يتفقُ الجميعُ على أن الجموعَ الغفيرةَ التي خرجت للاحتفال بمولد الرسول الأعظم -عليه وآله أفضلُ الصلاة والسلام – قد خرجت حُبّاً وتعظيماً وتعزيراً له، وإحياءً لتعاليم ديننا الحنيف، ولكن أَيْـضاً قدّم الشعبُ اليمني من خلال الاحتفال بهذه المناسبة رسائلَ عديدةً.
فنظراً لأَنَّ هذه المناسبة قد تزامنت مع انتهاء الهُــدنة فقد كانت الرسالة الأولى موجهةً إلى دول العدوان لتؤكّـدَ أن الشعبَ اليمني بخروجه المشرّف والذي كان أكثرَ زخمًا من السنوات الماضية أنه لن يكل أَو يمل من العمل على استعادة حقوقه ومواجهة العدوان، فبعد ثماني سنوات من الحرب التي طالت كُـلَّ شيء في بلادنا، والحصار الذي أحكمته دولُ العدوان على شعبنا، وجدنا أن خروجَ الشعب بمختلف شرائحه للاحتفال بمولدِ الرسول الأعظم كان بمثابةِ تأييد لقرارات القيادة الثورية والقيادة السياسية التي اتخذتها أَو سوف تتخذُها في مواجهة دول العدوان الغاشم.
كما أكّـد ذلك الخروجُ على أن رهانَ دول العدوان على نفادِ صبرِ الشعب كان خاسراً، وأن الشعبَ اليمني لم يحصر أهدافُه في البحث عَمَّن يسُدُّ جوعه ليعلنَ له الولاء؛ لأَنَّه يعلمُ أن الرازقَ هو الله، وإنما كانت أهدافُه أكثرَ اتساعاً وشموليةً لاستعادة سيادته على أرضه وتحرير قراره المسلوب.
وأَمَّا الرسالةُ الثانية فكانت إلى مرتزِقة العدوان الذين تجاوزوا في خصومتهم كُـلَّ القيم الدينية والإنسانية، وشنوا حملةً شعواءَ على الاحتفال، وشكّكوا في مشروعيته، مع أنهم كانوا يحتفلون بالمولد سابقًا وقنواتهم تشهد على ذلك، فالأعدادُ التي خرجت إلى ساحاتِ الاحتفال تؤكّـدُ فشلَ أُطروحات أُولئك سواء في الجانب الديني أَو الجانب السياسي.
ولسانُ حال الشعب اليوم أنه قد شَبَّ عن الطوق وأنه لم يعد يسمعُ للمتقوِّلين والمثبِّطين الذين يريدون منه أن يحنيَ رأسَه للظالمين والمستكبرين تحتَ مبرّر أن ذلك هو الدينُ الصحيح والموقف السياسي السليم.
وأَمَّا الرسالةُ الأخيرةُ فكانت موجَّهةً إلى الدول الكبرى مفادُها أن الشعبَ اليمنيَّ قد عرف طريقَه ولن يحيدَ عنه، وأنه سوف يقفُ أمام الثقافات الدخيلة على مجتمعِه والذي تحاولُ تلك الدول فرضَها عليه، ويؤكّـدُ على التزامِه بدينه وثقافته التي تحتِّمُ عليه الوقوفَ في وجه الظالمين واثقاً بنصرِ الله الذي وعد المؤمنين به.
فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي