في الوقت الذي ما زالت فيه دول العدوان على اليمن بقيادة السعوديّة، تمارس أبشع الجرائم الإنسانيّة بحق اليمنيّين، أعلنت مصادر إخبارية أنه بعد إقامة عرض عسكريّ كبير في ساحة السبعين بالعاصمة صنعاء، تراجع التحالف السعودي المعتدي عن مواقفه بشكل واضح في المفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن، وأشارت المعلومات نقلاً عن مواقع إخباريّة يمنيّة إلى قبول المزيد من شروط حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية من قبل التحالف السعودي، بعد العرض العسكري الكبير في البلاد التي تعاني من وضع مأساويّ للغاية.
حيث كان اليمن يوصف بالسعيد يوماً، قبل أن تحوّل السعودية سعادته إلى تعاسة وحرب وحصار، فيما تتردى الظروف الصّحيّة والاقتصاديّة لأسوأ مما هي عليها بسبب التخاذل العربيّ والدوليّ تجاه اليمن وشعبه اليتيم الذي يعاني الأمرّين من العدوان السعوديّ والحصار الخانق إضافة إلى انتشار الفقر والبطالة والأمراض.
“تراجع التحالف السعوديّ المعتدي بشكل واضح في المفاوضات بشأن إنهاء الحرب في اليمن”، هذا ما أكّدته مصادر إخبارية غير رسمية أعلنت ذلك بعد إقامة العرض العسكريّ للمقاومة اليمنيّة في العاصمة صنعاء، وبناءً على ذلك، كتب حساب “الشرطة السرية”، الذي يقال إنه مقرب من جهات استخباريّة سعوديّة، على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أنه بعد الاستعراض العسكريّ الكبير وتحديداً في ساحة السبعين، يظهر أن المفاوضات بين حكومة الإنقاذ الوطني والتحالف السعودي كانت “جيدة”.
وبعد أن أثبتت قوات العدوان الذي تقوده السعودية ضد الشعب اليمنيّ بجرائمها ومجازرها الوحشيّة أنّها مفلسة على كل الأصعدة، وكتب الحساب السعودي كذلك: “الحرب في شمال اليمن أوشكت على الانتهاء ويجب على الجنوبيين أيضًا إنهاء النزاعات، وإلا فلن يتمكنوا من تشكيل حكومة فحسب، بل سيفقدون استقلالهم أيضًا”، وذلك بعد 7 سنوات من الفشل السعودي في فرض إرادة الأمراء والملوك في الخليج على أبناء اليمن.
ولم تأبه يوماً لتحقيق ذلك من قتل الأبرياء في اليمن بشتى الطرق منذ سنوات طويلة، وفتحت حرباً شعواء ضد اليمنيين لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ، وتسببت بكوارث لا يمكن أن تصفها الكلمات، وتجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة باعتراف المنظمات الدوليّة التي تعتبر داعماً للتحالف نفسه.
وبالتزامن مع استمرار العدوان على اليمن منذ 2015 وتصاعد محاولات القوى المشاركة في العدوان لإخضاع هذا البلد لما تريده من إملاءات عبر الاستهداف المباشر لكل مكونات اليمن وارتكاب جرائم إنسانيّة تعامت عنها دول غربيّة وعربية ومنظمات دوليّة كبرى مقابل محسوبيات وصفقات ملطخة بدماء اليمنيين، كتب مستخدم تويتر التابع المقرب أو التابع للمخابرات السعوديّة: “ناقشت هذا الموضوع مع صنعاء وأكدوا أيضًا دقة معلوماته وقالوا ذلك صحيح باستثناء موضوع مناطق “المخا” ومدينة “مأرب” في محافظة “تعز”، حيث تم التوصل إلى تفاهم حول بقية القضايا”.
وما ينبغي ذكره، أنّ تم خلال العرض العسكري للقوات المسلحة اليمنية، الأربعاء الفائت، الكشف عن أنظمة مختلفة وأسلحة ردع استراتيجية وصواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة وصواريخ دفاع جوي وصواريخ بحرية، وأقيم هذا العرض العسكري بحضور مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى اليمني والمسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين بحكومة الإنقاذ الوطني اليمنية.
