أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين، تنفيذ “ضربات مكثفة بأسلحة دقيقة التوجيه للبنية التحتية الأوكرانية”، مشيراً إلى أنّ “الضربات على أوكرانيا كانت موجهة لاستهداف الإدارة العسكرية لأوكرانيا والاتصالات والطاقة”.
وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي، إنّ “من المستحيل ترك جرائم نظام كييف من دون رد”.
وفي وقت سابق اليوم، هزت انفجارات وسط العاصمة الأوكرانية كييف بعد أشهر من الهدوء النسبي، خلفت اضرار كبيرة على عدة منشآت أوكرانية هامة.
ونقلت مصادر عن شهود عيان أنّ القصف استهدف شارع فلاديمير، حيث يقع مبنى جهاز الأمن الأوكراني، وأعلن الجيش الأوكراني أنّ روسيا أطلقت 75 صاروخاً، اليوم، على أوكرانيا، في حملة قصف استهدفت مدن عدة.
يشار إلى أنّ الانفجارات في كييف وقعت بعد يوم واحد من اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المخابرات الأوكرانية بتنفيذ ما وصفه بـ”الهجوم الإرهابي” على جسر كيرتش، الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.
وقال بوتين، في وقت سابق اليوم، إنّ من الضروري “استخدام العقوبات لتطوير التقنيات المحلية لمصلحة تعزيز سيادة البلاد”. وأضاف: “نحن ملزمون باستخدام تحديات الضغط الخارجي لمصلحة تنميتنا”، موضحاً: “نحتاج إلى العمل لتعظيم وتحقيق إمكاناتنا الخاصة العلمية والصناعية والتكنولوجية والريادية”.
وأشار الرئيس الروسي إلى أنّ “السلطات الفيدرالية تعمل بنشاط في هذا الاتجاه، لكن الكثير يعتمد أيضاً على قادة المناطق وفرقهم”، لافتاً إلى أنّ “العقوبات تتطلب توطيد المجتمع وتماسكه لمساعدة مناطق جديدة في روسيا”. وأكد الرئيس الروسي، الخميس، أنّ على موسكو وضع خطط عمل مرنة وتنفيذها باستمرار لمواجهة العقوبات.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الخميس، تبني الحزمة الثامنة من العقوبات ضد روسيا، رداً على انضمام مناطق جديدة إلى الأراضي الروسية. وتشمل حزمة العقوبات الجديدة إجراءات اقتصادية وقيوداً على أفراد في روسيا، كذلك تشمل قيوداً على المناطق المنضمّة حديثاً إلى الأراضي الروسية.
أضرار بمنشآت مهمة
وأعلن رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال أن الهجمات الروسية خلفت أضرارا في 11 منشأة مهمة من منشآت البنية التحتية في كييف و8 مناطق أخرى.
وذكر الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن الأهداف اختيرت بعناية “لإحداث أكبر قدر من التدمير”، موضحا أن الضربات الروسية استهدفت البنية التحتية للطاقة والمدنيين.
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن الهجمات الصاروخية الروسية أصابت مبنى القنصلية الألمانية في كييف، لكنه كان خاليا.
وقد تعهدت وزارة الدفاع الأوكرانية بالرد على هذه الهجمات الصاروخية الروسية التي امتدت إلى مدن عديدة في أرجاء البلاد، حيث دوت الانفجارات في لفيف وخميلينيسك وريفني، وكذلك في خاركيف ودنيبرو وترنوبل وجيتومير.
ووقعت أيضا انفجارات في زاباروجيا وأدويسا وسومي وكراماتورسك وإيفانا فرانكوفسك. وأفادت مصادر بانقطاع التيار الكهربائي في مدينة خاركيف شمالي شرقي أوكرانيا، ومقاطعة بولتافا وسط البلاد، حيث وقعت الانفجارات بالقرب من محطات الطاقة.
