الأقصى بين كماشة الاحتلال والاقتحام.. هل اقتربت “سيف القدس 2″؟

135
الأقصى بين كماشة الاحتلال والاقتحام.. هل اقتربت "سيف القدس 2"؟
مستوطنون صهاينة يعاودون اقتحام الأقصى تحت حراسة الجيش

دعوة إلى الاحتشاد في المسجد الأقصى المبارك لمواجهة “أخطر وأوسع عدوان منذ احتلاله”، وجهتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مؤخراً للشعب الفلسطينيّ الرازح تحت نير الإرهاب الإسرائيليّ، مشددةً على أنها تراقب سلوك الكيان الصهيونيّ لـ”اتخاذ الموقف المناسب”.

وذلك بالتزامن مع ازدياد هجمات العصابات الصهيونيّة على الأقصى، وإعلان منظمة صهيونية قبل أسبوع عن توفير مركبات من جميع أنحاء الأراضي المحتلة لمقتحمي هذا المكان الإسلاميّ المقدس من أجل زيادة عدد الصهاينة في الهجوم عليه.

حيث إنّ التنظيمات الصهيونية بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، تقوم باعتداءات واسعة النطاق على أقدس مقدسات الفلسطينيين، ما يشي باحتماليّة كبيرة لأن تفتح أبواب جهنم على تل أبيب التي اختارت تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع أن تنفجر الأوضاع نتيجة التمادي الإسرائيليّ الذي وصل حدوداً خطيرة للغاية.

انتهاكٌ إسرائيليّ كبير

في الوقت الذي يشهد فيه المسجد الأقصى المبارك اقتحامات يوميّة من متطرفين يهود، بدعم لا محدود من شرطة الاحتلال الصهيونيّ، ناهيك عن الجولات الاستفزازيّة التي ينظمها الصهاينة المحتلون في أنحاء متفرقة من باحات الأقصى، وقيامهم بأداء “طقوس تلمودية” في ساحات المسجد المبارك، مع تأمين قوات العدو الحماية الكاملة لاقتحامات المستوطنين المتشددين.

في محاولة لتقسيمه وفرض الهيمنة الكاملة عليه، بيّن المتحدث باسم “حماس” حازم قاسم، أنّ اقتحامات المسجد الأقصى في الأعياد اليهودية هي “انتهاك لكل القوانين والأعراف الدوليّة واستفزاز لمشاعر الشعب الفلسطينيّ والأمتين العربية والإسلامية والمقاومة، مشدّداً على أنّ الاحتلال يشن حربا ممنهجة ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين في إطار استهداف هوية المسجد الأقصى ومدينة القدس المقدسة.

ووفقاً لتصريحاتها، تسعى حماس عبر تحركات شعبية وفصائلية واتصالات مع مختلف الأطراف لوقف السلوك الاستفزازي من قبل الاحتلال بالمسجد الأقصى، خاصة مع محاولة “إسرائيل” الجديدة لفرض الأمر الواقع ضمن هذا الصرح الدينيّ المقدس، إضافة إلى استماتة سلطات الاحتلال لتغيير معالم المدينة المقدسة وتهويدها، بهدف بسط السيطرة الصهيونيةّ الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، والمقدسات التاريخيّة للشعب الفلسطينيّ، وإنّ مشاهد النفخ بالبوق خلال عمليات اقتحام المستوطنين للمسجد، ونشر الصور الاستفزازية على عديد من المنصات التابعة للعدو.

إضافة إلى قيام المقتحمين بالرقص والغناء بصوت مرتفع وأداء طقوس تلمودية في باحات المسجد المبارك، يُهدد الساحة الفلسطينيّة برمتها، ناهيك عن استمرار الاقتحامات اليوميّة للمسجد الأقصى في الوقت الذي يخطط فيه العدو الصهيونيّ لبناء ألف وحدة استيطانيّة؛ لعزل القرى الفلسطينيّة شرق مدينة القدس بالكامل، ضمن ما يسمى مشروع “القدس الكبرى”.

“إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن اقتحامات المستوطنين والاعتداءات في المسجد الأقصى”، رسالة صريحة من حماس في ظل تصاعد تجاوزات قوات الاحتلال الغاصب بحق المقدسات الإسلاميّة في فلسطين التاريخيّة، ومن ضمن تلك الانتهاكات، العدوان على المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص إضافة إلى قبة الصخرة المباركة والمدينة المقدسة، حيث يتعرض هذا المسجد المبارك لاقتحامات يومية ما عدا يومي الجمعة والسبت، في محاولة لفرض تقسيم زمانيّ ومكانيّ فيه، وتزداد حدة هذه الاقتحامات وشراستها في موسم الأعياد اليهوديّة التي تزامن مع هذه الأيام.

