ما هي التعبئة الجزئية التي أعلنتها روسيا؟ بعد أكثر من 200 يوم على الحرب الروسية الأوكرانية أعلن الرئيس فلاديمير بوتين الأربعاء، تعبئة جزئية بالجيش، هي الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، في وقت تحقق فيه القوات الأوكرانية مكاسب على الأرض.
والتعبئة العامة هي عملية تجميع قوات الاحتياط للخدمة الفعلية في أوقات الحرب أو الطوارئ الوطنية، وتحددها نوع ودرجة الطوارئ.
لكن التعبئة الجزئية، تحدث عندما يحشد الرئيس قواته استجابة للتهديدات الخارجية لأمن بلاده القومي لمدة لا تزيد عن 24 شهراً، وفق موقع “Military” الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية.
ويتعلق مفهوم التعبئة بعوامل كثيرة منها المكون العسكري والاقتصادي والبشري للدولة وسياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية وقدرة القوات المتحالفة معها وموقفها، والمهلة الزمنية المتاحة لتطبيقها.
وأعلن بوتين التعبئة الأربعاء في خطاب، اتهم فيه الغرب بالعمل على “تدمير روسيا” وممارسة “ابتزاز نووي” ضد بلاده، مهدداً باستخدام “كل الموارد المتاحة لدينا” للدفاع عن الأراضي الروسية. من جهتهم، رأى قادة غربيون أن القرار يظهر يأس بوتين وفشله في غزو أوكرانيا.
نص قرار التعبئة الجزئية
نص قرار إعلان التعبئة الذي نشرت مجلة “بوليتيكو أوروبا” نصه الكامل مترجماً بالإنجليزية ما عدا المادة السابعة منه وهي مفقودة في النص الروسي على: “وفقاً لقانون الدفاع الفيدرالي الصادر في 26 فبراير 1997 بشأن التدريب للتعبئة والتعبئة في الاتحاد الروسي وقانون الواجب العسكري والخدمة العسكرية الصادر في 28 مارس 1998 قررت إعلان التعبئة الجزئية في الاتحاد الروسي بدءاً من 21 سبتمبر 2022″.
ونص القرار في مادته الثانية على أن كل المواطنين المطلوبين للاستدعاء للتعبئة الجزئية يحملون صفة “أفراد عسكريين يخدمون في القوات المسلحة للاتحاد الروسي بعقود”.
ونظمت المادة الثالثة الرواتب التي سيتلقاها المطلوبون للتعبئة بموجب تلك العقود، فيما نصت المادة الرابعة على أن تلك العقود ستظل سارية حتى نهاية فترة التعبئة الجزئية، مع استثناء حالات التسريح من الخدمة العسكرية بموجب الأسباب التي حددتها المادة الخامسة من القرار.
وأمر القرار في المادة السادسة منه الحكومة الروسية بـ”أولاً: تمويل نشاطات التعبئة الجزئية”، وثانياً “اتخاذ الإجراءات الضرورية للوفاء باحتياجات القوات المسلحة للاتحاد الروسي والقوات الأخرى، وأي تشكيلات عسكرية أو هيئات خلال فترة التعبئة الجزئية”.
ومنحت المادة التاسعة من القرار حق تأجيل الخدمة العسكرية للمواطنين العاملين في منظمات تابعة للمجمع الصناعي العسكري الروسي. وأصبح القرار سارياً منذ تاريخ نشره.
300 ألف جندي احتياط
التعبئة الجزئية في روسيا يمكن أن تجعل الخدمة العسكرية إلزامية لملايين الروس الذين يمكنهم، في الوقت الحالي، تجنب التجنيد العسكري مرتين في السنة بسهولة، بحسب ما أوردته مجلة “فوربس”.
وفي هذا الصدد، قال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، الأربعاء، في تصريحات تلفزيونية إن روسيا سترسل 300 ألف جندي احتياطي لدعم حملتها العسكرية في أوكرانيا.
ولفت إلى أن هؤلاء الجنود سيحصلون على تدريب إضافي قبل نشرهم في أوكرانيا، وأن الاستدعاء لن يشمل الطلاب أو أولئك الذين خدموا فقط كمجندين.
وأشار وزير الدفاع الروسي إلى وجود 25 مليون مقاتل محتمل تحت تصرف الدولة الروسية، موضحاً أن الاستدعاء “لن ينطبق إلا على جنود الاحتياط ذوي الخبرة العسكرية السابقة”، موضحاً أن التعبئة “ستساعد روسيا على توحيد الأراضي التي تسيطر عليها خلف خط أمامي بطول ألف كيلومتر (600 ميل) في أوكرانيا”.