الضربات المكثفة حققت جميع أهدافها
على ذات السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنّ الضربات المكثّفة التي نفذتها القوات المسلحة الروسية، صباح اليوم الاثنين، على مرافق هامة في أوكرانيا، “حققت أهدافها المنشودة”؛ مشيرةً إلى استخدام “أسلحة موجهة عالية الدقة”، في العملية.
وقالت الوزارة “وجهت القوات المسلحة الروسية، صباح اليوم، ضربات جسيمة بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، على أهداف تابعة للقيادة العسكرية، وأنظمة الاتصالات والطاقة في أوكرانيا، وتمّ تحقيق الغرض، وتدمير جميع الأهداف المطلوبة”.
وأوضح البيان، أنّ “سلاح الجو والقوات الصاروخية والمدفعية، استهدفت 6 مواقع قيادة للقوات الأوكرانية في مناطق فيرخنيكامينسكوي وباخموتسكوي وأرتيموفسك وأوغليدار بجمهورية دونيتسك الشعبية، وبافلوفكا ومنطقة زاباروجيا وبلاغوديفكا، ومقاطعة نيكولاييف”.
وتابع البيان، أنه “بالإضافة إلى ذلك، تمّ استهداف 52 وحدة مدفعية في مواقع إطلاق النار، والقوات الحية والمعدات العسكرية، في 143 منطقة”، مشيراً إلى أنه “تمّ تدمير 5 مستودعات للذخيرة والصواريخ، وأسلحة المدفعية في مناطق سيفيرسك وأفدييفكا وشيفتشينكو بجمهورية دونيتسك الشعبية، ونوفوألكساندروفكا بمقاطعة زابوروجيا، وبيريزنيغوفاتوي بمقاطعة نيكولاييف”.
كذلك أشار البيان إلى أنه “تمّ تدمير قاعدتين لتخزين الوقود المعد للآليات العسكرية الأوكرانية، في مناطق مدينتي دنيبروبيتروفسك وبافلوغراد بمقاطعة دنيبروبيتروفسك”.
وفي سياق الضربات التي نفذتها القوات الروسية صباحاً، قال بوتين، خلال اجتماع طارئ مع أعضاء مجلس الأمن الروسي، اليوم الإثنين، إنّ “نظام كييف، من خلال أفعاله، وضع نفسه في الواقع على قدم المساواة مع الجماعات الإرهابية الدولية. مع أكثر المجموعات البغيضة. من المستحيل، ببساطة، ترك جرائم من هذا النوع دون رد”.
تفجير جسر القرم
يأتي ذلك، بعد تفجير شاحنة على جسر القرم، في 8 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، ما تسبب في حريق خزانات وقود في أحد القطارات.
من جهته، قال رئيس لجنة التحقيق الروسية، ألكسندر باستريكين، خلال اجتماعه مع الرئيس الروسي، أمس الأحد: “لقد حددنا بالفعل طريق الشاحنة حيث وقع الانفجار، كما تمّ تحديد المشتبه بهم في ارتكاب الهجوم الإرهابي”.
وأضاف: نواصل دراسة أهداف وغايات هذا الهجوم وهو بالتأكيد له طابع إرهابي، وجميع بياناتنا تسمح لنا بالتوصل إلى نتيجة لا لبس فيها، بأنّ هذا الهجوم الإرهابي أعدته الأجهزة الأمنية الأوكرانية الخاصة (الاستخبارات)”.
وأمس الأحد، قال الرئيس الروسي، إنّ “مخططي ومنفذي الهجوم الإرهابي على جسر القرم، هم الأجهزة الخاصة الأوكرانية”، مؤكداً أنّ “الهجوم موجّه ضد البنية التحتية الحيوية الروسية”.
وجسر القرم (كيرتش)، هو الأطول في روسيا ويبلغ طوله 19 كيلومتراً، وتمّ تشغيل الجزء الخاص بحركة مرور السيارات فيه في أيار/مايو 2018، كما تمّ إطلاق حركة القطارات عبر الجسر في كانون الأول/ديسمبر 2019.