وبالاستناد إلى أنّ جماعات يمينية إسرائيلية دعت إلى تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى ذي القدسيّة الكبيرة بالنسبة للمسلمين، ردّ نشطاء فلسطينيون بالدعوة إلى “شد الرحال إلى المسجد” والاعتصام به، فيما دعت حركة حماس الفلسطينيين إلى “التوجه إلى المسجد الأقصى وحمايته بكل الطرق لوقف الاقتحامات”، مُجددة التأكيد على أنّ المقاومة الفلسطينية لن تتخلى عن مسؤولياتها إزاء ما يحدث في المسجد الأقصى الذي يتعرّض لأخطر وأوسع عدوان منذ احتلاله، واقتحامات المستوطنين تشكّل مرحلة جديدة من تهويد المسجد المبارك.

تحذيراتٌ فلسطينيّة جديّة

بشكل صريح ومباشر، أوضحت حركة المقاومة الإسلاميّة حماس أن ما يقوم به الاحتلال في الأقصى سيدفع باتجاه احتدام الصراع معه، حيث إنّ التصعيد الإسرائيليّ المكثف يمكن ببساطة أن يجر الساحة الفلسطينيّة إلى حرب شعواء، وفي حال ساهمت القرارات الإسرائيليّة بزيادة اعتداءات المستوطنين يعني موافقة صريحة على تصعيد الأوضاع في القدس.

بيد أنّ فصائل المقاومة الفلسطينيّة تؤكّد بشكل مستمر على عدم وجود وقف لإطلاق النار مع الكيان الصهيوني المحتل وتشدّد على أن المقاومة مستعدة لخوض الحرب للدفاع عن الفلسطينيين ومقدساتهم إذا اشتدت جرائم العصابات الصهيونيّة، وإنّ الاقتحامات الإسرائيليّة الأخيرة تبرز بوضوح أنّ “إسرائيل” ترغب بفتح أبواب جهنم من خلال منهج تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام.

وإنّ رسائل المقاومة الفلسطينيّة التحذيريّة لم تنقطع في هذا الإطار، وقد جرب العدو أنّ عدوانه المتمثل في القتل والاقتحام وانتهاك المقدسات والحصار ومنع الإعمار، لا يمكن أن يمر بدون رد، وهذا ما يجب على تل أبيب أن تفهمه، وقد دعت حماس مؤخراً الشعب الفلسطينيّ للنفير العام والاحتشاد والرباط بالأقصى والتصدّي لانتهاكات المستوطنين.

ويجب تذكير الإسرائيليين على ما يبدو بأسباب الحرب الأخيرة التي شنّتها قوات احتلالهم على القطاع والتي تركت العدو في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، وإنّ محاولة العدو القاتل فرض عنصريته على هذا الشعب سيدفع فصائل المقاومة التي تملك أوراقاً قويّة كثيرة إلى إطلاق صواريخ تهز أركان العدو.

حيث يُجمع الفلسطينيون على أنّ صبرهم على التطاول والاعتداء الإسرائيليّ، بدأ ينفذ ما يعنى اقتراب معركة “سيف القدس” أُخرى، والتي اعتبرت سابقتها من قبل الصهاينة نفسهم نصراً كبيراً للمقاومة، على الرغم من محاولة إخفاء ذلك من بعض المسؤولين، حيث حمل الانتصار رسائل تحدٍّ كبيرة ما زالت تأثيراته تخيف الاحتلال إلى يومنا هذا.

“إن التهديدات الإسرائيلية ليحيى السنوار لا تخيف الشعب الفلسطيني أو قيادة المقاومة”، عنوان استخدمته مواقع إخباريّة كثيرة لتُظهر رغبة المقاومة في المواجهة، فيما يبدو أنّ الصهاينة يعلنون الحرب على هذا الشعب الذي ارتُكبت بحقه الكثير من المذابح والمجازر في الداخل والخارج، حيث إنّ اقتراب حدوث المعركة وانفجار الأوضاع وعودة إطلاق الصواريخ من قطاع غزة رداً على العنصريّة الإسرائيليّة أقرب مما نتخيل.

وبالتالي رفع احتماليّة إطلاق الصواريخ من القطاع نحو الداخل المحتل، ويمكن أن يكون التصعيد في المسجد الأقصى بالفعل الفتيل في إشعال التوتر بشكل كبير مجدداً على الساحة الفلسطينيّة ويقود إلى جولة أخرى من الحرب، قد تدهور الأوضاع بأكملها وتُبعثر كل الأوراق السياسيّة والأمنيّة.

خلاصة القول، وبالاستناد إلى تزايد الرغبة الصهيونيّة في اقتحام المسجد المبارك وإثارة مشاعر أصحاب الأرض والمقدسات، فإنّ الإسرائيليين يرغبون بأن يؤدي تصعيدهم المستمر في العاصمة الفلسطينيّة إلى جولة تصعيد جديدة مع المقاومة الفلسطينيّة في غزة.

وبالأخص عقب تصعيد الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين وتحذيرات فصائل المقاومة في فلسطين من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع ويصل إلى حد مرحلة خطيرة للغاية، إضافة إلى أنّ التصعيد الأمنيّ في القدس والضفة الغربية حذر منه مسؤولون إسرائيليون تحسسوا خطر تصرفات حكومتهم الطائشة والسياسية الصهيونيّة العدوانية، لكن من الصعب على احتلال أن يفهم من احتُلت أرضه.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا