بعد العملية التحذيرية التي قامت بها القوات المسلحة اليمنية في الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري وفي مفعولها الأول، أُجبر نهابو النفط على تجميد عملية تهريب النفط الخام، وسرقة عائداته، إذ لا تزال الكمية التي كان مقررا نهبها والمقدّرة بمليوني برميل نفط خام عالقة في ميناء الضبة، فيما اضطرت شركة بترول مسيلة على إيقاف ضخ النفط الخام إلى الميناء؛ وبهذا الإنجاز نجحت القوات المسلحة في فرض معادلتها بإيقاف ضخ عائدات النفط إلى البنوك السعودية وجيوب الفاسدين.
أبرز المكاسب فرض السيادة
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد عزيز راشد: من أبرز المكاسب ألتي حققتها العملية التحذيرية للقوات المسلحة، أنها فرضت السيادة الاقتصادية على الثروات الاستراتيجية للبلد، والتي هي أهم مرتكزات الدخل القومي للوطن، ومن أجل السيطرة والتحكم على تلك الموارد الهامة جاء العدوان.
ويستدل راشد بإجماع الخبراء الاستراتيجيين وصنّاع السياسة في العالم أنه لا يعقب حرب عسكرية على بلد ما إلا ويسبقها أطماع اقتصادية في تلك البلاد.. وعليه فالمكسب الحقيقي للعمليات هو حرمان العدو من أي مكتسبات كان يفكر بها، ونتاج ذلك تتضاعف خسائره بشكل مزدوج، وكلفة عسكرية باهظة وحرمان اقتصادي، أي (حظر اقتصادي ).
العدو بين المطرقة والسندان
لقد كان لهذا العمل العسكري الجديد على العدو إحباط معنوي بالغ الأهمية، أي فُرضت قواعد استسلام جديدة ضده لم يكن يدركها، ليصبح بين المطرقة والسندان إما أن يخرج بشرف أو تتبعه تلك العمليات إلى عقر داره وفي الأماكن الحيوية والحساسة جدا وفقا للعميد.
وتابع «هو الأمر الذي لا يتحمله الأعداء خصوصا ونحن في ظروف دولية تساق لمصلحتنا ولا يجب تفويتها لأن المكان والزمان مهيأ بشكل غير مسبوق؛ يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين رضوان الله عليه «اعمل هنا يهيأ الله لك هناك»، بمعنى أن الله مع المظلومية التي لحقت بنا جراء ظلم العالم لنا، أما الآثار العسكرية فهي عجز التكنولوجيا الأمريكية والغربية التصدي للطائرات المسيرة وهو عامل إحباط عسكري كبير إلى جانب الآثار الاقتصادية والسياسية والإعلامية ..الخ.
ورأى راشد أن هذه العمليات ستُجبر الأعداء على تنفيذ الحقوق المشروعة في بنود الاتفاقيات والهدنة ولا يمكن لعاقل أو حصيف سياسي أن يضيع مثل هذه الفرص لأن العاقبة خسارة بمستوى إقليمي ودولي؛ وأضاف : لا يهمنا الإدانة الدولية وليس لها شرعية وهي مخالفة لكل مواثيق ومعاهدات الأمم المتحدة، وهذه الإدانات ناتجة عن مجاملات وكيل بمكيالين، مع أن الحقوق واضحة ومن يدعي أن مطالبنا تعجيزية فنقول له إن نهب الثروة النفطية والغازية والبحرية أصبحت خطا أحمر وتعجزون عن المساس بها، حتى تعدِلون عن أطماعكم في حقوق الدول ذات السيادة.
لا عودة للنفط إلا بالمرتبات والخدمات
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي رشيد الحداد -في تصريح خاص لـ»الثورة «- المكاسب التي حققتها الضربة إيقاف العبث والنهب المنظم للثروة النفطية اليمنية وحماية الثروة السيادية، بالإضافة إلى أن العملية أجبرت كل الشركات الملاحية الناهبة على التوقف عن تحميل النفط وأشعرت الدول التي كانت تشتري النفط اليمني بأن النفط اليمني محظور من التصدير ومحل خلاف، فأصداء العملية كان كبيرا وبعث بعدة رسائل كان لها صدى إقليمي ودولي.
ولعل توقف شركات النفط كبترومسيلة أحد أهم المكاسب وكذلك شركة كاليفالي الكندية في قطاع ٩ النفطي في الخشعة بحضرموت.
وأكد: لا خيار أمام العدوان وأدواته إن أرادوا أن يعود إنتاج النفط وفق ضوابط وشروط صنعاء إلا أن يعودوا للمفاوضات ويوافقوا على مطالب صنعاء بصرف مرتبات الموظفين دون أي استثناء وتحسين الخدمات من إيرادات مبيعات النفط والغاز، ودون ذلك فإن تصدير النفط سيتوقف إلى أجل غير مسمى.