وهو المسؤول اليمنيّ الذي كشف قبل أيام أنّ الأسلحة التي خيض بها العدوان: “نعرفها ونفهمها ولدينا ما يواجهها”، مشدّداً على أنّ لدى القوات المسلحة اليمنية “أسلحة الردع التي بإمكانها أن تحدد ميزان الردع والانتصار قريباً”، وهذا أيضاً ما قاله قائد حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي الذي أكّد، قبل مدّة، أنه يجب “البقاء على درجة عالية من الجهوزية، والانتباه لكل مخططات الأعداء” في ظل الهدنة القائمة.
أيضاً، أوضحت المقاومة اليمنيّة مؤخراً أنّها ماضية قدماً في ضرب العمق السعودي وتحرير اليمن، رسالة وجّهتها المقاومة بالتزامن مع الخروقات التي يقوم بها التحالف ومن خلفه، وهي لن تثنيهم وفقاً لتصريحاتهم على الإطلاق عن أن يكونوا حاضرين للمعركة الكبيرة، وللانتصار، والأخد بالثأر للشعب اليمني والأمة العربية الإسلامية.
وقد بيّنت حركة “أنصار الله أنّ “خروقات التحالف السعودي تعتبر وقوداً للجبهات لتبقى حية ومستمرة”، وأنّ “الإجرام يقرّب الانتصار، فكلما نبذوا العهود وخالفوا الاتفاق فإنّهم يقتربون من هزيمتهم”، حيث جاءت تلك التصريحات بسبب التعنت السعودي بعد أن عانى اليمنيون لسنوات طويلة من الظلم والقتل الجماعيّ والتخاذل الدوليّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ الأمم المتحدة أعلنت، في الـ 2 من آب/أغسطس، نقلاً عن مبعوثها إلى اليمن هانس غروندبرغ، أنّ الأطراف المتحاربة وافقت على تمديد الهدنة شهرين إضافيَّين، مبينةً أنّ “هذا التمديد يشمل التزاماً بشأن استمرار المفاوضات بُغية التوصل إلى اتفاق هدنة موسَّع في أسرعِ وقتٍ ممكن”.
وتتضمّن بنود الهدنة السارية في اليمن، منذ الـ 2 من نيسان/أبريل الماضي، والتي جرى تمديدها أيضاً في الـ 2 من حزيران/يونيو، إيقاف العمليات العسكرية الهجومية براً وبحراً وجواً داخل اليمن وعبر حدوده، وتيسير دخول سفنٍ تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة غرب اليمن، كما تضمنت الهدنة السماح برحلتين جويتين من مطار صنعاء الدولي وإليه أسبوعياً، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات، لتحسين حرية حركة اليمنيين في الداخل.
نتيجة لذلك، باتت المقاومة اليمنية صاحبة تجربة سياسيّة أقوى بكثير عقب الحرب التي خاضتها على كل الجبهات والمحافل، وإنّ معادلات الحرب بأكملها باتت بين أيديهم ضد التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ومن معهما، لذلك لابدّ أن تُطبق الشروط التي وضعوها لحماية البلاد وشعبها من غطرسة وطمع ودمويّة بعض الدول التي عاشت على دماء المستضعفين، بما من شأنه أن يعدل حسابات تلك الدول تجاه جرائمها الشنيعة بحق الأبرياء.
حيث تبدو جماعة “أنصار الله” جادة في رسائلها في وقت تطالب فيه منظمات كثيرة دوليّاً بوقف التعاون الاستخباراتيّ واللوجستيّ مع الرياض، ووقف بيع الأسلحة لها، وممارسة ضغوط على الحكومة السعوديّة لوقف قصفها الجويّ وانهاء حصارها لليمن إضافة إلى استئناف المساعدات الإنسانيّة لليمنيين.
ووفقاً لوقائع السنوات الماضية، لم تنجح مشاريع محمد بن زايد ومحمد بن سلمان التخريبيّة، رغم أنّ اليمن يعيش حرباً وحشيّة، وحصاراً خانقاً، وتدميراً ممنهجاً منذ سنوات، ولا يمكن لأيّ لغة في العالم أن توصف المشهد هناك، بعد أن قصفت الآلة العسكريّة لدول العدوان بنيته التحتية بشكل شبه كامل، واليوم يعول الجميع على شجاعة ومقاومة اليمنيين التي تستند إلى أخلاقهم الإنسانيّة والعربيّة والإسلاميّة في كل الميادين، فالعدو لا يمكن أن يخرج إلا بالسلاح والقوة، وإنّ تلك العواصم لا تفهم إلا “لغة الصواريخ” وهجمات المقاومين في اليمن على أراضيه التي تنعم بالخير والسلام مقابل إحلال الجحيم والموت والدمار على أراضي الغير.