ويُعد جسر كيرتش الذي افتتحه بوتين في أيار/مايو 2018، مشروعاً ضخماً ومكلفاً، واستغرق بناؤه عامين لربط روسيا بشبه جزيرة القرم، ويرمي إلى الحدّ من عزلة شبه الجزيرة بعد 4 سنوات على استعادتها.
يشار إلى أنّ مجلس الأمن الروسي حذّر من ارتفاع خطر التهديدات الإرهابية في القرم، وأكّد في وقت سابق أنّ “الإجراءات الفعالة لهيئات الأمن الخاصة وأجهزة حفظ القانون أدّت إلى إحباط 12 جريمة إرهابية”.
قديروف يعلق: حذرناك يا زيلينسكي روسيا لم تبدأ بالرد بعد
هذا وعلّق الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف على الأحداث، موجهاً كلامه إلى نظيره الأوكراني مشدداً على أنه حذّره سابقاً من مغبّة الوقوف في وجه موسكو.
وأضاف قائلاً في تعليق نشر عبر تليغرام: “لقد حذرناك زيلينسكي فروسيا لم تبدأ بعد”. وكان الرئيس الشيشاني قد أعلن في وقت سابق إرسال آلاف المقاتلين للمشاركة في “العملية العسكرية الروسية” بأوكرانيا.
الثأر والانتقام
وتوعدت وزارة الدفاع الأوكرانية بالثأر والانتقام بعد القصف الروسي، وقالت إنه ستتم معاقبة العدو على ما سببه من ألم وموت.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي زيزنيكوف إن أفضل رد على ما سماه الإرهاب الصاروخي الروسي هو إمداد أوكرانيا بأنظمة مضادة للطائرات والصواريخ.
وأضاف في تغريدة على تويتر أن حماية السماء فوق أوكرانيا سيحمي الشعب الأوكراني والمدن الأوكرانية، كما سيحمي مستقبل أوروبا.
أما وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا فقال إن “بوتين يائس بسبب هزائم ساحة المعركة ويستخدم الإرهاب الصاروخي لتغيير وتيرة الحرب”.
ردود فعل أوروبية غاضبة
بدوره، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه البالغ حيال الضربات التي أودت بضحايا مدنيين، وأكد -في بيان صادر عن مكتبه- دعمه التام والكامل للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والتزام فرنسا زيادة دعمها لأوكرانيا، ومن ذلك مجال المعدات العسكرية.
من ناحيته، وصف وزير الخارجية البولندي زبينيو راو الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت أوكرانيا الاثنين بأنها “جريمة حرب”.
كما أعرب مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن “صدمته العميقة” حيال الضربات الصاروخية الروسية، وقال إن مزيدا من الدعم العسكري في طريقه لأوكرانيا من الاتحاد الأوروبي.
بوتين ولوكاشينكو يتفقان على نشر قوات عسكرية مشتركة
على سياق آخر، اتفق رئيسا روسيا وبيلاروسيا على نشر مجموعة إقليمية مشتركة من القوات، حسبما قال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في اجتماع أمني، اليوم الاثنين.
وأضاف لوكاشينكو: “بسبب التصعيد على الحدود الغربية لدولة الاتحاد، اتفقنا على نشر تجمع إقليمي للاتحاد الروسي وجمهورية بيلاروسيا. هذا هو كل شيء وفقاً لوثائقنا. وإذا وصل مستوى التهديد إلى المستوى الحالي، كما هو الآن، سنبدأ باستخدام مجموعة قوات دولة الاتحاد”.
وأكد الرئيس البيلاروسي التوصل إلى الاتفاق خلال اجتماع فردي مع الرئيس الروسي في سانت بطرسبرغ، بعد قمة رابطة الدول المستقلة غير الرسمية.
وفي الاجتماع نفسه، تحدث لوكاشينكو عن ضرورة اتخاذ تدابير جديدة لتعزيز أمن الدولة، مضيفاً أنّه حُذّر من ضربة وشيكة من أوكرانيا لبيلاروسيا. وقال: “أمس، ومن خلال قنوات غير رسمية، تم تحذيرنا من ضربة على بيلاروسيا من أراضي أوكرانيا”.