وقال في أول تحديث لموسكو عن أعداد ضحاياها منذ نحو 6 أشهر، إن “5 آلاف و397 جندياً روسياً قتلوا منذ بدء الصراع”، نافياً تأكيدات كييف والغرب بأن روسيا تكبدت خسائر فادحة، مشيراً إلى أن 90% من الجنود الروس المصابين “عادوا إلى خط المواجهة”.
شرط التعبئة
وينظم القانون الروسي عملية التعبئة ويحدد سلطاتها، ولإعلان التعبئة يجب أن تكون روسيا في حالة حرب رسمياً، حسبما ذكرت مجلة “The War Zone” المتخصصة بالشؤون العسكرية.
ورأت المجلة أن روسيا احتاجت لـ “ذريعة” لإعلان الحرب والتعبئة ووضع البلد بأكمله في حالة حرب مع أوكرانيا، وتمثلت هذه الذريعة في “الاستفتاءات المزمع عقدها بالأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها موسكو تمهيداً لضمها لروسيا” بحسب المجلة.
وقالت المجلة إن إعلان المناطق المحتلة مناطق روسية رسمياً يسمح للكرملين، بإعلان تلك المناطق “أراض روسية تحت هجوم أوكراني”. ولفتت إلى أن إعلان التعبئة يعتمد على ركيزتين أحدهما اقتصادية والأخرى عسكرية.
وتعبئة الاقتصاد هي الأساس لتعبئة عامة أوسع نطاقاً، إذ ينعكس ذلك في إعادة تنظيم وتحويل الصناعة والموارد الطبيعية والنقل والاتصالات إلى خدمة القوات المسلحة، وأنشطة الدولة واحتياجات السكان في أوقات الحرب.
وفي هذا الصدد، طلب الرئيس بوتين من حكومته توفير التمويل اللازم لزيادة الإنتاج العسكري من الذخائر والمعدات العسكرية.
آثار فورية
وتنطوي التعبئة على آثار فورية تتعلق باحتياطي المجندين في روسيا، إذ يمكن تجنيد أفراد آخرين، بمن فيهم ذوو المهارات المتخصصة، مثل الأطباء، وكذلك الأفراد العسكريين المسرحين، الذين تتراوح أعمارهم بين 27 و60 عاماً في القوات المسلحة.
وقد يواجه الخاضعين للتجنيد الإجباري “قيوداً خطيرة” على تحركاتهم، بما في ذلك قدرتهم على مغادرة البلاد.
ووفقاً لمعهد “تشاتام هاوس” البريطاني، فإن إجراءات التعبئة تشمل استثمارات كبيرة في شراء الأسلحة، وتحسين ظروف الخدمة في القوات المسلحة وصناعة الدفاع، وأنظمة القيادة والسيطرة وتعزيز التنسيق بين الوزارات، كما تنطوي على برنامج مكثف من التدريبات تشارك فيه أجهزة الأمن الداخلي والقوات المسلحة.
عقوبات للمجندين وأحكام عرفية
وأقر المشرعين الروس، الثلاثاء، تشريعاً ينص على أحكام بالسجن تصل مدتها إلى 15 عاماً بسبب الأفعال التي ترتكب في الحرب ومن بينها الاستسلام، وفق صحيفة “موسكو تايمز”.
ويُعاقب الجنود على الاستسلام الطوعي والنهب بالسجن لمدة 10 سنوات و 15 عاماً، على التوالي، مع إدراج “التعبئة والأحكام العرفية وأوقات الحرب” ضمن الظروف المشددة للعقوبة.
كما سيعاقب القانون الروسي الفرار أثناء التعبئة أو حالة الحرب بما يصل إلى 10 سنوات، فيما يُعاقب المعترضين على الخدمة العسكرية بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات.
وأدخل القانون مفاهيم “التعبئة، والأحكام العرفية، وزمن الحرب” في القانون الجنائي الروسي وهي مفاهيم لم يكن يتضمنها من قبل بحسب المحامي في مجال حقوق الإنسان بافيل تشيكوف، والذي جلب مسودة القانون وقت إعداده للعلن.
وكان مراقبون قد قالوا إن تمرير القانون يمهد الطريق أمام التعبئة العامة، في وقت تجهد فيه روسيا لتجديد قواتها في أوكرانيا.
وعلى مشروع القانون الآن الحصول على مصادقة مجلس الاتحاد، ثم توقيع الرئيس فلاديمير بوتين، ليصبح قانوناً، في خطوتين تُعتبران شكليتين، حسبما ذكرت وكالة “أسوشيتدبرس”.