بمناسبة العيد الستين لثورة 26 سبتمبر في اليمن، وجّه رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط، مؤخراً، خطاباً حمل رسائل مهمة، معتبراً أنّ الأمر ليس صدفة ولا ضربة رمل، أو قراءة في فنجان، حين تطل على اليمنيين هذه الذكرى وهم ما زالوا يواجهون حرباً ضروساً من نفس الجهات الخارجية التي حاربت ثورة الـ 26 من سبتمبر قبل 60 عاماً، ما يعني دليلاً قاطعاً على حجم التآمر الطويل ضد أحلام وآمال اليمن واليمنيين.
في الوقت الذي ما زالت فيه دول العدوان على اليمن بقيادة السعوديّة، تمارس أبشع الجرائم الإنسانيّة بحق اليمنيّين، حيث كان اليمن بالفعل يوصف بالسعيد قبل عام 2005، قبل أن تحوّل السعودية سعادته إلى تعاسة وحرب وحصار، فيما تتردى الظروف الصّحيّة والاقتصاديّة لأسوأ مما عليها بسبب التخاذل العربيّ والدوليّ تجاه اليمن وشعبه اليتيم الذي يعاني الأمرّين من العدوان السعوديّ والحصار الخانق إضافة إلى انتشار الفقر والبطالة والأمراض.
بصراحة تامة، تحدث المشاط عن أنّ الجهات التي تقاتل اليمنيين اليوم هي نفسها التي لم ترفع نيرانها عن هذا الشعب في يوم من الأيام، وحتى حربها العسكرية في ستينيات القرن الفائت لم تتوقف إلا بعد الاطمئنان التام بأن الثورة والجمهورية وكل المفردات الرنانة الجميلة قد أسندت إلى من سيتولى إفراغها من محتواها، وذلك في الإشارة إلى بعض الدول الخليجية وعلى رأسها الإمارات والسعودية، بعد أن تمادت قوات العدوان الذي تقوده السعودية ضد الشعب اليمنيّ بجرائمها ومجازرها الوحشيّة خلال سبع سنوات.
وعقب الفشل السعودي في فرض إرادة الأمراء والملوك في الخليج على أبناء اليمن، يشير رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن إلى أنّ اليمنيين قدموا كما في السابق نهراً من الدماء والتضحيات الغالية في معركة تمثل الامتداد الطبيعيّ لمعركة كل الخيرين من الآباء والأجداد الشرفاء المحبين لبلدهم من مختلف التوجهات.
مضيفاً: “يوجد أخيار وأشرار وأوفياء وخونة في كل مرحلة وفي كل حدث وثورة من مراحل وأحداث وثورات التاريخ، واليوم يستطيع المتابع والمراقب الحصيف والمنصف أن يدرك هذه الحقيقة، فقد التقى بالفعل كل أشرار الماضي والحاضر في خندق العدوان الخارجي، والتقى في المقابل أحرار الوطن في خندق الدفاع عن حرية واستقلال اليمن الحبيب وكرامة شعبه.
وبالاستناد إلى أنّ قوى العدوان على الشعب اليمنيّ لم تأبه يوماً لتحقيق مصالحها من قتل الأبرياء في اليمن بشتى الطرق منذ سنوات طويلة، وفتحت حرباً شعواء ضد اليمنيين لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ، وتسببت بكوارث لا يمكن أن تصفها الكلمات، وتجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة باعتراف المنظمات الدوليّة التي تعتبر داعماً للتحالف نفسه.
يُشدّد المشاط على ضرورة تعزيز حالة الوعي الوطنيّ والسياسيّ، وأن يلتحم اليمنيون أكثر وأكثر في بلادهم وأرضهم، وأن يرتقي الجميع إلى مستوى التضحيات التي يقدمها الشعب اليمني من أجل حريته واستقلاله، وألا نقع مجدداً فريسة لأبواق الخيانة والغش والخداع والتضليل ممن يحاولون المزايدة والمكايدة على حساب الوطن والشعب والمبادئ، فهم أبعد الخلق عن الوحدة والحرية والثورة والجمهورية، حسب توصيفه.
وفي ظل استمرار العدوان على الشعب اليمنيّ وبلاده منذ 2015 وتصاعد محاولات القوى المشاركة في العدوان لإخضاع هذا البلد لما تريده من إملاءات عبر الاستهداف المباشر لكل مكونات اليمن وارتكاب جرائم إنسانيّة تعامت عنها دول غربيّة وعربية ومنظمات دوليّة كبرى مقابل محسوبيات وصفقات ملطخة بدماء اليمنيين، أوضح الرئيس المشاط أنّه من المعيب جدا أن تغش تلك القوى من جديد بعد أن مارسوا الغش والزيف لعقود طوال، وبعد أن فضحوا وأصبحوا بشكل علنيّ “خداما صغارا” في بلاط المعتدين.
حيث نبه دول العدوان والعالم المتواطئ إلى خطورة عدم التعاون في تلبية مطالب صنعاء باعتبارها تمثل حقوقاً إنسانية خالصة للشعب اليمنيّ ولليمن ككل، ولا يجوز بحال من الأحوال القفز عليها لكونها مطالب محقة وعادلة، ولا تنطوي على أيّ تعجيز أو أسقف مرتفعة، ولا تستدعي أيضا أيّ تنازلات من أحد.
في الختام، إنّ الحديث عن السلام والأمن لا قيمة له من دون احترام حقوق الشعب اليمني، كما قال المشاط الذي أكّد على أن التمسك بحصار الشعب اليمني وحرمانه من ثرواته النفطية والغازية، جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وعائق كبير أيضاً في طريق السلام وبناء الثقة للمضي نحو وقف إطلاق نار دائم.
ويعد تمسكاً واضحاً بالحرب وتتحمل دول العدوان كامل المسؤولية عن كل ما قد يترتب على ذلك من تعقيد أو تصعيد أو أضرار سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وهذا لا شك أمر لا نتمناه ولكنه محتمل جداً في حال لم نجد عقلاء في الطرف الآخر يشاركوننا الحرص على السلام والاحترام لمطالب الشعب اليمنيّ الداعمة للسلام.