وأضاف: تأثير العملية واضح على الناهبين القلة وقد كشفت عن استفادة كبار المرتزقة، ودول العدوان تحاول أن تتظاهر بانها لا علاقة لها بالنهب، ولكن الجانب الأمريكي تأثر كون أمريكا عرفت أنها دولة ناهبة لثروات الشعوب.
رداً على إدانة المبعوث
وتعليقا على إدانة المبعوث الأممي على هذه العملية قال الخبير الحداد: الإدانة متوقعة كونه يعمل لصالح العدوان وإن كان مستفزا وغير منصف، فإنه يعمل وفق توجه دول العدوان وهذه الإدانة لم تصدر عن الأمم المتحدة التي أبلغت بأن هناك نهبا منظما للثروة وأبلغت عدة مرات بضرورة الحد من معاناة الموظفين جراء إيقاف صرف رواتبهم من قبل المرتزقة دون أي مبرر.
وأكد الحداد أن صنعاء، اليوم، تفرض معاملة اقتصادية جديدة وتغير الموازين وعلى الطرف الآخر أن يعلم أن توجه صنعاء لحماية الثروة السيادية قوبل بتأييد شعبي واسع وأن هذا التوجه سيمتد لحماية الثروة المعدنية والسمكية التي تتعرض للنهب المنظم من قبل دول العدوان .
الإنجاز العسكري الكبير
من جانبه تحدث الخبير السياسي والعسكري العميد عبدالغني الزبيدي معتبرا: تأثير العملية على دول العدوان بالذات أولئك الذين يقومون بعمليات نهب النفط، أنه درس كبير لهم، يتجلى في انسحاب السفن التي تنهب النفط وكثيرا من الشركات العاملة، بحسب المعلومات والبيانات التي أصدرتها عبر مواقعها بأنها أوقفت عمليات التنقيب عن النفط إلى أجل غير مسمى، البعض سمّاها بالأسباب الأمنية والآخر قال إنه ليس لديه القدرة على الدفع للموظفين.
وأشار إلى النتائج الإيجابية للضربة المتمثلة بفرض معادلة من يريد أن يسرق النفط سيدفع الثمن وستقطع يده إن كرر ذلك، ونوه بالإنجاز الأضخم والأكبر الذي حققته العملية أنها أولا أكدت القدرة العسكرية للجيش اليمني الذي يدافع عن أرضه وكرامته وثرواته، وأن هذه العملية كانت بمثابة رسالة قوية جدا تلقتها قوى الاستكبار العالمي ودول العدوان،
وتابع الخبير العسكري «ما يثير الدهشة أن يصل الإنجاز العسكري أن حقق أهدافه دون إلحاق أضرار في الميناء أو في السفينة التي كانت متواجدة هناك، ما يؤكد أن هناك إرادة سياسية وقيادة عسكرية تستطيع أن تضرب متى وكيفما شاءت وأن تتحكم بالمسار العسكري، إلى جانب ما حققته من نجاح كبير في تثبيط من يريد أن ينهب ثروات اليمن دون أن يستفيد منها الشعب اليمني فعليه اليوم أن ييأس، ومن أراد المغامرة فعليه أن يدفع الثمن. المشهد السياسي خاضع للمتغيرات العسكرية في هذا السياق أوضح العميد الزبيدي أن المشهد السياسي اليوم مرتبط بالتغيرات العسكرية،
والموقف السياسي في أوج قوّته، وأن القيادة السياسية عندما تصرّح وتعلن وتهدد تنفذ عندما تأتي الفرصة، وتتيح المجال لموضوع الاتفاقات والحوارات السياسية إذا كانت ستثمر، وكذلك تعطي مساحة للحوار وللهدنة وللسلام، وأكد العميد «نتيجة خضوع المشهد السياسي للمتغيرات العسكرية سواء كانت من الجانب اليمني أو من جانب دول العدوان، فيما المعطيات والمعلومات الحادثة تؤكد أن القوات المسلحة ستعطي للقيادة السياسية مساحة كبيرة جدا من فرض الشروط والأجندات التي تتطلبها المرحلة القادمة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو العسكري».
وفي تعليقه على إدانة المبعوث الأممي اعتبر الخبير العسكري الزبيدي، أن المبعوث مجرد أداة طائعة لكل قوى الاستكبار العالمي ودول العدوان، وأشار إلى أن جمال بنعمر هو المبعوث الوحيد الذي كان لديه موقف والذي عبّر عنه في بداية العدوان ولذلك أقالوه لأنه لا يحقق مطالبهم، وأضاف العميد «تصريحات دول العدوان أو المبعوث الأممي لا تقدم ولا تؤخر شيئا فهذا حقنا وإرادتنا وأيضا ما دمنا نمتلك السلاح والقوة فإننا سندافع عن كل ذلك بما اوتينا من قوة».