة بالقرب من مضيق باب المندب له اهداف كثيرة وعسكرية حيث كشف وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية، في مايو 2021، أن قاعدة جوية غامضة يجري بناؤها على جزيرة “ميون” البركانية الواقعة على مضيق باب المندب قبالة سواحل اليمن.
وأوضحت الوكالة أن القاعدة تقع في واحدة من نقاط المرور البحرية المهمة في العالم لكل من شحنات الطاقة والبضائع التجارية.وفي مارس من العام الماضي أيضاً، كشفت صور الأقمار الصناعية بناء مدرج للطائرات في الجزيرة اليمنية بالتزامن مع تفكيك أبوظبي قاعدتها وغالبية معداتها التي كانت في قاعدة “عصب” الإرترية. وحول الاستحداثات في جزيرة ميون الواقعة بمدخل مضيق باب المندب، تشير التقارير إلى أن ما يوجد من تجهيزات في جزيرة ميون هو تحت سيطرة القوات الإماراتية بشكل خاص.
في هذا السياق فإن بناء الإمارات لقاعدة عسكرية في جزيرة بريم (ميون) رغم انسحابها عسكريا من حرب اليمن قبل عامين، يعني أن هناك هدفاً استراتيجياً طويل المدى لتأسيس وجود طويل المدى في منطقة باب المندب والقرن الإفريقي، لا يتعلق بالحرب وإنما بحركة الشحن والملاحة في باب المندب، حيث إن عملية إعادة التموضع هذه تعكس تحولاً تكتيكياً لسياسة الإمارات من العمل كقوة استكشافية موجهة لإظهار القوة وبسط النفوذ في المنطقة، إلى قوة رد فعل ومراقبة تركز على حماية المصالح، مع اهتمام خاص بتأمين الممرات المائية البحرية للطاقة والتجارة.
أجانب حضروا مع القوات الإمارات إلى جزيرة ميون اليمنية
تستعين الإمارت في احتلال الجزر اليمنية بضباط يعملون في الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز (الموساد)فبناء مواقع محصنة وإنشاء أنظمة متطورة للرصد والمراقبة في الجزيرة اليمنية الاستراتيجية هي من ضمن الإجراءات المشددة التي اتخذتها القوات الإماراتية في الجزيرة والتي تهدف هذه الإجراءات لمنع حصول أي من الأطراف على معلومات عن الضباط الإسرائيليين أو الأعمال التي تقوم بها. كما أن الإمارات نشرت في وقت سابق عددا من المدافع والآليات فيها إلى جانب مروحيات عسكرية من نوع “بلاك هوك” و”آباتشي”.
في هذا السياق نبهت مصادر إلى أن الإجراءات الإمارتية الجديدة في الجزيرة اليمنية تشمل استحداث مواقع عسكرية جديدة. إلى جانب استكمال إنجاز مدرج لاستقبال الطائرات الحربية، والذي كانت قد بدأت العمل فيه قبل أربع سنوات.كما تعتمد الإمارات على تسيير القوارب السريعة في دوريات حول الجزيرة لتأمينها عسكريًا.
في الختام من الواضح أن الإمارات تراهن على قدرتها في تسويق دورها الأمني لدى الولايات المتحدة كحليف موثوق يمكن الاعتماد عليه في باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر. لكن هل تدرك الإمارات أن وجوداً استراتيجياً بهذا الاتساع هو بالفعل أكبر من قدرة الإمارات منفردة على ضمان استمراريته.؟ يتضح جلياً أن أبوظبي تعمل من خلال شبكة وكلاء محليين مثل المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات اللواء طارق صالح، ومن خلال نفوذ حلفاء إقليميين مثل السعودية؛ إضافة إلى استدعاء نفوذ “إسرائيل” إلى المنطقة للعب الدور الاقليمي الذي تطمح اليه من خلال الوجود قرب الممرات المائية.